الحرب تصبح خاسرة إن هي فقدت الأخلاق....
يوليوس قيصـر
عبارة محفورة على تمثال نصفي ليوليوس قيصر في المتحف الإيطالي. وهي تمثل عبرة تاريخية. فلكي تقنع شعبك بخوض حرب تعرض حياة أبنائه لخطر الموت عليك أن تقدم له أسباباً أخلاقية تبرر تلك الحرب. وهذا ما فعلته إدارة بوش بإستغلالها ذرائع اسلحة الدمار الشامل العراقية وعلاقة العراق بالقاعدة وذرائع أخرى انهاها تصريح البرادعي بان العراق لم يكن ليضرب لو انه ملك السلاح النووي.
هكذا سقطت الذرائع الأخلاقية للحرب الأميركية على العراق فأصبحت الحرب خاسرة.
وهذا ما يترجمه إطلاق الجنود الاميركيين لغرائزهم العدوانية وممارستها بصورة وحشية على الأسرى العراقيين. عداك عن لا أخلاقية إيقاع 700 قتيل مدني في يوم واحد في الفلوجة ومن ثم قصف النجف الأشرف. لقد فقد الأميركيون أخلاقهم بصورة فاضحة ففقدوا الحرب.
بإختصار لقد قامرت إدارة بوش بكل الرصيد الأخلاقي الأميركي ومعه بكامل المصداقية الأميركية. فهي خرجت على الأمم المتحدة ومجلس أمنها وعلى حلف الناتو وتعديلاته الإستراتيجية والعلاقة مع الأصدقاء العرب والشرق أوسطيين بمن فيهم تركيا. كما أن هذه الإدارة لم تحترم تعهدات الولايات المتحدة تجاه الصين ودول الإتحاد الأوروبي وحتى تجاه الهند وإسرائيل. والأهم أن اللاأخلاقية الأميركية وصلت الى حدود الوحشية بالتعامل مع الأسرى وإنتهاك كل القوانين الدولية بهذا الخصوص. وليست فضيحة سجن أبو غريب فضائح التعذيب الاميركي والإيهام بالغرق سوى قمة رأس جبل الجليد في هذا النوع من الفضائح.
في هذه الظروف يأتي أوباما ليقود دولة فقدت أخلاقها قبل فقدانها لحروب ونفوذ وقدرات عسكرية. وهو لا يستطيع بحال ان يقود هذه البلاد في اية حرب مهما كانت مبرراتها ودوافعها. في المقابل لا يمكن لأوباما كشف الحقائق المخيفة تاركاً رعبها للتاريخ ومستتراً بالوقت ريثما يكشف عنها. والرئيس الجديد يجد نفسه في مستنقعات لا يمكن الخروج منها بدون حروب جديدة يجب تلزيمها للأفرقاء المحليين من أصدقاء اميركا لعجزها عن خوض هذه الحروب بنفسها.
في هذا الإطار جاء اجتماع اوباما مع الرئيسين زرداري وكرزاي وكلفهما بشن الحرب في منطقة القبائل الباكستانية. وجاء التكليف بعد تفسيرات واضحة بان الادوار الخاضعة التي كان يطلبها بوش استبدلت بادوار فاعلة ومواجهة. ورفض هذه الادوار يعني نهاية الادوار السياسية لفريق كرزايات بوش.
المعلومات الاولية تقول ان حروب بوش قد اسقطت مليون قتيل وملايين الجرحى والمعوقين وجيش من العملاء ممن يكرهون انفسهم ومواطنيهم وبلادهم وأصولهم. فما هي المعلومات المتوافرة بالمقارنة عن حروب اوباما المحب للعرب والمسلمين والساعي لمصالحتهم؟.
تقول المعلومات ان عدد مشردي معركة سوات يقارب الخمسة ملايين شخص يعيشون في مخيمات ضمن ظروف غير انسانية. وتقول منظمات الإغاثة الدولية ان هذه الملايين لن يمكنها العودة الى ديارها في الشتاء المقبل بسبب الدمار الذي احدثته الحرب والذي لا يمكن اصلاحه خلال هذه الفترة.
اما عن أعداد قتلى سوات فالمعلن منها لغاية الآن بلغ ثلاثة آلاف قتيل دون إحتساب قتلى الغارات الاميركية المستمرة على المدنيين الباكستانيين. والثمن أن السيد أوباما أعلن مضاعفة المساعدة الاميركية لباكستان شرط مثابرتها على الحرب. كما يدخل في الصفقة تثبيت زرداري رئيساً لباكستان. هذا اذا لم تدخل باكستان حرباً أهلية تخرجها من نادي الدول النووية وتحولها الى الدولة الأكثر بؤساً في العالم.
وبما ان الحروب بالوكالة مربحة ومريحة فقد قرر الرئيس الجديد فتح حرب أهلية جديدة في الصومال حيث قال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية الجمعة 26/6 إن بلاده قدمت خلال الأسابيع الستة الماضية 40 طنا من المعدات العسكرية والذخيرة للحكومة الصومالية التي وصفها بالمحاصرة، وذلك دعما لها في مواجهة العناصر الإسلامية المتشددة التي تخوض معها قتالا بين الحين والآخر. وتابع المسؤول الذي رفض الإفصاح عن هويته قوله: "إن الولايات المتحدة رصدت ما يقرب من عشرة ملايين دولار لتقديم المساعدات العسكرية تلك، كذلك لمساعدة بعض الدول في تدريب عناصر القوات الصومالية الحكومية لخوض المعارك ضد المتشددين. وهكذا بات بالإمكان تأكيد تحول النزاع الصومالي المحدود لغاية الآن بحر عصابات الى إقتتال أهلي أصعب من الحرب الباكستانية.
بالإنتقال الى لبنان نجد انه خاضع لمبدأ الثورات الملونة حيث نسف استقرار البلد يوكل الى شعبه بعد تدريب فرق ميدانية محلية على قيادة التظاهرات والاحتجاجات وبعد استبدال التضحيات العسكرية بتمويل كاف لممارسة السفه. ولبنان مستمر في هذه الخانة من الاهتمامات الاميركية لوجود ممولين لحالة السفه التي يعيشها. فيما توقف الدعم الاميركي عن جورجيا واوكرانيا وغيرها. حتى ان الرئيس الجورجي كتب في نيوزويك مستغيثاُ بعنوان "اين اصدقاءنا الاميركيين؟" ولم بجد مجيباً.
وهنا سؤال يطرح نفسه من منطلق الحرص على لبنان وأهله وهو حول الموقف الاميركي من تحول الوضع اللبناني الى الصدام بدل التلوين؟. ولا نعتقد ان اوباما قد يعاود ارسال المدمرة كول الى الشواطيء اللبنانية ليسحبها بعد ساعات كما فعل بوش في احداث بيروت. ذلك ان هذه المناورة لاتدخل في اطار حروب اوباما الجديدة. التي باتت بحاجة الى الرصد بعد تنحية الأخلاق الاميركية وإقالتها والإعتماد على تفجير الاحقاد الداخلية والتناقضات الوطنية والعرقية والطائفية والمذهبية. وذلك إعتماداً على طموحات أشخاص يكرهون أنفسهم ويودون تجميلها اما بمنصب ما أو بحفنة من الدولارات المتهاوية في الاسواق العالمية.
ان قتلى ما قبل وحول وما بعد الانسحاب الاميركي من المدن العراقية يحتاج الى عداد جديد خاص بضحايا أوباما في العراق كي لا يجري الخلط بينهم وبين ضحايا بوش.
نحتاج لتركيب عدادات تسجل لنا اعداد ضحايا حروب اوباما الجديدة في كل الدول التي حارب فيها بوش ونأمل الا تضطرنا سياسة ابتعاث نائب اوباما بايدن للعبث في الانتخابات اللبنانية لتركيب عداد اضافي في لبنان بعد تحول برلمانه الى منتجع تكلف الاقامة فيه عشرة ملايين دولار للمنوب الواحد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق