Facebook

ايران


فضيحة إيـــران غيـــت

هل وقع الإعلام الأميركي ضحية لمعلومات إسرائيلية مضلّلة؟

(كُتب بالاشتراك مع مارك بروزونسكي الخبير بشؤون الشرق الأوسط ونُشر في جريدة "بي فينال Bee Final " بسكرمانتو في 21 أكتوبر 1987).

في نوفمبر 1986 أخذت وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية تذيع أن فئات إسرائيلية قامت ربما بمساعدة من الحكومة الإسرائيلية بدفع إدارة ريغن إلى تزويد آية الله الخميني بالأسلحة.
وعندما قام المدّعي العام ادوين ميز بتأكيد الخبر في مؤتمره الصحفي المشهور بتاريخ 26 نوفمبر، نفى إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي بغضب أن تكون إسرائيل لعبت دور المحرّض والمشجّع في القضية. فما كان يخشاه المسؤولون الإسرائيليون هو أن يتخذ البيت الأبيض من إسرائيل كبش فداء في محاولة منه لشرح ما لا يُشرح للشعب الأميركي.
وفي يناير 1987 اشتدّ قلق إسرائيل عندما أتت اللجنة المختارة بمجلس الشيوخ الأميركي للنظر في قضايا المخابرات بالتفصيل على وصف الدور الرئيسي الذي قام به ديفيد كيمحي وأميرام مير، وحتى رئيس الوزراء السابق شيمون بيريز، في إقناع البيت الأبيض بإرسال الأسلحة إلى إيران واقتطاع جزء من الربح لتمويل الكونترا بنيكاراغوا.
ومما زاد في قلق إسرائيل أن هذه الفضيحة تكشّفت في أعقاب افتضاح أمر بولارد. وكان من الواضح أنه لا بد من عمل شيء لإزالة الانطباع المتزايد في أميركا بأن كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية استغلّوا سذاجة الإدارة الأميركية. فكلّفت الحكومة الإسرائيلية مورتيمر زكرمان بالقيام بهذه المهمة.
وزكرمان هذه تاجر عقارات وثري كبير معروف جيداً في الأوساط الإسرائيلية والأميركية اليهودية بسخائه في مساعدة إسرائيل. وحذا حذو مارتن بيريز الذي اشترى مجلة "نيو ريببلك New Republic " فقام بشراء عدد من المجلات والمنشورات الكبرى الأميركية بينها مجلة "يو. أس. نيوز أند وورلد ريبورت" Us New & World Report لأغراض من أهمها مساعدة إسرائيل في ميدان العلاقات العامة. وقد استطاع الإسرائيليون أن يتسللوا إلى مجلته هذه ويسخّروها لخدمة حملتهم الإعلامية للتضليل وتحريف الأخبار في أميركا. وحتى الآن لا يُعرف ما إذا كان زكرمان قد سمح لهم بذلك من تلقاء نفسه، أم أنهم استغلوا سذاجته في ذلك السبيل.
وفي أواخر السبعينات تراجع زكرمان عن تعهده بمد مجلة "نيشن Nation " بالمساعدات المالية لأنها نشرت مقالاً تُلفت فيه الأنظار إلى الروابط بين إسرائيل وجنوب أفريقيا، ورفضت الرضوخ لمحاولاته في حملها على تغيير تغطيتها لأخبار الشرق الأوسط. وفي عام 1982 وبعد أن اشترى زكرمان مجلة "أتلانتك" المعروفة بمستواها الرفيع ورصانتها صرّح بكل وضوح لجريدة "النيويورك تايمز" أنه بالرغم من حرصه على المحافظة على مستوى المجلة وخصوصاً على تمسّكها بالرأي الحر، فإنه لن يسمح بنشر أي مقال "يتحدّى حق إسرائيل في الوجود".
لكن يبدو أن ما كان يدور بذهنه يتعدّى هذا بكثير. فبعد أن اشتراها بوقت قصير قام بنشر مقال افتتاحي فيها عن حادث الهجوم الإسرائيلي على السفينة ليبرتي الذي أدّى إلى قبل أكثر من ثلاثين أميركياً. على أن المقال كان نموذجاً للتزوير والخداع أعدّه كاتبان إسرائيليان مشبوهان، وتجاهلا فيه التقارير السابقة الموثقة. وكان من الواضح أنهما كانا يرميان إلى إقناع الأميركيين بأن الحادث كان عرضياً لا مدبّراً.
لكن بعد أن اشترى "يو. أس. نيوز…" في عام 1984 بوقت قصير، أخذ المحررون يلاحظون أن الذي يقوم بإعداد المقالات التي تتناول شؤون الشرق الأوسط هيئة أبحاث وتقارير صحفية مركزها في القدس واسمها "دبث نيوز Depth New". ولم يكن يُعرف عندئذ شيء يُذكر عن هذه الهيئة سوى أن حلقة الوصل بينها وبين المجلة شخص اسمه جيورا شاميش. وفيما بعد عُلم أن أحد أركان الهيئة جنرال سبق له أن كان يعمل في المخابرات العسكرية الإسرائيلية.
ولم تلبث الشكوك أن أخذت تساور أولئك المحررين حول احتمال تورّط هيئة"ربث نيوز" مع الموساد. ومن ثم أخذوا يطرحون الأسئلة باستمرار عن هذا على ديفد جيرجن رئيس تحرير المجلة الذي سبق له أن كان مدير الاتصالات بالبيت الأبيض. لكنه أكّد لهم أن شاميش صحفي معروف ومحترم وأنه لا علاقة للموساد بالهيئة المذكورة.
وفي فبراير 1987 تلقّت المجلة (يو. أس. نيوز…) معلومات من "دبث نيوز" مفادها أن الدافع لعملية إيران- كونترا لم يكن مصدره الحكومة الإسرائيلية بكل الحكومة الإيرانية ذاتها. فطُلب من قسم الأخبار الخارجية في المجلة إعداد مقال افتتاحي يشرح بالتفصيل "لَسعة" الخميني لإدارة الرئيس ريغن. فلو صحّت المعلومات الواردة فيه – وأكثرها بعيد عن الصحة- فإنها تُبرّئ إسرائيل مما نسب إليها، وتصبح كالولايات المتحدة ضحيّة لدهاء الإيرانيين. وكما هو متوقّع فإن المقال أثار شكوك كثرة من المحررين.
وعندما تمّ إعداد مسودّة المقال أُرسل إثنان من هيئة تحرير المجلة وهما ستيفن إمرسون ومِل إلفِن إلى إسرائيل للتحقق من الوقائع التي وردت من "دِبث". على أنهما عندما عادا قالا بأنهما لم يستطيعا التحقق من تلك الوقائع، وطلبا فكّ ارتباطهما بالمقال.
وفي المراحل الأخيرة من إعداد المقال تمّ استدعاء شاميش من القدس وخُصّص له مكتب صغير لإنهاء التحقق من الوقائع الواردة فيه. وفي 30 آذار خصّصت المجلة عشر صفحاب لِ "لسعة الخميني الكبرى". وبالرغم من أن المقال يستشهد كثيراً بمراجع شرق أوسطية فإنه يخلو من أي إشارة إلى دور إسرائيل في عملية إيران- كونترا ولا يذكر على الإطلاق المصدر الرئيسي الإسرائيلي للمقال ولا كاتبه أو كاتبيه، وذلك لأن الذين أعدّوه رفضوا أي ارتباط به.
وقد بَلَغَنا أن زكرمان دفع لهيئة "دبث نيوز" مبلغ 35.000 دولار ثمناً للمقال. وأصبحت دبث في الأسابيع والأشهر التالية، بناءً على إصرار زكرمان وجيرجن، المصدر الرئيسي لتغطية مجلة "يو. أس. نيوز…" لأخبار الشرق الأوسط. وعُيّن شاميش محرراً بالمراسلة في المجلة على أثر نشر المقال وذلك لتوفير غطاء له في حال التساؤل عن صدقه.
ومنذ أن اشترى زكرمان مجلة "يو. أس. نيوز…" استقال منها نحو خمسين من المشاركين في إعدادها لأسباب أكثرها يتصل بعدم خبرته المهنية، وتصرفاته الدكتاتورية، وانحيازه في كل ما يتعلّق بإسرائيل. وترك المجلة عدد من أعضاء هيئة التحرير بسبب المقال عن "لسعة" الخميني. وأصبح من الواضح أن المحلة فقدت استقلالها السابق في معالجة شؤون الشرق الأوسط.
وقال أحد الذين تركوا المجلة : "لقد ترك الكثيرون منا العمل في المجلة لأنهم لم يريدوا الارتباط بمنشورة تستخدمها إسرائيل في تحريف المعلومات".
وعندما سئل جيرجن عن استقالات أعضاء هيئة التحرير نفى أن يكون أحد منهم قد استقال بسبب المقال- هذا بالرغم من أننا قابلنا عدداً من المستقيلين الذين قالوا عكس ذلك. كما أكّد جيرجن أنه لا يزال يؤيّد كل ما جاء في المقال. وعندما سئل عن اتصالات شاميش بالمخابرات بدا عليه الاهتمام والحرج وظل يُحيلنا على شاميش بالقدس.
وهكذا وبينما كان بولارد يقوم بفضح أسرار أميركا العليا، وبينما كان المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ومساعد كبير لرئيس الوزراء الإسرائيلي يزجّان البيت الأبيض في قضية إيران، كان الإسرائيليون على ما يبدو يتسللون إلى الصحافة الأميركية للتضليل. وفي النهاية كان الشعب الأميركي أو على الأقل أولئك الذين يقرأون مجلة "يو. أس. نيوز…" هم الذين لُسعوا.
6 . أربعون سنة من تجسس إسرائيل على الولايات المتحدة
(ذي كريستشيان سينس مونيتور- 22 مايو 1989)

الملف النووي الإيراني في الطريق إلى مجلس
الأمنعمليات الشد والجذب وسياسة حافة الهاوية تحتاج إلى قدرة في المراوغة و فهم حركة الواقع السياسي تبدو عمليات الشد والجذب بين الطرف الايراني والاتحاد الاوروبي وتحديدا الترويكا الاوروبية المتمثلة في بريطانيا وفرنسا والمانيا والتي ابرمت طهران معهم اتفاقا في اكتوبر (تشرين أول) 2003 والذي تم بموجبه توقف ايران عن تخصيب اليورانيوم قد وصلت الى مرحلة بالغة من الضغط اتبعتها الادارة الاميركية وعلى لسان الرئيس الاميركي جورج بوش بمزيد من الوعيد والتهديد باستخدام السلاح فيما على الطرف الشرق أوسطي اعلنت تل ابيب انها تجري استعدادات جوية لضرب تلك المنشآت.الطرف الايراني عمل منذ زمن على تأمين المحور الاوروبي وقام الدكتور حسن روحاني خلال السنوات الماضية بجهود حثيثة للتوصل الى جملة من التفاهمات اغضبت واشنطن وتمكنت طهران من سحب اوراق التهديد والضغط الاميركي طالما انها ماضية عمليا في المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي وايضا بمتابعة تعاونها مع الاتحاد السوفيتي والصين في رؤية سياسية استراتيجية تهدف لوضع مزيد من العراقيل امام الدعوات الاميركية الرامية لنقل الملف النووي الايراني الى مجلس الامن الدولي بغية استصدار قرار ملزم لايران او استخدام القوة العسكرية لتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي كما حدث مع العراق وعلى صورة مشابهة.في هذه الاثناء يتسلم احمدي نجاد سلطاته الرسمية ويشكل حكومته الجديدة وهناك مخاوف اميركية واسرائيلية من احتمالية عودة ايران الى مرحلة متقدمة من التطرف الراديكالي واستثمار الظروف الامنية الاقليمية حيث مازال الاميركيون يعيشون مأزقا أمنيا حادا في العراق وان ثمة رغبة اميركية في الانسحاب وتحقيق الامن والاستقرار واقرار الدستور العراقي واشراك السنة العرب، في الوقت الذي تتعالى فيه الاتهامات الاميركية لطهران بانها من مصادر تزويد المقاومة العراقية بالمتفجرات والقنابل.موقف الاتحاد الأوروبيما زال الاتحاد الاوروبي ـ وتحديدا فرنسا والمانيا ـ يرى بان رفع الملف النووي الايراني الى مجلس الامن يعني ضمنا تعقيد الموقف وانهاء المفاوضات الجارية معها وانهاء الدور الاوروبي الخاص في هذا الموضوع وجعله على الطاولة الاميركية، حيث يرى الاوروبيون ان الادارة الاميركية ستدُخل العالم مرة اخرى في نفق مظلم وسوف تزيد هذه العمليات من ارتفاع سعر برميل النفط ليصل الى 75 دولارا وان هذا الامر سيكون له توابعه الزلزالية على الشرق الاوسط والتي ستطال عمق اوروبا، حيث سيتمتع الارهابيون بفترة ذهبية جديدة تؤكد وتعزز مواقفهم من الغرب عموما بانه يقوم على سياسات مزدوجة ومعايير مختلفة الامر الذي دعا المستشار الالماني غيرهارد شرودر يرفض التهديدات الاميركية الى طهران والداعية الى استخدام القوة العسكرية فيما دعت روسيا المجتمع الدولي الى التوقف عن التصعيد في الملف النووي الايراني غداة صدور قرار عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يطلب من طهران وقف انتاج الوقود النووي.وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها اننا «مع دعمنا للقرار، الا اننا نعتبر ان خلق الظروف من اجل تهدئة الوضع وعودته الى اطار المفاوضات امر ضروري».غير ان اعضاء مجلس الحكام في الوكالة الدولية للطاقة الذرية البالغ عددهم 35، قد تبنوا بالاجماع الخميس الماضي قرارا اوروبيا يدعو طهران الى التوقف عن انتاج الوقود النووي وهو ما اعتبرته طهران بالقرار المستغرب والمفاجئ بسبب وجود مجموعة من التفاهمات التي قطعت بين الطرفين الايراني والاوروبي، فيما تؤكد مصادر اوروبية بان هناك اتفاقا دوليا ومحاولة اوروبية للضغط على احمدي نجاد الرئيس الايراني الذي تسلم مهامه رسميا والذي يعتبر من المقربين الى التيار الايراني المحافظ المعروف عنه رفضه التخلي عن الخيار النووي ويعدونه حقا لهم، لحمله على توقيع اتفاق يتم بموجبه فعلا تخلي ايران نهائيا عن عمليات تخصيب اليورانيوم مقابل ضمان وصولها الآمن الى الطاقة النووية المدنية، وتنمية التجارة والاستثمارات وتطوير النقل والتكنولوجيا، الامر الذي وصفته طهران بانه غير مقبول ولا يمثل الحد الادنى، غير ان ايران تطالب بان تتضمن هذه المقترحات ضمانا اوروبيا لأمن ايران من التدخل الخارجي ومساعدتها في التنمية وفق خطط وشروط واضحة ومتزامنة وحقها في تخصيب اليورانيوم للاغراض السلمية، مما دفع الترويكا الاوروبية لدعوة حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية للاجتماع بعدما رفضت ايران تلك المقترحات.فن المراوغة والاستنزاف الإيرانيالايرانيون عملوا مع الاوروبيين على نظام المجسات والتوريط والاستنزاف حيث منح الايرانيون اوروبا والترويكا الاوروبية وعودا وتطمينات وحققوا تفاهمات لم تصل الى الدرجة النهائية وهي الدرجة التي تعتقد طهران بانها لن تكون بسهولة ما لم تكون هناك ضمانات لإيران وفقا لصفقة تاريخية كما يعول الايرانيون على حدوث تبدل في السياسات الدولية فالموقف الالماني على رفض استخدام القوة العسكرية وكذلك رفضت الصين عمليا احالة الملف النووي الايراني الى مجلس الامن إضافة لموقف روسيا الدولة التي اسهمت في بناء القدرات النووية الايرانية يشعل الاجواء ويزيدها سخونة وتعقيدا وهو ما تعول عليه ايران التي تدرس كافة مراحل وخطوات الازمة وابعادها الدولية والقانونية فقد اعلنت الصين رسميا وعلى لسان سفيرها في الامم المتحدة وانغ غونجغيا قوله ان القضية تتطلب حلا دبلوماسيا وعلى وكالة الطاقة ان تجد السبيل الى ذلك بديلا عن مجلس الامن، جاء ذلك وسط تهديدات اميركية بالدعوة الى احالة الملف الايراني على مجلس الامن في الشهر المقبل.ايران من جهتها تميل الى توظيف تلك المعطيات الى اقصى درجة وفقا لسياسة حافة الهاوية التي قد تعيد انتاج الاتفاقات على نحو آخر، حيث تؤكد الدوائر الايرانية بان احتمالية تعرض طهران لضربة عسكرية غير ممكنة في الوقت الراهن وان حدث هذا سيوسع دائرة انعدام الامن ويضاعف المأزق السياسي للادارة الاميركية، خاصة وان لطهران ادواتها الخارجية الفاعلة التي من المتوقع ان تسهم هي الاخرى في زيادة ومضاعفة حالة التوتر والقلق الامني في العراق والعديد من دول الشرق الاوسط وهو ما تأخذه الادارة الاميركية بالحسبان، كما ان ايران تمتلك قدرات عسكرية كبيرة وان حدوث قصف جوي للمفاعلات النووية الايرانية يعني اشتعال الشرق الاوسط، عدا عن ذلك فإن كثرة التلويح بالتهديد تضاعف هي الاخرى حجم التطرف في الشارع الايراني ولربما في السياسة الايرانية التي تدرك ايضا بأن من بين الاستراتيجيات الاميركية في المنطقة مضاعفة حالة التوتر والقلق لدى السياسة الايرانية الداخلية والخارجية واستنزافها. الملف النووي ومجلس الامنعمليا يعني رفع الملف النووي الايراني الى مجلس الامن اتخاذ قرار دولي ملزم لطهران للتراجع عن عملية تخصيب اليورانيوم والتطلع للحصول على السلاح النووي ولربما تطول المسألة كثيرا ويفرض على ايران حصار اقتصادي دولي سيؤثر حتما عليها وعلى تعاملاتها الخارجية وعلى علاقاتها الدولية وهو عمليا ما تتطلع اليه واشنطن وتتمناه، حيث عمدت الادارة الاميركية الى ايصال رسائل تهديد لطهران بأنها لن تسمح لطهران بناء اسلحة دمار شامل وان على ايران ان تعتبر من جارتها العراق، خاصة بعد تصاعد مطالب ايرانية بضرورة مواصلة عمليات التخصيب وازالة الاختام الموضوعة على مختبرات التخصيب في اصفهان، غير ان هذه الضوضاء لم تدفع الايرانيين، لارتكاب حماقات سياسية قد تستخدمها واشنطن ضدهم في المستقبل وهم الاكثر براغماتية في التعامل السياسي في مثل هذه القضايا المعقدة، حيث حرص الطرف الايراني على الغطاء القانوني الدولي، في ان تتم ازالة الاختام باشراف الوكالة التي تريد نصب كاميرات اضافية للمراقبة.واعلنت اخيرا انها ستنهي ذلك بحلول منتصف الاسبوع الحالي. إلا ان الايرانيين يضغطون من اجل انهاء الامر بأسرع وقت.وكانت احدى لجان البرلمان الايراني قد طالبت في وقت سابق باستئناف النشاطات النووية الحساسة في تحويل اليورانيوم من دون اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما ان لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الايراني الذي يهيمن عليه المحافظون تبنت بيانا كان قد طالب بالشروع في التحويل قبل اجتماع الوكالة.المخاوف الايرانية واضحة من اعادة تفعيل دور مجلس الامن في قضايا من هذا النوع اذ غالبا ما تكون مرتبطة بعوامل سياسية اميركية على وجه الخصوص، حيث يؤكد ذلك عباس خاميار المحلل الاستراتيجي في طهران ان الملف الآن هو حاجة امريكية قوية في هذه المرحلة، فالملف الايراني ـــ دائماً كان يلعب دوراً هاماً في السياسة الامريكية وهذا يدعونا لاستذكار موضوع اسقاط الرئيس كارتر عندما أدخل الملف الايراني في الانتخابات الاميركية لاحتجاز الرهائن الاميركان في السفارة الاميركية بطهران لمدة 444 يوماً، بعد عدة سنوات سقط رئيس جمهورية اميركي آخر بسبب ايران كونترا ـــ ايران غيت ان صح التعبير، اتصور هذه مادة سياسية جيدة للاميركان خاصة ان بوش هو بأمس الحاجة لها في هذه المرحلة، وتأتي هذه الاهمية بعد تورط الولايات المتحدة في المستنقع العراقي، ووجود طروحات داخل الادارة الاميركية أولا للانسحاب من المدن العراقية وبدء الحملة الاميركية على ايران.خليج النفط والأزماتبهذا الوضع فإن الازمة وتصاعدها حتما ستقترب من جوهر الامن الخليجي فهي في دائرة الحدث لو اخذ التصعيد منحى جديا ومجلس التعاون الخليجي يدرك خطورة الازمة على أمنه الوطني والخليجي، حيث ترى اوساط خليجية بأن اشعال فتيل الازمات في المنطقة يعني مزيدا من القلق والتوتر الامني، خاصة ان المستنقع العراقي لم يجف بعد وان مخاطر اللجوء الى العمل العسكري من شأنه مضاعفة اسعار النفط من جهة ومن جهة اخرى زيادة معالم التهديد الخارجي المتمثل باحتمالية الرد العسكري الايراني، خاصة ان وزير الدفاع الايراني المقرب من الامام علي خامنئي ومن الرئيس نجاد قد هدد بضرب القوات والقواعد الاميركية في دول الخليج وتحديدا العراق وقطر والاسطول الاميركي في الخليج مما يؤدي الى اعادة وضع الخيارات الامنية والعسكرية في سلم الاولويات على حساب اولويات داخلية طال انتظارها، ويتوقع الخبراء في الخليج بأن هذه الظروف ستعزز وجود الطيف السياسي الراديكالي على حساب قوى المجتمع المدني وانها ايضا تخلق ظروفا ايجابية للتطرف والعنف والارهاب في المنطقة الذي لطالما اتهمت فيه الولايات المتحدة دول الشرق الاوسط بالقصور في محاربته واجتثاثه لتعمل هي على احيائه من جديد، اما على صعيد الدول العربية فإن هناك اهمية تدعو الدول العربية للتحرك عمليا للمطالبة مجددا بتنفيذ ما جاء في قرار مجلس الامن الدولي 687 لعام1991باعتبار منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل، بدلا من عمليات الاصطفاف السياسي التي قد تفرضها واشنطن محدثة قطيعة بين الطرف العربي والايراني، خاصة ان مجرد تهديد الامن القومي الايراني فإن ثمة تداعيات اخرى سترتبط به ولا تقل عنه اهمية .
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق