Facebook

"بيان" البرادعي الجديد يثير عاصفة من ردود الأفعال




البرادعي

القاهرة: تباينت ردود الأفعال على البيان الجديد للدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ،الذى أرسله إلى الصحف المصرية يعلن فيه استعداده للترشح لرئاسة الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2011، فى مقابل شروط محددة.

ففي الوقت الذي قوبل فيه البيان بهجوم عنيف شارك فيه إعلاميون ومسئولون ومعارضون، رحب آخرون بالبيان واعتبروه "طوق نجاة" للخروج من حالة الركود السياسي التي تخيم على مصر منذ سنوات .

ونبدأ بالهجوم العنيف الذي تعرض له البرادعي خاصة من النظام الحاكم أو المحسوبين عليه، حيث علق أحد رجال الحزب الوطنى الحاكم البارزين على البيان بالقول: "شروطه خيالية وبعيدة عن الواقع، لكن الرجل قيمة مصرية ولا تصح إطلاقا هذه المحاولات والكتابات لتشويه صورته".

وحسبما ذكرت صحيفة "الشروق" المصرية في عددها الصادر اليوم السبت، حظى البيان الجديد بحملة ضده على جبهات عديدة، بعد ساعات قليلة من نشره، شارك فيها إعلاميون ومسئولون ومعارضون، كانوا قد تسابقوا من قبل لتهنئة البرادعى بحصوله على جائزة نوبل معتبرين أنها "تقدير لجهود مصر فى مجال حظر الانتشار النووى ممثلة فى البرادعى"‏.

أبرز المعترضين جاءوا من صفوف النظام أو المحسوبين عليه معتبرين حديث البرادعى عن صياغة دستور جديد بمثابة "انقلاب دستورى"، رغم الاعتراف بأن ما يطالب به البرادعى هى "شروط غير غائبة عن الواقع السياسى المصرى".

وقال مسئول الحزب الوطنى: "لم يعد أمامنا وقت لتعديل الدستور"، جازما بأن "الرئيس مبارك سيكون مرشح الحزب فى انتخابات 2011".

وخرج الهجوم أيضا من صفوف المعارضة التى ترفع نفس مطالب البرادعى، فانتقد أحمد الجمال نائب رئيس الحزب الناصرى البرادعى الذى "لا يخفى عداءه لثورة يوليو، ويظن نفسه مندوب العناية الإلهية لإنقاذ مصر، وشروط الإنقاذ لا تنطبق على البرادعى".

أما فى حزب الوفد، فقد امتدح منير فخرى عبدالنور سكيرتير عام الحزب شخصية الرجل الوطنية، لكنه أضاف أنه "ليس من أنصار البرادعى"، فى حين تركت جماعة الإخوان المسلمون الباب مفتوحا كعادتها لكل الاحتمالات، بدعوى أن "الجماعة لم تتخذ قرارا نهائيا حتى الآن بشأن الرقابة الدولية على الانتخابات".

من جانبه، قال د‏.‏ عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة صحيفة "الاهرام" المصرية الحكومية في مقال له بالصحيفة تحت عنوان"حديث جاد مع الدكتور محمد البرادعي: "إننا لا نتعامل مع شخصية عادية يمكن أن يؤخذ كلامها حبا في الشهرة‏,‏ فقد حصل علي الكثير منها‏,‏ أو نفاقا لجماهير وجماعات‏,‏ فقد كان عليه في تجربته في الوكالة الدولية للطاقة النووية أن يتعامل بكرامة واعتزاز بالنفس مع قوي عظمي وكبري‏,‏ ومسلحة بالأسلحة النووية‏,‏ أو أنها في الطريق إليها‏".‏

اضاف: "الجدية التي تليق بصاحبنا هنا تبدأ بالمصارحة معه أن سبعة وعشرين عاما من البعد عن مصر تحتاج منه أن يلتقط أنفاسه قليلا بعد تجربة عريضة في منظمة دولية مهما كانت مرموقة‏,‏ فإن هناك فارقا كبيرا بينها وبين دولة وأمة ومجتمع يلخصها عنوان عريض في التاريخ اسمه مصر‏.‏ وأخشي ما أخشاه أن يكون صاحب التجربة العريضة في الخارج قد اعتمد في إطاره العام علي مجموعة الآراء والأصوات التي أتته من خلال ضجيج ذائع في مصر ساهم فيه انفجار في تكنولوجيا المعلومات‏,‏ مع درجة غير مسبوقة من الحرية السياسية‏".‏

وتابع: "رغم هذه الضوضاء فإن مصر لم تكن فراغا سياسيا أو اقتصاديا واجتماعيا خلال السبعة وعشرين عاما الماضية وإنما جرت فيها تغيرات عظمي ليس أقلها أن عدد سكان مصر قد أصبحوا الآن ثمانين مليون نسمة بعد أن كانوا أربعين في مطلع الثمانينيات‏".‏

وقال سعيد: "إن مصر ليست فتاة تنتظر فتاها المخلص القادم علي حصان أبيض من فيينا‏,‏ ولا هي الدولة التي يجري فيها التغيير بجرة قلم‏,‏ أو بناء علي رغبة فرد حتي ولو كان حائزا علي جائزة نوبل‏.‏ وكل ذلك لا يمنعني من الاتفاق مع الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مصر تحتاج إلي تغييرات دستورية جوهرية‏,‏ ولكن هذه التغيرات ينبغي لها أن تأتي من خلال نقاش وحوار مصري عميق بين القوي السياسية المختلفة التي تعبر أيضا عن مصالح متنوعة وليس استنادا إلي إشارة من بعيد استدعتها‏'‏ آراء وأصوات‏'‏ قادمة من جماعات مصرية لا يوجد مقياس واحد يقول بأنها تمثل حقا الشعب المصري‏".‏

كما واصلت صحيفة "الجمهورية" المصرية الحكومية هجومها الحاد ضد البرادعي، حيث زعم رئيس تحريرها في عددها الصادر اليوم السبت، ان البرادعي كان له دور في غزو العراق عام 2003 ، "عندما صرح في بيانه أمام مجلس الأمن في 27 يناير 2003 قبيل غزو الولايات المتحدة للعراق بأن فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يعثر "حتي الآن" علي أنشطة نووية مشبوهة في العراق، لكنه فجأة غير موقفه عقب اجتماع قيل إنه عقد مع كونداليزا رايس وقال إن هناك 377 طنا من المتفجرات مخبأة في العراق وأنه لم يعلن عنها في بيانه الأول لأنه لم يكن متأكدا من وجودها".

وقال رئيس تحرير "الجمهورية" : "ليس هناك اعتراض علي البرادعي كمواطن مصري حاز علي سمعة عالمية وشغل منصبا مرموقا. لكن الاعتراض علي الطريقة التي صاغ بها بيانه وشروطه التي تجعل قبوله الترشيح ضربا من المستحيل وسط هذا المجتمع.. المصريون البسطاء الذين لا يعرفهم البرادعي لا يقبلون أبدا من يفرض عليهم شروطا.. حتي لو كان عالما جليلا في حجم د.محمد البرادعي".

مرحبون بالبيان

من جانبها، توقعت الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" أن تقدم السلطات المصرية على خطوات من شأنها وضع العراقيل أمام لبرادعي تحول دون ترشيحه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات عام 2011 .

ووصفت الحركة رغبة عدد من أحزاب المعارضة ضم البرادعي بهدف ترشيحه للرئاسة بالخطوة نحو توحد قوى المعارضة حول مرشح واحد في مواجهة مرشح الحزب الحاكم .

وقال المنسق العام للحركة عبدالحليم قنديل لصحيفة "الخليج" الإماراتية إن النظام المصري لن يسمح للبرادعي بخوض الانتخابات الرئاسية من خلال أي حزب سياسي، متوقعا إقدام النظام على تجميد الحزب الذي يمكن البرادعي من الترشح لاعتبارات من أهمها أنه أصبح يلقى شعبية وسط النخب والجماهير المصرية ما يشكل خطرا حقيقيا في الانتخابات .

وأضاف قنديل إذا تمكن البرادعي من الترشح من خلال أي حزب سيواجه عقبات غاية في الخطورة من جانب السلطات تصل إلى تزوير الانتخابات .

بدوره، اعتبر جورج إسحق - القيادي بالحركة - بيان البرادعي خطاباً للنهضة وقال إن الخطوة القادمة هي تغيير المناخ وأن ما فعله البرادعي كسر الكثير من التابوهات.

من جانبه، أعلن ممدوح قناوي رئيس الحزب الدستوري ومسئول الجروب الرسمي لتأييد البرادعي علي الفيس بوك عن أنهم بصدد إصدار بيان تأييد جديد لمطالبه. ونقلت صحيفة "ألدستور" المصرية المستقلة عن المستشار محمود الخضيري - نائب رئيس محكمة النقض السابق - قوله: "إن علي البرادعي أن يضع يده في أيدي القوي السياسية حتي تتحقق مطالبها، مؤكداً أنه من الصعب جداً تكرار ما فعله النظام مع منافسين سابقين للرئيس مع الدكتور محمد البرادعي لأن أي تصرف غير محسوب معه قد يؤثر في النظام نفسه".

كما أكد المهندس أبوالعلا ماضي - وكيل مؤسسي حزب الوسط -ان ما قاله البرداعي برنامج تمهيدي لبرنامج انتخابي وبيانه يؤكد أنه يعيش ما يحدث في مصر والصورة واضحة تماماً أمامه.

إلى ذلك، فسر حسام عيسى أستاذ القانون والقيادى الناصرى ردود الفعل على بيان البرادعى بأن أحزاب المعارضة بأسرها هى "أجنحة من الحزب الحاكم، وظيفة كل منها التفاوض على 5 أو 6 مقاعد فى البرلمان، وانتهازية جماعة الإخوان تدفعها للتفاوض السرى مع النظام. لكن بعيدا عن هذا المشهد، ما المانع أن يأتى البرادعى وهو يحظى بمساندة شخصيات كبيرة، ويقترب من حلم الكثيرين بالتغيير"؟.

شروط البرادعي

جاء على قمة الشروط التى وضعها البرادعى لضمان نزاهة العملية الانتخابية أن يكون هناك "إشراف قضائى كامل، ورقابة دولية من الأمم المتحدة، وإنشاء لجنة مستقلة ومحايدة تشرف على العملية الانتخابية، ووضع دستور جديد يكفل الحريات وحقوق الإنسان".

وهى مطالب تطابق دعوات لقوى وطنية مختلفة منذ التعديلات الدستورية التى أجريت فى 2005 ثم فى 2007 لإعادة صياغة الدستور معتبرين الدستور فى شكله الأخير "يجعل شروط الترشح للرئاسة تنطبق على الرئيس مبارك أو نجله فقط وتعيق نزاهة الانتخابات".ووصف الفقهاء الدستوريون حينها التعديل بأنه "عوار دستورى".

وفى مقابل هذه الضمانات الخمسة لنزاهة الانتخابات التى جددها البرادعى، خرجت اتهامات خمس فى وجه الحائز على نوبل للسلام تقول إن البرادعى "محسوب على الأمريكيين ويحمل ضغينة لمصر، ويريد تفصيل دستور يحقق رغباته ورغبات خارجية ولديه جنسية مزدوجة وكان الأخير على دفعته بوزارة الخارجية".

فى حين أكد البرادعى لـ "الشروق" أنه "لا يحمل الجنسية السويدية ولم يكن يحملها فى يوم من الأيام، كما أنه لا يحمل أى جنسية أخرى غير الجنسية المصرية".

العوا يصف ترشيح البرادعي بـ العبث"

كان الدكتور محمد سليم العوا، أمين عام الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وصف في وقت سابق فكرة ترشيح الدكتور محمد البرادعى، أو الدكتور أحمد زويل، العالم المصرى الحاصل على جائزة نوبل، أو عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية، لرئاسة الجمهورية بأنها عبث.

وقال العوا، إن مسألة الترشيح فى الانتخابات واضحة، فالجميع يعلم إلى أين تسير الأمور، موضحاً أن البرادعى يمكنه خوض الانتخابات حتى لو لم تتحقق الشروط التى طلبها.

ونقلت صحيفة "المصري اليوم" عن العوا قوله: إن المجتمع، الذى لا يستطيع أن يجد قائداً له، يقع فى المشكلة نفسها عندما يكون لديه أكثر من قائد مؤهل لا يستطيع الاختيار بينهم، واصفاً البلاد العربية والإسلامية بأنها ديكتاتوريات، لا يخشى حكامها أحداً.

وشدد العوا على ضرورة تنبيه الحاكم ـ الرئيس حسني مبارك ـ إلى خطورة طرح ابنه ـ جمال مبارك، الأمين العام المساعد للحزب الوطنى ـ كمرشح للرئاسة، لأنه مسؤول عنه، كما فعل عمر بن الخطاب الذى رفض طرح ابنه عبدالله ـ رضى الله عنهما ـ ضمن الأسماء التى يختار منها المسلمون خليفة من بعده، وقال لهم "كفى آل الخطاب منها واحداً"، موضحاً أن رفضه كان لخوفه على نجله من المسؤولية التى سيتحملها أمام الله وهى أمر عظيم.

واعتبر الدكتور يحيى الجمل الفقيه الدستورى إن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون بمثابة ديكور إن لم يتم تعديل دستورى حقيقى يشمل المادة 76 التى وصفها بأنها خطيئة دستورية. وأكد الجمل، أنه فى حالة إجراء انتخابات حقيقية فإن البرادعى سيحصد أصواتا كثيرة، لكنه أشار فى الوقت ذاته إلى أن الانتخابات الرئاسية فى ظل الوضع الحالى لا ضمان لنزاهتها.



Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق