Facebook

يهودي يكره نفسه

http://paltoday.ps/ar/uploads/images/d06ed9684f7b7b603f3350d582df1986.png   بالرغم من شيوع تهمة “يهودي يكره نفسه” (لاسامية الأنا) بين اليهود. وبالرغم من زيادة التجرؤ على توجيه هذه التهمة منذ قيام “عصبة مكافحة التشهير اليهودية” فان هذا المصطلح لم يصل الى الشهرة العالمية الا عندما تحول الى لقب يهودي لنعوم تشومسكي فشهرة هذا المفكر اعطت للمصطلح شهرته العالمية.


 
  والحقيقة ان ما يجعل من تشومسكي نموذجاً خاصاً لكره الذات اليهودية يتعلق بشهرته فهو اشهر المفكرين الاميركيين في العالم الثالث والدول النامية على الاطلاق. بغض النظر عما اذا كان يهودياً يحب نفسه او يكرهها.
  خصوصية تشومسكي كنموذج تأتي في رأينا من مجموعة عوامل غرائبية الىحد بعيد. حتى اننا نخشى ان يؤدي اختصارها الى زيادة غرائبيتها. لذلك نفضل تناول هذه العوامل من حيث تناقضها (ثنائيتها). وبما ان هذا المفكرهو نموذجنا الخاص على “لا سامية الأنا” فاننا سوف نستغل فرصة الحديث عنه لمناقشة مفهوم كره الذات نفسه. ولنبدأ بالتناقضات فاننا نستغل فرصة الحديث عنه لمناقشة مفهوم كره الذات نفسه. ولنبدأ بالتناقضات :
 
1 ـ المباهاة اليهودية
 
  اعتاد اليهود (واسرائيل في ما بعد بوصفها ممثلتهم الشرعية) على المباهاة والمفاخرة بمشاهير اليهود. والمساهمة في تسويقهم اعلامياً كنوابغ متفوقين. وكأنهم يثبتون عبر هؤلاء تفوقهم على الامم الاخرى. وتكريس اسطورة “شعب الله المختار”.
  وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن التناقض بين هذا الموقف وبين ميلهم، المتنامي منذ قيام اسرائيل، الى اطلاق تهمة لا سامية الأنا على بعض مشاهيرهم؟. خصوصاً بعد ان اعتادوا عبر قرون على تجاهل اية معارضة يظهرها هؤلاء النوابغ لليهودية. حتى لو وصلت الى درجة اعلان الالحاد. فالالحاد نفسه لم يكن يمنعهم من المباهاة باليهودي الناجح!
  فماذا يجري حتى يتحول اليهود لاطلاق هذه التهمة يمنة ويسرة؟
 
2 ـ المعايير الاسرائيلية لمحبة اليهودية
 
  يبدو ان الصهيونية لم تسيطر فقط على  الدولة التي اقامتها بل امتدت سيطرتها الى الديانة اليهودية نفسها. وهنا تبرز مفارقة سيطرة العلمانيين على الدين. كما تمكنت الصهيونية من اغراء الحاخامات للتواطؤ معها في امور تتناقض وفهمهم لاصول الشريعة اليهودية. وهذا التواطؤ يمتد، ولو بصورة مخففة، الى الحركات اليهودية المتطرفة. وهنا يبرز تناقض آخر يتجلى في تراجع الحاخامات عن بعض التعاليم الدينية لصالح العلمانيين.
  مثال ذلك ان تعريف اليهودي (وهو محدد بدقة في الشريعة اليهودية) تعرض الى خمسة عشر تعديلاً منذ قيام اسرائيل وحتى الآن. بل انه ينتظر تعديلاً جديداً يقترحه وزير العدل والاستراتيجي يوسي بيلين. وبذلك نرى ان معايير محبة او كره الذات اصبحت علمانية محضة! في الوقت الذي يختلف فيه الحاخامات حول تفاصيل دينية فرعية.
 
3 ـ محبة اليهودية ام محبة اسرائيل
 
  بالرغم من معارضة عدد من كبار اليهود الاميركيين لقيام اسرائيل وبالرغم من لا مبالاة معظم يهود الشتات بالممارسات الدينية اليهودية فان اللاوعي الجماعي اليهودي يحتضن ايحاءً صهيونياً مفاده ان اسرائيل هي ملاذ يهود العالم في وجه معاداة السامية. وهنا يبرز التناقض: هل يحب اليهود ديانتهم ام هم يحبون اسرائيل؟. وبمعنى آخر هل تحول الولاء من الدين اليهودي الى دولة اسرائيل؟. وهذا يستتبع تناقضاً آخر وهو الولاء لدولة علمانية مخالفة للشريعة؟. وهل يختلف هذا الولاء في ما لو تخلت اسرائيل عن سياستها الحالية؟
 
4 ـ ثنائية العواطف
 
  لو عدنا الى التحليل النفسي لوجدنا ان “كره الذات” هو احساس طبيعي يأتي بموازاة”محبة الذات” فيتكون التوازن النفسي نتيجة التناغم بين الاحساسين. وثنائية العواطف تمتد من الذات الى الخارج. فالفقيد ( لنقل ضحايا الهولوكوست) يكون محبوباً ومكروهاً في ذات الوقت. وكذلك العزيز المتعرض للتهديد (لنقل اسرائيل مثلاً) يكون بدوره محبوباً ومكروهاً في آن معاً (بالنسبة لليهود في هذه الأمثلة).
  وهذا التفسير لتهمة “كره الذات” يفقدها طابعها الاتهامي والتجريحي.وهو ايضاً يبرز حقيقة ان كاره الذات هو محب لها ايضاً.
  وتتدعم نظرية “ثنائية العواطف” بتطبيقها على جميع المتهمين صهيونياً بكره الذات. فهل كان فرويد كارها ًليهوديته وهو الذي لم يترك فرصة ممكنة لتهويد التحليل النفسي؟ وهل كان رابين يكره اسرائيل او اليهودية كي يستحق الاغتيال؟... الخ.
  ونصل الى تشومسكي الذي ينطلق من اختصاصه فيرى  زوال اسرائيل بسياستها الراهنة. فيعمل لانقاذ مستقبلها بالدعوة لتحويلها الى دولة ثنائية القومية ضماناً لاستمراريتها!. هل يمكن اعتبار تشومسكي بعد كل ذلك لا سامياً كارهاً لذاته؟ وهو الذي توصل الى تسريب فكرة الدولة ثنائية القومية حتى كادت تتحول الى مطلب عربي!
  ان تسرب أفكار تشومسكي الى القراء العرب يشكل صمام أمان لمستقبل الدولة اليهودية. واذا كان مثقفونا يحتفون بهذا المفكر وبانتقاداته فان لهذا الاحتفاء اسبابه العديدة المتداخلة. لكن ذلك يجب الا يحجب عن بالنا بأن تشومسكي بعدائه للصهيونية محب مغرم بدولة اسرائيل التي بقي يحلم بالإقامة فيها حتى اجبره نجاحه الاكاديمي على التخلي عن هذا الحلم. على اية حال فان الفضيلة الكبرى لتشومسكي في رأينا هي إقراره بضرورة المساواة(وهو يلتقي في ذلك مع مفكرين عرب ويهود عديدين ) وهذا الاقرار هو سبب اتهامه ووصفه بـ”اليهودي الذي يكره نفسه”. ولكن كيف استطاع تشومسكي ان يثير هذا القدر من العداء؟ وهل هذا العداء نتيجة السيطرة التي يتمتع بها اللوبي الصهيوني ام ام لذلك اسباباً اخرى؟.
 
1 ـ تشومسكي المتمرد
 
  منذ بداياته الاولى كان تشومسكي متمرداً فهو شارك في البداية في اعداد الشبان اليهود وارسالهم الى فلسطين (اي انه دعم الصهيونية في البداية) عبر مشاركته في منظمة “هاشومير هاتزائير” التي لم ينضم اليها بسبب تمرده. فقد كانت تحوي ماركسيين من التيار الستاليني وآخرين من التيار التروتسكي. وكان هو متمرداً على الاثنين معاً بالرغم من انه لم يكن يتجاوز العشرين من عمره. ثم بدأ خلافه مع الصهيونية بسبب دعوته للدولة ثنائية القومية. وهو تصور لاسرائيل يرده البعض الى مرحلة الدراسة الاعدادية لتشومسكي. وهكذا كانت بداية صدامه مع الصهيونية بسبب رفضه المبدئي لفكرة الدولة اليهودية ـ الدينية(1).
  وهكذا عاش تشومسكي حياته متمرداً وقصته اشبه بقصة الخفاش الذي ترفضه الفئران كما الطيور. فلا هو بالطير ولا هو بالفأر!. فهو شيوعي بالنسبة للاميركيين ومنشق بالنسبة للسوفيات. وهو يهودي بالنسبة لمعادي السامية وكاره لنفسه بالنسبة لمعظم اليهود.
  لكن الثمن الاكبر الفادح الذي يدفعه تشومسكي هو ثمن معارضته للتوجه الرسمي الاميركي. حيث يتم توجيه الاعلام لأفكار الجمهور في الاتجاه المناسب للسلطة. في حين يبدو تشومسكي وكأنه يأخذ على عاتقه فضح اساليب الخداع الاعلامي ومحاولاته الالتفافية للتأثير على الرأي العام. مما يجعل تشومسكي كاتاً شديد الخطورة على كبار الكتاب والصحافيين الاميركيين. فهو يفضحهم ويحرجهم امام الرأي العام ويقلل من فعاليتهم وفعالية اساليبهم اما السلطة. وبذلك نجح هذا المتمرد في استجلاب عداء كبار الكتاب والصحافيين الاميركيين لكاتاباته ولآرائه ولشخصه!. ويكتمل ديكور التمرد التشومسكي بالاهمال. فمظهره الخارجي في الجامعة يوحي وكأنه تلميذ كبير السن. فاذا دخلت الى مكتبه وجدته مهملاً عديم الترتيب ومضجر مع ستائر خضراء ممزقة … الخ. وفي النهاية يمكن تلخيص تمرده على الصعيد اليهودي بانه معاد للصهيونية وعلى الصعيد الاميركي بانه ناقد سليط اللسان لليبيرالية.
 
2 ـ كتابات تشومسكي السياسية
  ان عنف هذا الكتابات جعلت تشومسكي يتعرض الى ضغوط مختلفة المستويات حتى انه تلقى زيارات من اشخاص ينصحونه بالتخلص من افكاره الشريرة. وهي نصيحة ـ تهديد. يجيب عليها تشومسكي بالقول بان التمييز العنصري يصل الى تصنيف نقاد الليبيرالية. فاذا كان الناقد اسود البشرة ومن طبقات المجتمع الدنيا فانه يتعرض للتصفية الجسدية. اما اذا كان ابيضاً ويهودياً فانه يتعرض للاحتواء. وفي حال اصراره يمكنه ان يتحول من مفكر الى سائق تاكسي!
وننتقي من كتاباته تلك الناقدة لاسرائيل وبالتالي للصهيونية ونبدأ بـ
أ ـ قراصنة واباطرة(2)
  في بداية هذا الكتاب يروي المؤلف قصة محاكمة الاسكندر للقرصان واجابة هذا الأخير:”انت تسرق العالم فتدعى امبراطوراً وانا اسرق سفينة فادعى لصاً!؟”. انطلاقاً من هذه الحكاية يسرد تشومسكي المخالفات الاميركية للمباديء الليبرالية وطريقة تغطيتها في مقابل ضجة اعلامية فائقة لاية مخالفة يرتكبها الآخرون. مثال ذلك يقول” عندما تقصف اسرائيل مخيمات اللاجئين الفلسطينين وتقتل الدنيين او عندما ترسل قواتها الى داخل المدن اللبنانية فان ذلك يكون “مكافحة الارهاب”. في المقابل فانها حين تخطف السفن وتعتقل مئات الاسرى فان ذلك لا يكون إرهاباً!.
 
ب ـ مثلث الشؤم(3)
  وفيه يشكك تشومسكي برغبة اسرائيل في السلام ويورد الامثلة على رفضها لاية مبادرة سلام عربية وذعرها من هذه المبادرات. وهو يرى ان مبادرة الملك فهد للسلام (المنبثقة عن قمة فاس) قد اصابت اسرائيل بانعدام التوازن فلجأت لانتهاك المجال الجوي السعودي ثم قامت بعملية اجتياح لبنان(1982) لقلب الطاولة على اية مبادرة سلمية. والأهم من ذلك ان تشومسكي يعرض في هذا الكتاب جملة رؤى مستقبلية(ثبتت صحتها وصدقها مع الزمن) أهمها:
1 ـ رغبة اسرائيل في طرد اعداد كبيرة من سكان الضفة الغربية وتحويل اسرائيل على غرار جنوب افريقيا الى مجتمع البانتوستات(الاقاليم المتعددة). ـ (وهذا ما يحصل حالياً).
2 ـ يتوقع المؤلف ان تقوم اسرائيل بجملة خطوات انفرادية مخالفة لرغبة الولايات المتحدة ومصالحها.
3 ـ يؤكد ان الخلاف الجاخلي الاميركي يتمحور حول الاسلوب الافضل لحماية المصالح الااميركية في المنطقة العربية(الكلام قبل حرب الخليج الثاني).
 
ج ـ النظم العالمية قديمها وحديثها(4)
  وفيه ينفي وجود ما يسمى بـ “النظام العالمي الجديد” ويعتبر انه انتهى مع نهاية حرب الخليج الثانية. وعندما يتطرق الى موضوع دبلوماسية الشرق الاوسط(الفصل الرابع) يقول بأن علائم السلام العادل تغيب عن هذه الدبلوماسية وتهيمن عليها علائم رفض السلام والهروب منه وترافقه مباديء”سلام المنتصرين”. وهو يدين اتفاق اوسلو وينقل عن ميرون بنفسيتي قوله:” لقد طأطأ عرفات رأسه مرة اخرى اما خصمه القوي”. ثم ينتقل تشومسكي لانتقاد الفساد داخل منظمة التحرير ومنه لتعداد الانتهاكات الاسرائيلية لاتفاقات السلام. كما ينتقد تمويل الولايات المتحدة لبناء المستوطنات. ثم ينقل عن توماس فريدمان ـ نيويورك تايمز ـ قوله:”ان رسالة عرفات لرابين ليست فقط اعترافاً باسرائيل بل انها رسالة استسلام”.
  وتتلخص افكار الكتاب الرئيسية بالنقاط التالية:
1 ـ ان اسرائيل ليست جادة في دخول عملية السلام.
2 ـ ان اسرائيل غير مستعدة للاعتراف بحقوق الفلسطينيين.
3 ـ ان الفلسطينيين قد بالغوا في تقديم التنازلات(يصفها بالمذهلة).
4 ـ ان موقف الولايات المتحدة من عملية السلام هو موقف صلف وظالم.
 
د  ـ إعاقة الديموقراطية(5)
  وفيه يتهم تشومسكي الولايات المتحدة بانها تتصرف مع الآخرين وفق مبدأ خاص للحرية. فهي تقول للآخر:”انت حر لتفعل ما تريد ما دمت تفعل ما نريده نحن منك”. وهو يرى ان المعونة الخارجية الاميركية ليست احساناً ولكنها موجهة بهدف تعزيز هذا المبدأ ولتعزيز قدرتها على المنافسة الاقتصادية.
  ويورد المؤلف مثالاً ساخراً على أحادية سيطرة الولايات المتحدة فيقول بانه من الافضل ان يمد ثلاثة نشالين يدهم الى جيبك على ان يمد نشال واحد فحسب يده. اذ قد يختصم الثلاثة على تقسيم الغنيمة وبذلك يفسحو لك مجال المناورة.
  وتدور الفكرة المحورية للكتاب حول دعم الولايات المتحدة للدول غير الديموقراطية التي تنفذ أوامرها وتخدم مصالحها. في حين تعمل على تقويض واحتواء الديمقراطيات التي تعارض مصالحها. وهو يورد على ذلك سيلاً من الامثلة.
  وفي ما يلي نختار من كتابات تشومسكي بعض الانتقادات القاسية ونبدأ بـ :
1 ـ بعد ان تحولت الولايات المتحدة الى قوة عسكرية عقب الحرب العالمية الثانية. قامت في العام (1947) باستبدال تسمية (وزارة الحربية) بتسمية (وزارة الدفاع)! .
2 ـ تستأثر اسرائيل منذ العام 1978 وحتى الآن بما يتراوح بين 30 و50% من مجمل المساعدات الخارجية الاميركية. مما يحولها الىدولة متفوقة عسكرياً وتقنياً. مقبل عجزها عن تحقيق الاستقلالية والتنمية.
3 ـ ان حكومة السلفادور المدعومة امريكياً قتلت خمسين الفاً من مواطنيها دون ان يركز الاعلام على هذه الابادة. لكنه ركز في المقابل على تقرير لجنة العفو الدولية الت ياشارت الى قتل بعض الدول لـ 15 من مواطنيها!؟.
4 ـ يذكر بقول الصحفي الاميركي والتر ليبمان الذي قال عام(1921):”ان فن الديموقراطية يتطلب صناعة الرضا والقبول لدى الرأي العام”. مما يعني برأي تشومسكي الاحتيال على الرأي العام للحصول على تأييده. وهو يعلن تفضيله الدعاية التي تدار بالقوة على هذا الاحتيال. لان الدعاية في الدول التي تدار بالعصا هي دعاية واضحة وغير احتيالية.
5 ـ ان وجهة المصالح هي التي تقود السياسة الاميركية(في الداخل كما في الخارج) ومديرو هذه المصالح (سواء كانوا دولاً”مثل اسرائيل وايران سابقاً” او مؤسسات او حتى اشخاص) يمكنهم ان يؤثروا في السياسة الاميركية. وفي هذا المجال يوحي تشومسكي بدور اشخاص مثل:توم واطسون وماك جورج بوندي وجيمس روستون في اسقاط الرئيس نيكسون عبر فضيحة “ووبرغيت”.
6 ـ ان الولايات المتحدة تقدم حمايتها للدول الخليجية بذات الطريقة التي تمارس فيها المافيا مبدأ الحماية(حتى يتمنى الزبون ـ موضوع الحماية ـ زوال هذه الحماية ومواجهة الاخطار بدونها).
7 ـ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي باتت الولايات المتحدة راغبة في استعراض قوتها العسكرية وقدرتها على التأديب. لذلك فهي تعرقل وتعارض اي حل دبلوماسي لاية أزمة. ويعدد تشومسكي كأدلة على ذلك:” المعارضة الاميركية لحلول دبلوماسية في فيتنام ولاتفاقات كونتادورا وخطة ارياس للسلام في اميركا الوسطى(آب 1987) وكذلك الحلول السلمية للازمة العراقية الكويتية (وبمقدور تشومسكي اليوم ان يضيف عشرات الامثلة الاخرى ومنها مثال كوسوفو).
8 ـ في حال انعدام امكانية استعراض العضلات الاميركية عسكرياً يتم اللجوء الى الحرب الاقتصادية. التي يقول تشومسكي بأنها باتت ممارسة على نطاق واسع وبشكل يؤذي مئات الملايين من البشر.
9 ـ لقد تحولت استعراضات القوة الى هاجس لدى الرؤساء الاميركيين. حتى بات كل منهم يحاول التأسيس لحربه الخاصة. ويؤكد تشومسكي ان محاكمة هؤلاء وفق مباديء محاكمات نورمبرغ ستؤدي الىادانتهم كمجرمي حرب (يحصر التهمة بالرؤساء الاميركيين بعد الحرب العالمية الثانية ـ اي بعد تحول الولايات.
         بسبب هذه الآراء، وقائمتها تطول، اطلق الكسندر كوكبورن نكتة تقول:” ان اعظم تكبتين في تاريخ اميركا هما: 1 ـ بيرل هاربير و2ـ ولادة نعوم تشومسكي!”. خلاصة القول فان تشومسكي يبين بان العنف الاميركي الخارجي يتم على حساب خداع داخلي ومراوغة للشعب الاميركي. وهوما بدأ ينتج عنفاً اميركياً داخلياً. ومن هنا ظواهر مثل هوس التسلح وما يؤدي اليه من جرائم. حتى ان شباب بوسطن لا يعتبر احدهم نفسه رجلاً ما لم يصب برصاصة...الخ من التحذيرات التي اطلقها تشومسكي قبل سنوات من انفجار اوكلاهوما الذي مثل قمة العنف الداخلي الاميركي.
  اما عن اسباب الضيق الاسرائيلي بهذه الكتابات الناقدة للحكومة الفيديرالية فنتعرف اليها من خلال تصريحات زعماء الميليشيات البيضاء الاميركية القائلة باننا نعادي الحكومة الفيديرالية لانها واقعة تحت تأثير حفنة من اليهود... اننا نريد اميركا آرية ولا نريد اعراقاً اخرى في اميركا وخصوصاً اليهود.
  وتأتي كتابات تشومسكي لتغذي كافة النزعات الفوضوية الاميركية ولتثبت علاقة اليهود واسرائيل بالأزمات الاميركية. ومعاناة دافع الضرائب الاميركي من جراء دعم اسرائيل. وبهذا يكون تشومسكي العدو الاكثر فعالية للصهيونية. وهو يستعد لحضور مراسم دفنها وهو في السبعين. وبهذا فان تشومسكي رجل يحب نفسه ويحب اليهود ويعمل على انقاذهم من الصهيونية التي يكرهها. فهو اذاً كاره للصهيونية وليس لنفسه!. مع ان غالبية الاسرائيليين لا تزال مصرة علىالمساواة بين كره اليهودية وكره الصهيونية ونحن العرب لنا مصلحة في استمرار هذا الاصرار. كونه العنصرالتفككي الحقيقي للشيزوفرانيا الاسرائيلية. التي بدأت تترسخ ملامحها عبر تعمق صراع الهوية في اسرائيل.
 
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق