"علي بونجو" يشعل مخاوف التوريث في مصر
جمال مبارك
واشنطن - وكالات: ذكرت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أن انتخابات الرئاسة فى الجابون التى أسفرت عن فوز "علي بونجو" نجل الرئيس الراحل عمر بونجو بالرئاسة ما يقارب من ثلاثة أشهر، قد أثارت قلق الكثير من المصريين بشأن إمكانية تكرار مثل هذا السيناريو ووصول جمال مبارك مبارك نجل الرئيس الأمين العام المساعد للحزب الوطنى الحاكم، وأمين لجنة السياسات إلى السلطة خلفا لوالده عبر انتخابات رئاسية.
وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير نشرته امس الجمعة تحت عنوان "توريث الحكم في الجابون يثير المخاوف من نسل الرئيس مبارك"، إن انتقال السلطة في الجابون - والذي يتزامن من اقتراب الانتخابات الرئاسية في مصر- يثير قلق ومخاوف الكثيرين من احتمال أن ينافس جمال مبارك علي مقعد الرئاسة ويحتل مكان والده، مؤكدة أن المصريين مقتنعين الآن بأن جمال مبارك الذي انضم للحزب الوطني عام 2002 ويرأس لجنة السياسات فيه سوف يخلف والده في الحكم خلال الانتخابات التي ستجري عام 2011.
وأضافت الصحيفة أنه مع متابعة الصحف المصرية تطورات الوضع في الجابون وملابسات انتقال الحكم إلي الرئيس الجديد علي بونجو أن هناك تساؤلات متزايدة حول إمكانية حدوث نفس السيناريو ومستقبل مصر بعد الرئيس مبارك.
وأشارت الصحيفة إلي ما نشرته العديد من الصحف المصرية المعارضة والمستقلة حول احتمال أن يتكرر السيناريو الانتخابي لعلي بونجو في مصر لمصلحة جمال مبارك نجل الرئيس، حيث توجد فرصة لجمال أن يجلس مكان والده في حياته فقط، لأنه سيفقد كل الدعم الذي يحتاجه في حالة رحيل والده أو مغادرته السلطة.
وحسبما ذكرت جريدة "الدستور" المصرية المستقلة، أشارت "لوس أنجلوس تايمز" إلي أن الكثيرين من كتاب مصر المثقفين يرون أن هناك فرصة كبيرة أمام النظام المصري لتمرير نفس السيناريو، فالبعض يري أن النظام يزرع الآن عددا من القيادات السياسية المعارضة المزيفة والضعيفة ليكونوا وسيلته لتمرير الحكم إلي جمال مبارك من خلال انتخابات مزيفة، في إشارة إلي بعض القيادات المعارضة الموالية للنظام والتي ستساعد في تزيين صورة النظام المصري بعد نقل السلطة.
في نفس السياق، يقوم الحزب الوطنى الحاكم في مصر بإجراء استطلاع للرأى أثناء إجازة عيد الفطر لعرض نتائجه على المؤتمر السنوى للحزب الذى ينعقد نهاية شهر أكتوبر الجاري.
وستقوم بالاستطلاع المسمى "استطلاع مؤتمر الوطنى السادس"، إحدى الجهات البحثية لصالح الحزب، وسيطرح ستة أسئلة، آخرها يتعلق بجمال مبارك وشعبيته لدى المواطن المصري.
وكان استطلاع للراي اجرى بين أعضاء الحزب الوطنى والوحدات القاعدية المنتخبة الأخيرة قبل شهرين، أظهرت نتائجه أن شعبية مبارك الابن داخل الحزب مرتفعة بشكل كبير جدا.
والهدف من الاستطلاع الجديد هو قياس شعبيته "خارج الحزب". وسيجرى الاستطلاع فى 8 محافظات فقط ويشمل 4000 عائلة.
ويتعلق السؤال الأول في الاستطلاع بالبرنامج الانتخابى للرئيس المصري حسني مبارك، وما إذا كان المواطنون يشعرون بتنفيذه.
فى حين تدور الأسئلة من الثانى إلى الخامس حول الخدمات المقدمة من الحكومة مثل البنية الأساسية والخدمات المباشرة ومدى استحسان المواطن لها وعن أداء نواب الحزب الوطنى فى البرلمان ومدى شعبيتهم فى دوائرهم، "هل تعرفه وماذا قدم لك؟".
بالإضافة إلى سؤال عن مدى تقبل المواطنين لسياسات التربية والتعليم. والسؤال الخامس مرتبط بالمؤتمر السنوى للحزب، توصياته السابقة ورقم المؤتمر القادم وماذا يريد منه المصريون؟.
ولا يخفي الدبلوماسيون الغربيون فى القاهرة اهتمامهم بما يصفونه "بالدور المتنامى لجمال مبارك" في الحياة السياسية المصرية. كما أنهم لا يعبرون عن نفور من فكرة خلافة مبارك الابن لمبارك الأب.
ورغم نفي محمد كمال وهو مسؤول في الحزب الوطني الحاكم ما يتردد عن خلافة جمال لوالده ، إلا أن صحيفة "الفايننشال تايمز"البريطانية أكدت أن خلافة جمال لن تثير مقاومة لدى المصريين أو غضبا جماهيريا، فالمصريون لا يشاركون في اختيار قادتهم والمؤسسة الحاكمة هى التي تتخذ القرار".
وأوضحت الصحيفة أن جمال في حال وصوله إلى الرئاسة ، سيواجه ملفات شائكة أبرزها الفساد والبطالة والفقر ، حيث أن 40 بالمائة من المصريين يعيشون عند أو تحت خط الفقر ، كما يجب خلق 650 ألف فرصة عمل سنويا في مصر لاستيعاب العمالة الجديدة وليس لتقليص حجم البطالة القائمة.
وأشارت إلى أن مبارك طالما دأب على رفض تعيين نائب له ، كما يرفض التكهنات القائلة إنه يعد نجله جمال لخلافته ، ورغم نفي مبارك ، فإن جمال يستعد لخلافة والده رئيسا للبلاد ، وأبرزت مميزاته ، قائلة :" جمال رجل بنوك سابق وهو عضو بارز في الحزب الوطني الحاكم حاليا واحدى القوى المحركة وراء الاصلاحات الاقتصادية خلال السنوات الخمس الأخيرة.
مبارك و"توريث" نجله مبارك ونجله جمال
كانت التصريحات التي أدلى بها الرئيس المصري حسني مبارك لبرنامج "تشارلى روز" الأمريكى خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الشهر الماضي، وخاصة المتعلقة بقضية توريث حكم مصر المثيرة للجدل، قد أثارت الشكوك مجددا حول تهيئة جمال مبارك لخلافة والده.
واعتبر الكثير من السياسيين والحقوقيين المصريين تصريحات الرئيس وعدم تفكيره فى أن يكون ابنه خليفة له فى الحكم، "نقطة خادعة"، ولا تعتبر حسماً لملف التوريث.
وقالوا: "إن تصريحات مبارك التتى أدلى بها خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، لا تخرج عن الكلام السياسى، خاصة أنه لم يعط تأكيدات حول موقفه من تولى نجله للسلطة فى مصر من عدمه، أو حتى توليه هو نفسه الحكم لفترة ولاية مقبلة بعد عامين من الآن، وهو ما يزيد من غموض الأوضاع والحياة السياسية خلال الفترة المقبلة".
وكان مبارك صرح بأنه مازال من المبكر الحديث عن مسألة ترشحه للرئاسة لفترة أخرى، مشيرا فى حوار أجراه معه المذيع الأمريكى تشارلز روز على قناة "سى. بى. إس" الأمريكية إلى أن الحديث عن ترشيح جمال مبارك للرئاسة هو لمجرد البروباجندا لتوجيه النقد للنظام" وأن الموضوع خارج تفكيره تماما.
وقال مبارك إنه لم يتخذ قرارا فى شأن ترشحه للرئاسة حتى الآن، وحول اعتقاده بمن يخلفه فى حالة عدم ترشحه رد الرئيس قائلا "ليس الذى تفكر فيه" فى إشارة إلى أمين لجنة السياسات جمال مبارك.
واضاف: "إن الجدل الذى يثار حول ترشيح جمال مبارك للرئاسة الغرض منه البروباجندا وفرصة لتوجيه النقد الدائم للنظام المصرى". وأضاف "هذا الأمر ليس فى ذهنى على الإطلاق".
على صعيد آخر، أفردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية افتتاحيتها أمس لنشر تقرير حول الجلسة الافتتاحية المقبلة للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، قالت فيه إن الاجتماع الذي سيعقد في نيويورك من المقرر أن يحضره عدد من الحكام الذين يحكمون بلادهم منذ فترة طويلة، والذين عرفوا بأنهم طوال فترات حكمهم - الممتدة- يتخذون مواقف متشددة من المعارضة السياسية داخل بلادهم.
وحسبما ذكرت "الدستور"، تعرضت الصحيفة الأمريكية للرئيس مبارك في تقريرها، مؤكدة أنه من بين 20 دولة يحكمها رؤساؤها مدي الحياة - ولا يتم اختيار غيرهم حتي وفاتهم- توجد مصر التي يحكمها الرئيس حسني مبارك - البالغ من العمر 81 عاما- منذ أكثر من 28 سنة ويديرها حاليا من خلال فترة حكمه أو ولايته الخامسة، مشيرة إلي أن مصر انحدرت في عهد الرئيس مبارك إلي حد غير مسبوق من الفساد والقمع، حيث بلغت مصر المرتبة 128 من بين 195 دولة من حيث درجة حرية الإعلام والرأي والتعبير.
وأضافت الصحيفة أن نفس الأمر تكرر وحصلت مصر علي درجة منخفضة في مستوي النزاهة والشفافية، حينما أعدت منظمة الشفافية العالمية تقريرها الأخير والذي أجرت فيه مسحا علي الدول الأقل شفافية والأكثر فسادا - والعكس- والذي تناولت فيه الأوضاع في نحو 180 دولة ظهرت مصر فيها في مركز متأخر، وانتقدت الصحيفة الوضع الديكتاتوري المسيطر في مصر وبعض الدول الأخري، موضحة أن البعض يربط بين الحكم مدي الحياة - بالنسبة لحكام مثل الرئيس مبارك الذي يسيطر علي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية - وبين الحفاظ علي الاستقرار في البلاد، في حين أن هناك وجهات نظر تخالف ذلك، خاصة بعدما أدرك المثقفون والأكاديميون أن تزايد حرية الإعلام والصحافة في معظم دول العالم مرتبطة بتراجع معدلات الفساد فيها.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق