Facebook

طبيب فلسطيني يروي مأساة شعبه بالإنجليزية


عن دار بلوتو للنشر بلندن صدر مؤخرا كتابا جديدا تأليف الطبيب حاتم كناعنة بعنوان (A Doctor in Galilee The Life and Struggle of a Palestinian in Israel) ، والكتاب صورة تنبض بمعاناة الألم الفلسطيني اليومي في الأراضي المحتلة وكما يرويها شاهد عيان على اتصال مستمر مع شرائح واسعة من العامة والخاصة.
كتاب كناعنة - وفق عرض بصحيفة "القدس العربي" اللندنية - لا يمثل فقط رواية صادقة للأحداث التي عاصرها أثناء عمله كطبيب بل يتعدى ذلك ليشمل مراجعة نقدية للذات من خلال رسالة إنسانية يقدمها لمجتمعه العربي في قريته.
ينقل حاتم كناعنة بروعة ما يحمله البيان الأدبي صورا تتجسد أمام القارئ للتعايش اليومي لمعاناة الفلسطينيين تحت وطأة عنصرية وتمييز عرقي تمارسه الدولة العبرية تجاه 150 ألفا هم من تبقى من فلسطينيي الجليل، والذين لم يكن لهم خيار سوى البقاء في أرضهم على أثر النكبة عام 1948 حين تم تشريد أكثر من ثلاثة أرباع مليون فلسطيني من أرضهم وديارهم ممن عاصر التطهير العرقي وتدمير القرى على أيدي العصابات اليهودية. يروي كناعنة ملامح صعوبة العمل كطبيب في قريته عرابة. فإلى جانب عمله الرسمي في وزارة الصحة والتي سهل التحاقه بها الاسم البراق لجامعة هارفارد، كان يعمل أيضا كطبيب لمجتمعه القروي البسيط، فبعد غربة دراسة امتدت 10 سنوات عاد الطبيب كناعنة في العام 1970 ليجد حال قريته عرابة الجليل يسير من سيء إلى أسوأ. فسياسات الدولة العبرية العنصرية كانت تجري على قدم وساق لمحاولة احتواء الخطر الديموغرافي الذي كان يشكل 'قنبلة موقوتة' حقيقية بالنسبة للمستوطنين أكثر بكثير مما شكلته 'قنبلة علبة الحلوى المزعومة'! فمعدل الزيادة والخصوبة الطبيعية لسكان الجليل الفلسطينيين كان أكثر من 6% سنويا في مقابل 1.5 % فقط للمستوطنين.
وقد أظهر استفتاء بين المستوطنين الإسرائيليين في العام 2003 أن أكثر من 57% يرغبون بأن تتخذ الدولة العبرية إجراءات فورية لترحيل الفلسطينيين قسرا إن لم يتركوا أرضهم طوعا، وفي استفتاء تلاه عام 2006 زادت هذه النسبة من العنصريين اليهود إلى 62%. وفي استفتاء لاحق أظهر أكثر من 68% من المستوطنين اليهود نزعات عنصرية بعدم رغبتهم في السكنى بجانب الفلسطينيين.
ولمحاولة سلطات الاحتلال تطويق مشكلة التنامي السكاني الفلسطيني فقد اتخذت حزمة من التدابير لترغيب المستوطنين بالإنجاب من خلال مكافآت مالية ومنح وزيادة المخصصات المالية لمواليد المستوطنين.
جميع هذه الممارسات والأحداث كانت تشكل الخلفية والمعاناة اليومية التي قدم إليها الطبيب كناعنة بعد غيبة في أمريكا حيث استجدت مجموعات من الصعوبات والمعاناة اليومية للفلسطينيين في الجليل وقريته عرابة، كان من أهمها غياب مياه الشرب وتقنين وصولها للأحياء الفلسطينية من قبل سلطة المياه الإسرائيلية، فيما كانت المستوطنات المجاورة تنعم بقدر وافر من المياه يوميا للشرب ولماشيتهم ومزارع القطن ومراعيهم الخضراء (!).
ويروي الطبيب : أمضى صبي لا يتجاوز عمره 15 عاما أسبوعا كاملا في السجن لتواجده في بلدة يهودية مجاورة (نهاريا)، أطفال يعانون سوء التغذية ونقص الحديد والبروتين والفيتامينات سأشتري لهم حليبا إن وفرت أمهاتهم البيض (تكتب ديدي)، حمى في كل مكان، ليس هناك جمع للقمامة من قبل بلدية الاحتلال، أعداد لا تحصى من الذباب، المجمع الطبي الوحيد بالقرية تفوح رائحة كريهة منه، المجاري فائضة والاستحمام غير منتظم والأطفال يلعبون في الوحل، الأدوية تباع في البقالات، ليس هناك تبريد للأطعمة والتسمم الغذائي شائع، الأطفال معصوبون 'بالملاءات' جيدا وبعيدا عن الشمس مع نقص فيتامينات 'د' الضرورية.
كما يروي الدكتور كناعنة التجاهل الصحي المتعمد من قبل سلطات الاحتلال تجاه العرب المقيمين في الأراضي المحتلة والذي وصفه "بالتمييز العنصري الصحي" أو "تسييس الصحة". ويخلص الدكتور كناعنة في كتابه إلى نتيجة جريئة بقوله:'لقد تراءى لي أنه يوجد شكل آخر من أشكال القتل الجماعي والمقصود يمارس ضدنا كعرب فلسطينيين، وهو قتل متأصل مزمن وخفي يتمثل في تعمد إسرائيل أن تتجاهل الرعاية الصحية للمواطنين العرب والذي يؤدي إلى تدهور صحة الكثير من الفلسطينيين وبخاصة الأطفال ، فنسبة وفيات الأطفال للعرب الفلسطينيين تبلغ ضعف النسبة لدى يهود اسرائيل منذ إقامة الدولة العبرية'.
ويعبر الدكتور كناعنة من خلال مقابلة حديثة معه تم إطلاع كاتب هذه السطور عليها، عن هدفه بالسعي حاليا لزيادة أعداد قرائه في الغرب وأمريكا لفضح سياسات اسرائيل. وقد دخل الكتاب ضمن الترشيحات لجائزة 'جورج اورويل' لعام 2009 في الكتابة السياسية وتم إدراجة ضمن قائمة طويلة من 18 كتابا من أصل 180 كتابا تقدمت للجائزة.
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق