Facebook

احتجز مديرك أو بع وظيفتك

أدي القلق الناجم عن الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت كافة اقتصادات العالم وكذلك الرهانات حول ما ستؤول إليه قمة الدول العشرين الاقتصادية في لندن من قرارات وعلاجات،إلى الشعور لدى الكثير من الفرنسيين بأن هذه الأزمة في الوقت ذاته شأن فردي، ولا بد من مواجهتها بأساليب هي ايضاً فردية، وتتفاوت هذه الأساليب بحسب المواقع الاجتماعية والإمكانات وبمدى تأثر هذا الشخص أو ذاك بالأزمة الحالية، ما يجعلها تتخذ أشكالاً مضحكة احياناً ومحزنة احياناً أخرى ،المهم أنها تمثل صرخة يأس وأسى ترصد مخاوف الكثير من شبح البطالة الذي بات يهدد ملايين الوظائف.
وفي ضوء التوقعات المخيفة لحجم البطالة المرتقب في فرنسا، فإن من يجد نفسه امام إمكان فقدانه عمله قد يلجأ أحياناً الى أساليب قصوى، لا تحل بالضرورة مشكلته وإنما تتيح له تنفيس الغضب العميق الذي في داخله، ومن أغرب رودود الأفعال تجاه تلك المخاوف ذكرت صحيفة الحياة اللندنية إن عمال مصنع «3M» للأدوية في بلدة بيتيفييه الفرنسية عندما تم إبلاغهم بخطة الصرف التي تشمل 110 وظائف من اصل 235 في مصنعهم، بدأوا بالتفاوض مع الإدارة حول التعويضات المتوجبة على المجموعة.
لكن خوفهم على المستقبل وعلى ما يمكن ان يحل بهم وبأسرهم، في ظل سوق عمل أكثر ضيقاً يوماً بعد يوم، حملهم على قطع المفاوضات واحتجاز مدير المجموعة التي توظفهم، لوك روسليه، على مدى يومين،إلا أن عملية الاحتجاز هذه لم تؤد بالطبع الى عدول المجموعة عن خطة الصرف، لكنها شكلت صرخة يأس وأسى سمعها الجميع بمن فيهم روسليه نفسه الذي صرح لدى خروجه من المصنع، بأن محتجزيه اكثر منه حاجة للمواساة وأنه كان على علم بالمجازفة التي أقدم عليها بمجيئه الى بيتيفييه.وسبق احتجاز روسليه، عملية مماثلة استهدفت احد مديري مجموعة «سوني» في منطقة ليه لاند، ايضاً بسبب خطة صرف مماثلة اعتُمدت نتيجة الأزمة، في المقابل، وفي خطوة توحي بأن من لديه بعض الإمكانات المادية، اكثر قدرة على تحمل الوطأة النفسية للبطالة، حوّل أحد كوادر الشركات الكبرى، فقدانه وظيفته الى بدعة. فطرح هذا الكادر نفسه للبيع بالمزاد على موقع «أي بيي» على الإنترنت، وقصد منطقة لاديفانس الباريسية حيث مقرات المؤسسات والمصارف الكبرى، حيث قام بتوزيع مناشير بهذا المعنى.
ونتيجة الضجة الإعلامية التي أُثيرت من حوله، قرر المفوض الحكومي الأعلى للتضامن الاجتماعي مارتان هيرش تكليفه بمهمة استشارية الى جانبه لمدة ستة أشهر،لكن الحظ لم يحالف كادراً آخر يبحث عن وظيفة، نشر إعلاناً مفاده انه يقدم مبلغ قدره 50 ألف يورو لمن يوظفه، وشرح خلال المقابلات التي أُجريت معه في وسائل الإعلام، انه كان يتقاضى قبل خسارته وظيفته 7 آلاف يورو شهرياً، وأنه يتعهد قبول أي وظيفة تُعرض عليه بأجر شهري يعادل 6 آلاف يورو، وباقتطاع مبلغ شهري من هذا الأجر، لحساب المؤسسة التي توظفه وصولاً الى مبلغ 50 ألف يورو.
وبدافع الحرص على تدارك مزيد من التراجع في عائداتها، لجأت عروض ترفيهية ومطاعم صغيرة، من بينها مطعم بوندي في مدينة ليون، الى العدول عن تسعير ما تقدمه لروادها، تاركة لهؤلاء تحديد قيمة ما استهلكوه.وبما ان الأزمة تسللت الى كل أوجه حياة الفرنسيين الذين يحسبون مئة حساب لكل ما ينفقوه، أشارت إحدى الصحف الفرنسية الى انها قد تؤثر في معدلات الإنجاب، وتدفعها مجدداً الى الانحسار، بعد الارتفاع الذي شهدته في السنوات الأخيرة، لأن تربية الولد تكلف ما بين مئة ألف و300 ألف يورو.
والانشغال بهذه الأزمة لم يعد يوفر أياً من الفئات والطبقات الاجتماعية، بدليل ان زوجة وزير الثقافة السابق ماري كارولين فيري، ظهرت في الصحف الفرنسية حاملة حقيبة يد صغيرة من تصميمها وتحمل عبارة "مادوف اخذ مني كل شيء" (أي المحتال برنار مادوف مؤسس إحدى شركات الاستثمار المالية الأميركية).
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق