المقدمة:
مما لاشك فيه إن للإنسان عقلاً يسعى من خلاله إلى الكشف عن حقائق الأمور والإلمام بمختلف المظاهر والظواهر . الامر الذي دعاه الى إيجاد وسيلة مثلى يشبع من خلالها فضوله ويشفي بها غليله فكان لابد من ظهور ما يسمى بالألة الإعلامية أو وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأصنافها . وفي هذا الاطار فإن الثورة الإعلامية أو تكنولوجيا الإعلام التي يشهدها العالم قد قلبت كل الموازين وأضحى الإعلام ركيزة أساسية في بناء الدولة بل بات يعتبر من مقومات ورموز السيادة الوطنية ، بحيث صارت أول خطوة في إنجاح أي إنقلاب لابد من الإستيلاء على مقر التلفزة والإذاعة مما يؤكد دور ومكانة وأهمية هذا الأخير والحديث هنا عن الانقلاب من باب اظهار اهمية الاعلام في بناء الدولة ليس الاّ ، حيث أن زمن الانقلابات اصبح في خبر كان . ولان "الإعلام أداة فاعلة ومنظومة متكاملة " ، فلا بد من تفعيل ادائه لترسيخ بناء الدولة وترسيخ الثوابت الوطنية لديها ولدى مواطنيها .
في الحقيقة، عندما نقرأ ما يكتب حول مفهوم الإعلام، يستفاد من ذلك أن هذا المصطلح يعني بصفة عامة، نشر الأخبار والمعلومات والإعلانات على الجماهير عن طريق وسيلة ما من وسائل الإعلام (1). غير أن هذا التعريف المتداول وغيره من التعريفات المختلفة، التي يكاد يحسبها الكثيرون جامعة مانعة، هل من شأنها أن تبين حقيقة مصطلح الإعلام بدقة ووضوح، لاسيما في العصر الحديث حيث صار الإعلام يتخذ أبعادا جديدة، يلتبس فيها الثقافي بالسياسي، والعلمي بالأيديولوجي، وما إلى ذلك!
إن التحول العميق الذي شهدته حياة الإنسان في العصر الحديث، اعترى مختلف المستويات والجوانب، فلم يكن الإعلام بمنأى أو منجى من ذلك، بقدر ما كان العنصر الأكثر حظا من ذلك التحول، كيف لا؟ وقد كان نفسه طرفا مشاركا وفعالا في تحول العالم وتبدله، فلم يعد الحديث عن الإعلام باعتباره مجرد آلية لتوصيل الخبر، وإنما بوصفه قوة لازوردية تؤثر بشكل سحري في الجمهور، ومن ثم تساهم في تشكيل أفهامهم وتوجيهها، كما أنه لم يعد الحديث عن الصحافة باعتبارها سلطة رابعة، وإنما سلطة أولى!
على هذا الأساس، فإن مفهوم الإعلام توسع أكثر، فاقتصرت تعريفاته اللغوية والاصطلاحية العتيقة على المعاجم والبحوث الأكاديمية التقليدية، أما الدراسات الإعلامية الحديثة، فلا تلتفت إلى تلك التعريفات المستهلكة، بقدر ما تربط مفهوم الإعلام بالواقع المعاصر، وما يعتريه من أحداث ومستجدات سياسية واقتصادية وثقافية وتكنولوجية، مما سوف يجعل مفهوم الإعلام يتخذ دلالات جديدة تحيل على السلطة والقوة والتأثير والهيمنة والسيطرة وغير ذلك. فصاحب كتاب (المتلاعبون بالعقول) هربرت أ. شيللر، يفسر في مقدمة الكتاب، كيف يتحول الإعلام من جهة أولى، إلى عملية تضليل، ومن جهة ثانية إلى أداة قهر وقمع! فعندما "يعمد مديرو أجهزة الإعلام إلى طرح أفكار وتوجهات لا تتطابق مع حقائق الوجود الاجتماعي، فإنهم يتحولون إلى سائسي عقول، ذلك أن الأفكار التي تنحو عن عمد إلى استحداث معنى زائف... ليست في الواقع سوى أفكار مموهة أو مضللة!". ثم "إن تضليل عقول البشر هو، على حد قول باولو فرير، "أداة للقهر". فهو يمثل إحدى الأدوات التي تسعى النخبة من خلالها إلى "تطويع الجماهير لأهدافها الخاصة"." (2) وقد توقف المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي في كتابه (السيطرة على الإعلام)، عند جانب الدعاية المضللة للإعلام، فرأى أن مواجهة تمرد القطيع/الشعب في الدولة الشمولية أو العسكرية يتم بسهولة تامة، إذ "فقط عليك أن تمسك بهراوات فوق رؤوسهم، وإذا خرجوا عن الخط ما عليك إلا أن تحطم تلك الهراوات فوق رؤوسهم، ولكن في مجتمع أكثر ديمقراطية وحرية، فقدت هذه الوسيلة، فعليك إذن اللجوء إلى أساليب الدعاية والمنطق، فالدعاية في النظام الديمقراطي هي بمثابة الهراوات في الدولة الشمولية، وهذا أمر يتسم بالحكمة".(3) أما المفكر المغربي د. المهدي المنجرة، فيدرك بعمق أن مفهوم الإعلام هو أكبر مما تحدده المعاجم، فهو حسب فهمه "المادة الأولية للمعرفة باعتبار أن المعرفة إعلام قد تم تركيبه وتأليفه حسب تصور معين"(4)، وقد أصبح الإعلام يتجه حاليا إلى تحويل مجتمع الإنتاج الصناعي إلى مجتمع إعلام ومعرفة، فترتب عن ذلك أنه صار "مصدر تفاوت وتسلط سياسي وتفوق عسكري وهيمنة اقتصادية وثقافية"(5).
ما هي أهم شروط الإعلام المنشود؟
في خضم هذه الرؤية، نشأ لدي وعي أكيد بأن الاستمرارية السليمة، لا تتحقق في العصر الحديث إلا للأمم والشعوب التي تملك إعلاما متوازنا وقويا، وهذا الإعلام لا يتشكل فجأة، وإنما ينبثق من تراكم علمي ومعرفي، يشهد بتجارب وإنجازات سابقة مهدت تدريجيا لنشأة هذا الإعلام القوي وتشكله. هكذا فإن آفة العالم العربي والإسلامي تتحدد في غياب إعلام قوي، يؤدي أكثر من وظيفة حضارية، بدءا بمحو الأمية... وصولا إلى الدعوة المنظمة إلى الإسلام. مما فتح الباب أمام الغزو الإعلامي الأجنبي، فأصبح العالم الإسلامي كله حقل تجارب لكل من هب ودب، من الشرق أو من الغرب!
لذلك، ليس أمامنا إلا أن نمضي على هذا النحو، ونحن كلنا إيمان بأنه لم يبق في أيدينا إلا رهان واحد، يمكن أن نبين من خلاله حقيقة حضارتنا الإسلامية؛ للذات وللآخر، للحاضر وللمستقبل، لأننا جربنا كل الرهانات من دبلوماسية ومقاطعة ومواجهة وتبعية وغير ذلك، غير أننا فشلنا فشلا ذريعا! وهذا الرهان، هو رهان الإعلام، لكن ليس أي إعلام!
ترى بأي إعلام نستطيع أن ننفتح على الآخر، فنتمكن من إيصال حقيقتنا الدينية والحضارية إليه؟ في واقع الأمر إن ذلك الإعلام، الذي يمكن وصفه بالقوي والمتوازن، يقتضي جملة من الشروط، التي تتحدد أهمها كالآتي:
النهج العلمي: والمقصود به حضور البعد العلمي في الأداء الإعلامي والصحافي، الذي من شأنه أن ينظم المعرفة الإعلامية، مبنى ومعنى، مضمونا وأسلوبا، فيجنبها السقوط في الإسفاف والعشوائية، لاسيما وأن أغلب ما ينشر ويبث في وسائل الإعلام يفتقد العلمية والتنظيم والدقة، لذلك فهو يندرج في نطاق ذلك الخطاب الإخباري أو الدعائي المرحلي، حيث قلما نصادف الصحافة العلمية، ليس فيما يتعلق بجانب المحتوى فحسب، وإنما بجانب الأداء كذلك.
الحس الموضوعي: ويعني طلب الموضوعية باعتبارها "دراسة الظواهر كأشياء لها وجودها الواقعي الخارجي ومنفصلة عن كل ما هو ذاتي شخصي كالآراء المسبقة والرغبات والنزعات والأهواء الشخصية"(6). فما أحوج إعلامنا العربي والإسلامي إلى الابتعاد عن العاطفة والانفعال، وتجاوز لغة الانطباعات إذ أن معظم ما يقدمه الإعلام العربي والإسلامي، يظل حبيس دائرة الخصومات الشخصية والصراعات الأيديولوجية، حقا إن هذه الأمور يمكن أن تشكل مضامين إعلامية ساخنة وجادة، غير أن ذلك يقتضي أداء واقعيا خلوا من الآراء التنميطية المسبقة والأهواء الشخصية والسياسية.
تحري المصداقية: وكلمة المصداقية مشتقة من الصدق، وهي تعني مطابقة القول للعمل، أي أن ما يقوله الإنسان وما يعد به، ينعكس في أعماله وسلوكاته، وما ينطبق على الإنسان ينطبق كذلك على الإعلام، الذي يتحتم عليه أن يكون صادقا في نقله لقضايا الواقع، غير أنه قلما نجد وسائط إعلام تضع في الحسبان جانب الصدق، فثمة من الوسائط من يطوع تلك القضايا ويوظفها لأغراض إيديولوجية وسياسية، وثمة من يروج مغالطات لا أساس لها من الصحة والواقعية، لذلك نشأت في أذهان الناس مسلمات تحط من قيمة الإعلام، ولا تحسبه إلا ناقلا للأراجيف، ومسوقا للشائعات.
الرؤية المتوازنة: ويراد بها أن يشمل الإعلام جوانب الحياة ومجالاتها كلها، فلا يهتم بمجال معين على حساب مجال آخر، كالرياضة أو السياسة أو الأخبار اليومية، كما نجد في أغلب وسائل الإعلام العربي والإسلامي، في حين يكاد ينعدم الإعلام التربوي أو التعليمي، ويقل إعلام الطفل، وغيرهما. هذا على المستوى العام، أما على المستوى الخاص، الذي يعني به التوازن الذاتي لكل وسيلة إعلام على حده، سواء أكانت جريدة أم إذاعة أم قناة أم موقع رقمي أم غير ذلك، فينبغي أن تشمل تلك الرؤية كل حيثيات تلك الوسيلة، من شكل ومضمون وأداء وآليات وما إلى ذلك.
بصيرة الاستشراف: إن الإعلام لا يقف عند وصف الكائن ونقله فحسب، وإنما يضيف إلى ذلك خاصية أساسية وهي التوقع بما سوف يحصل، واستشراف الممكن، ولا تتأتى هذه الخاصية إلا لذلك الإعلام الموجه والمتمكن، الذي يكتسب مع مرور الأيام وتراكم التجارب، بصيرة استشرافية تستشعر بناء على أحداث الواقع ومعطياته، كيف سوف يكون المستقبل القريب أو المتوسط، وبنسبة أقل المستقبل البعيد.
الدور الإعلامي فى تحقيق التنمية البشرية
إن الاقتصاديين يكثرون من استعمال عبارة التنمية، التي يقصدون بها رفع مستوى الدخل القومي بزيادة متوسط إنتاج الفرد، لكن هذه العبارة لم تبق محصورة في المجال الاقتصادي، بقدر ما نزحت نحو أغلب حقول العلوم والمعارف الإنسانية، فيطلق على أية طريقة تستهدف تحسين وضعية ما أو تطويرها، من حالة الرداءة إلى حال الجودة والعطاء تنمية، التي يعبر عنها في المعاجم اللغوية بتكثير الشيء وزيادته؛ فتنمية النار في إشباع وقودها، وتنمية التجارة في رفع أرباحها ورأسمالها، وتنمية الجوار في تطوير العلاقات فيما بين الدول المجاورة، وهكذا دواليك.
وقد تناول د. إبراهيم العيسوي قضية التنمية في كتابه (التنمية في عالم متغير)، حيث تعرض إلى التطور التاريخي لهذا المصطلح، يقول: "إذا تتبعنا تطور مفاهيم التخلف والتنمية، فسوف نجد أنها قد مالت في أول الأمر إلى التركيز على جانب النمو الاقتصادي وما يتحقق فيه من إنجاز. فقد كان التعريف الشائع للبلدان النامية منذ أواخر الأربعينات حتى أواخر الستينات أنها البلدان التي ينخفض فيها مستوى الدخل الفردي كثيرا بالقياس إلى مستواه المتحقق في البلدان المتقدمة. وعرفت التنمية بأنها الزيادة السريعة والمستمرة في مستوى الدخل الفردي عبر الزمن".(7) إلا أنه سوف يكتشف بأن هذا المفهوم الذي يختزل التنمية في مجرد النمو الاقتصادي السريع، ضيق وغير صائب، لأن ثمة بلدانا نامية عديدة، كما يستخلص الباحث، حققت معدلات نمو للدخل القومي قريبة من المعدل الذي حدده خبراء التنمية، غير أنها بقيت مستويات المعيشة بها متردية، وظلت الكثير من قطاعاتها تتخبط في الفقر والجهل والمرض والتخلف. (8) على هذا الأساس، فإن مفهوم التنمية سوف يحافظ على البعد الاقتصادي، وفي الوقت ذاته يضيف إليه أبعادا متعددة، وهكذا فإن خبرة الخمسينات والستينات سوف تساعد "على صقل المفهوم الأوسع للتنمية، بتحجيم دور العنصر الاقتصادي في مفهوم التنمية (أي النمو الاقتصادي)، وبإبراز دور الجوانب المؤسسية والهيكلية والثقافية والسياسية".(9)
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المؤرخين لمفهوم التنمية يميزون بين ثلاث مراحل أساسية مر بها هذا المفهوم، وهي على التوالي:
مرحلة الفكر الرأسمالي: وتعتبر فيها الحرية الفردية من أهم دعامات النموذج الرأسمالي، الذي يمنح الفرد حرية تكاد تكون مطلقة، على حساب الجماعة، وتشمل هذه الحرية مختلف ممارسات الحياة وجوانبها، كالدينية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وقد ارتبط ظهور مفهوم التنمية في الفكر الرأسمالي بما هو اقتصادي، حيث يتمتع الفرد بالحرية في نشاطاته الاقتصادية، ولا تتدخل الدولة فيها، إلا بشكل جزئي، عندما يتعلق الأمر بالضرائب، أو بالحماية النسبية من المنافسة. وقد سعت العديد من دول العالم الثالث، بما فيها المنطقة العربية، إلى استيراد النموذج التنموي الرأسمالي، غير أنها لم تفلح في أن تستنبته بشكل سليم ومثمر في مجتمعاتها النامية، بقدر ما ظلت تتخبط في مأزق التبعية للعالم الرأسمالي، وانتظار معوناته الاقتصادية والفكرية والتكنولوجية، فكانت النتيجة أن فشلت معظم مشاريع التنمية المستوردة من الغرب.(10)
مرحلة الفكر الاشتراكي: إن النموذج الماركسي جاء كرد فعل على التوجه الرأسمالي الغربي، فسعى حثيثا إلى استبدال أغلب مبادئ الرأسمالية ومقولاته، برؤى مثالية جديدة، وقد انطبق ذلك أيضا على مفهوم التنمية، إذ يذهب الاشتراكيون التقليديون إلى أن التغيير الواقعي لا يتم إلا بالتنمية الاجتماعية الموجهة، اعتبارا بأن التغيير في الفكر الماركسي لا يتأتى إلا عن طريق الثورة، والانقلاب الجذري على المنظومة الاجتماعية القديمة، وتعويضه بتركيبة مجتمعية جديدة، تتأسس على الجماعة وليس على الفرد، كما في النظام الرأسمالي.
التوجه الجديد: الذي أصبح فيه الإنسان أكثر وعيا بأهمية المجتمع المدني في تنمية الواقع الذي ينتظم فيه، وقد أدت منظمة الأمم المتحدة دورا مفصليا في نشر هذا النوع من الفكر، من خلال مختلف التقارير والمنشورات والمواثيق التي تصدرها، ويتحدد مفهوم التنمية لديها في أنها "ليست بالعبء، وإنما هي فرصة فريدة - فهي تتيح، من الناحية الاقتصادية، إقامة الأسواق وفتح أبواب العمل؛ ومن الناحية الاجتماعية، دمج المهمشين في تيار المجتمع؛ ومن الناحية السياسية، منح كل إنسان، رجلاً كان أم امرأة، صوتاً وقدرة على الاختيار لتحدّي مسار مستقبله".(11)
وما يسترعي الانتباه أن أغلب المنظرين العرب والمسلمين لمفهوم التنمية، يقتصرون في ذلك على التفسيرات الغربية، كما أنها هي وحدها الموجودة، وأن الإنسان لم يتمتع بوعي تنموي إلا في ظل الحضارة الغربية الحديثة، في حين أن الدراسات التاريخية تشير، بشكل أو بآخر، إلى أن مفهوم التنمية قديم قدم الإنسان، وأن أية مجموعة بشرية إلا وشهدت نوعا من التنمية المادية أو الموضوعية. وتجدر الإشارة في هذا الباب، إلى أن التاريخ الإسلامي لم يخل من البعد التنموي، في مختلف مستوياته، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية والعسكرية، وغير ذلك، بل وأن المتفحص لتعاليم الدين الإسلامي، يدرك مدى حضور الهاجس التنموي في العديد من النصوص القرآنية والحديثية، هذا ناهيك عن اجتهادات العلماء، وتأملات الفلاسفة، وتوجيهات المربين، وإنجازات الحكام.
وقد تناول د. إبراهيم العسل هذا الموضوع في كتابه (التنمية في الإسلام)، يقول: "يقوم التصور الإسلامي للتنمية على أساس أن الله سبحانه وتعالى قد خلق الكون واستخلف الإنسان في الأرض ليقوم بعمارتها، وفق منهج الله وشريعته، وقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان متميزا عن سائر المخلوقات ليكون قادرا على أداء هذه المهمة، وهيأ له بفضله وكرمه كل ما يمكنه من أدائها، وأنه على ضوء قيام الإنسان بهذه المهمة يتقرر مصيره ويتحدد مستقبله في الدنيا والآخرة".(12) وقد توقف الباحث عند مجموعة من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، التي تتضمن إشارات بليغة حول مفهوم التنمية، مثل هذه الآية الكريمة التي تنبه على عدم التبذير، (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا)،(13) فمضمونها الداعي إلى عدم الإفراط والإسراف، لا يختلف كثيرا كما هو وارد في مواثيق الأمم المتحدة، وقوانين العديد من الدول، التي تحث على ترشيد النفقات وتوجيهها، وعدم تبذير الموارد البيئية والطبيعية خاصة. ثم إن خاصية التنمية في الإسلام "ليست عملية إنتاج فحسب، وإنما هي عملية كفاية في الإنتاج مصحوبة بعدالة في التوزيع، وأنها ليست عملية مادية فقط، وإنما هي عملية إنسانية تهدف إلى تنمية الفرد وتقدمه في المجالين المادي والروحي".(14)
أشكال وتجليات الإعلام المحلي
غالبا ما يختزل الناس الإعلام في جملة من الوسائل التواصلية، سواء التقليدية كالجرائد والمجلات والملصقات والإذاعات والتلفاز وغيرها، أم الحديثة كالفضائيات والإنترنت والهواتف والفاكسات، وما إلى ذلك. هكذا فإن فهم الناس ينصرف دوما إلى وسائل الإعلام المستوردة من خارج الواقع الذي يعيشون فيه، كأن الإعلام ما هو إلا منتوج أجنبي وافد عليهم، وهم يلغون بذلك، بلا وعي منهم، العديد من الأشكال الإعلامية التي ينتجونها ويتداولونها، إما؛
لأنهم لا يستوعبون المفهوم الحقيقي لمصطلح الإعلام، ووسائل الاتصال.
أو لأنهم يرون في بعض الأشكال الإعلامية السائدة في واقعهم، أدوات لا ترقى لأن تشكل وسائل إعلامية مرضية ومقبولة.
أو لأنهم ينبهرون بالوسائل الإعلامية الأجنبية، مما يدفعهم إلى تبنيها، واستبدال وسائلهم التقليدية بها.
من هذا المنطلق، ينبغي تصحيح هذه الرؤية المغلوطة، والإقبال على الأشكال الإعلامية المتنوعة التي ينطوي عليها واقعنا، وتتضمنها ثقافتنا المغربية والأمازيغية، لأن الإعلام الحقيقي والجاد لا يكون كذلك إلا إذا كان نابعا من البيئة التي يوجد فيها، أما إذا تم استيراده من الخارج، وقمنا بإسقاطه على مجالنا التداولي، فإن ذلك سوف ينتج عنه لا محالة إعلام مفصول عن الواقع، لا يعبر عن هموم الناس وانشغالاتهم.
وبالنظر إلى واقعنا المحلي، يمكن تحديد أهم مكوناته الإعلامية من خلال الأشكال التواصلية الآتية:
أبراح/المنادي: وعادة ما يستعمل صوته أو آلة معينة لإيصال صوته، كالبوق مثلا، وتتعدد مظاهره حسب الرسائل الإخبارية والفكرية التي يسعى إلى إيصالها، كأن تكون رسالة تجارية، كما هو حال البائعين في الأسواق، أو رسالة ترفيهية، كما هو الشأن بالنسبة إلى (الحلايقيين) في الأسواق، أو رسالة دينية، وخير تعبير على ذلك هو صوت المؤذن الذي يدعو الناس إلى إقامة شعيرة الصلاة، أو رسالة ثقافية وأدبية، كما هو الحال بالنسبة إلى الشاعر الأمازيغي (أمذياز)، الذي يتنقل عبر المداشر والقبائل ليلقي أشعاره على الناس، وغير ذلك من الرسائل.
الملصقات: وهي تتضمن مختلف الإعلانات الإخبارية، التي تعلم بنشاط أو تظاهرة معينة، وعادة ما تستعمل هذه الآلية في واقعنا، من قبل المؤسسات التعليمية والجمعيات الثقافية والرياضية. بالإضافة إلى إشارات المرور، ولوحات المحلات التجارية ومختلف المؤسسات، التي تكون ملونة، أو مضاءة، أو متحركة.
المنشورات والأدلة: وهي شكل تواصلي مفضل لدى المؤسسات البنكية ووكالات الأسفار والتأمين والاتصال، أصبحت في متناول كل مواطن، فهي معروضة في أغلب هذه المؤسسات.
المنابر الورقية: كالجرائد والمجلات والكتب، وهي على المستوى المحلي شحيحة نوعا ما، غير أنه بدأ يظهر البعض منها في الآونة الأخيرة.
المنابر الرقمية: من مواقع إلكترونية إخبارية ومدونات ومنتديات، وغيرها كثير، وقد أدى هذا الشكل دورا كبيرا في تفعيل الإعلام المحلي، والكشف عن كثير من القضايا التي كانت مطوية، والتعريف بالواقع المحلي بدون حواجز مادية أو رقابية.
الإعلام المدرسي: ويتمثل في مختلف الأنشطة التربوية التي تقوم بها المؤسسات التعليمية المحلية، كالمسابقات والأمسيات الثقافية والمسرحيات والاجتماعات، وغير ذلك.
الإعلام الشعبوي: ويتجلى من خلال مختلف السلوكات التواصلية اليومية، كالمحادثات العادية، ومحادثات الغيبة والنميمة، والتجمعات الشعبية، والتظاهرات الرياضية، والاحتفالات، والجنائز، والأعراس، والشعائر الدينية، وغير ذلك.
بناءً على هذه الأشكال التواصلية التي يزخر بها الواقع، تتعين أهم مصادر الإعلام المحلي، التي يمكن للصحافيين والإعلاميين المحليين الاعتماد عليها، فيما يأتي:
الجمعيات بمختلف أنواعها (ثقافية، رياضية، تنموية، فلاحية...).
المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية.
المساجد ودور العبادة.
مؤسسات الدولة (الجماعات، القيادات، الدوائر، المندوبيات، الدرك، الأمن، المراكز الصحية...).
الوكالات التجارية والخدماتية والمالية (أبناك، أسفار، بريد، اتصالات، وكالات عمومية، تأمينات...).
دور الشباب والثقافة (ملاعب، نوادي، مقاهي الإنترنت، مكتبات .
المواقع الرقمية والمنتديات والمدونات.
المقاهي العامة والأسواق والحمامات...
تنمية مهارات وقدرات :
الإعلام المحلي والتنمية البشرية
يعتبر الإعلام التنموي أرقى مستوى بلغه الإعلام في تطوره التاريخي، الذي مر فيه بمراحل متعددة، وتسلق مستويات مختلفة، تتنوع بتنوع سواء الحقول المعرفية التي يشتغل عليها الإعلام، أم التوجهات الفكرية والأيديولوجية التي تهيمن على الممارسة الإعلامية، وتجدر الإشارة إلى أن تلك المستويات تتحدد حسب الأبعاد التي يتخذها الإعلام، كالأيديولوجي، والوصفي، والاجتماعي، والديني، والتربوي، والاقتصادي، وهلم جرا.
ولا يعني هذا أن هذه المستويات كلها ما عادت تجدي، وإنما تحضر بشكل لافت في المعادلة الإعلامية المعاصرة، غير أنها طورت أكثر من قدراتها ومنهجياتها ومقاصدها، لتواكب البعد التنموي للإعلام، فتنخرط كلها في عملية التنمية التي يشهدها الواقع. ويعود الفضل تاريخيا في نشأة هذا النوع من الإعلام، إلى الباحث وليبر شارم الذي ألف كتابا في وسائل الإعلام والتنمية، وهو يرى أن الإعلام التنموي فرع أساسي ومهم من فروع النشاط الإعلامي، "وهو قادر على إحداث التحول الاجتماعي والتغيير والتطوير والتحديث، يتم فيه وضع النشاطات المختلفة لوسائل الإعلام في سبيل خدمة قضايا المجتمع وأهدافه العامة أو بمعنى آخر هو العملية التي يمكن من خلالها توجيه أجهزة الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري داخل المجتمع بما يتفق مع أهداف الحركة التنموية ومصلحة المجتمع العليا". (15)
كما أنه أومأ في هذا الكتاب الطلائعي، إلى أهم الأدوار التي تؤديها وسائل الإعلام، كأن "توسع من آفاق الناس، ويمكنها أن تلعب دور الرقيب، ويمكنها أن تشد الانتباه إلى قضايا محددة، وكذلك يمكن أن ترفع طموحات الناس، ويمكنها أن تصنع مناخا ملائما للتنمية، ولا يخفى في النهاية، ما لوسائل الإعلام من مهمات تعليمية ودور في صناعة القرارات".(16)
هكذا تتضح أهمية الإعلام التنموي في حياة الإنسان المعاصر، وتتحدد أهم ملامح هذا الإعلام، وهي ملامح أساسية فيه بإجماع العديد من الأكاديميين والباحثين والمتخصصين في علوم الإعلام، كالآتي:
الإعلام التنموي تجاوز الأساليب التقليدية المتمثلة في نقل المعلومة فقط، إلى المشاركة الفعالة في كافة خطط التنمية، وتتبع سيرها من خلال مختلف الأنشطة والأشكال الإعلامية.
يظهر دور الإعلام التنموي بجلاء أثناء تعرض الواقع إلى أزمات وحالات طوارئ مفاجئة، من خلال اعتماد الإعلام على استفزاز الواقع اليومي وخلق جو من الألفة والتفاعل مع الضحايا والمتضررين.
يساهم الإعلام التنموي في تلقين الناس المهارات والأساليب اللازمة التي تقتضيها عملية التحديث والتطور، لاسيما الجرأة وانتقاد المسئولين وعدم الخوف منهم.
يشارك الإعلام التنموي في تنمية المجتمع المباشرة من خلال شتى الأنشطة والإسهامات، كمحو الأمية الهجائية، وتنظيم الدورات التكوينية، والتثقيف النسائي، والتربية، وغير ذلك.
كلما كان الإعلام التنموي متطورا في أدائه ووسائله، كلما أثر ذلك أكثر في الواقع، فالدراسات تجمع على أن ثمة ارتباطا وثيقا بين النمو الاقتصادي ونمو وسائل الإعلام.
وفيما يتعلق بتوظيف وسائل الإعلام في التنمية المحلية ينبغي؛
أن ترتبط تلك الوسائل بالبيئة المحلية وثقافة المنطقة.
التنسيق الشمولي مع مختلف المؤسسات، سواء أكانت رسمية، أم مدنية.
أن يكون المشرفون على تلك الوسائل الإعلامية في الغالب الأعم من أبناء المنطقة، يستوعبون مشاكل الناس وحاجياتهم.
بناء على ما سبق ذكره، وارتباطا بواقعنا المحلي، نخلص إلى المحصلات الآتية:
أولا: التنمية هي مسؤولية الجميع، سلطات ومواطنين، مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، لذلك ينبغي تغيير تلك النظرة التقليدية التي كانت تربط كل شيء بالدولة.
ثانيا: آن الأوان لتجاوز مرحلة الإعلام التنميطي الوصفي، المبني على المعارضة من أجل المعارضة، كما كان سائدا في الماضي، إذ ظل الإعلام مرهونا بما هو سياسي وأيديولوجي وحزبي، متأثرا به، والآن أصبح الإعلام هو الذي يؤثر فيما هو سياسي، فهو ليس السلطة الرابعة كما كان سائدا في الأدبيات التقليدية، وإنما السلطة الأولى!
ثالثا: الانتقال من مرحلة الدعاية والتعبئة والخطابات الأيديولوجية، إلى مرحلة الإنتاجية، من خلال جمعيات المجتمع المدني التنموية، ويؤدي الإعلام دورا محوريا في هذه التنمية، باعتباره ليس محفزا فحسب، وإنما محفز وموجه وطرف أساس في صناعة هذه التنمية.
هكذا ينبغي أن تشكل هذه العناصر الثلاثة موجهات أساسية لإعلامنا التنموي المحلي، حتى ينخرط في تطوير واقعنا المتردي، ويسهم بقسط وافر في التنمية المحلية، التي تسعى حثيثا إلى تحقيقها كل مكونات المجتمع وأطيافه
توجيهات أساسية للكفاءات الإعلامية المحلية
أود أن أضع في هذا المبحث بعض التوجيهات الأساسية، التي ينبغي لكل إعلامي أو صحافي محلي أن يستحضرها في ممارسته الإعلامية اليومية، سواء في الفضاءات العامة، كالشوارع والملاعب والمقاهي، أم في المؤسسات الرسمية، أم في جمعيات المجتمع المدني، أم في غيرها من المؤسسات العمومية والخصوصية، أم عبر مختلف وسائل الإعلام الورقية والرقمية.
النزول إلى الواقع وتوعية العامة
والمقصود بذلك الشعور والاكتواء بهموم الناس، قبل الكتابة عنها، إذ لا يقتصر الإعلام على وصف تلك الهموم فحسب، وإنما يبحث في أسبابها وعواملها الخفية، لا ليواسي الناس ويرثي حالهم، بل ليكون طرفا مهما في حل مشاكلهم، والإجابة عن أسئلتهم الإشكالية والمستغلقة، ففي الغرب على سبيل المثال، توجد مكاتب ومؤسسات تتخصص في هذا المجال، وتقدم لها الميزانيات الهائلة للبحث في مشاكل الناس ومعالجتها، وتقديم التوعية الكافية حول كيفية تجنبها، أو كيفية التعامل معها.
نموذج ظاهرة الطلاق: يقوم الإعلام المحلي (الصحافة المكتوبة، الصحافة الرقمية، الإعلام المدرسي، الجمعيات...) بتناول ظاهرة الطلاق داخل المجتمع، بالاستناد إلى الحالات المطروحة على المحكمة، والإحصاءات المتوفرة لدى المصالح القضائية المختصة، إضافة إلى تصريحات الأطراف المعنية (أصحاب الدعاوى، الضحايا، القضاة، المحامون...)، ثم بعد ذلك يقوم الإعلام بدراسة موضوعية لهذه الظاهرة، والتنقيب عن أسبابها الخفية والمعلنة، وعواقبها على الأطفال وعلى المجتمع، ثم يطرح مجموعة من الحلول الممكنة، ويدعو إلى ثقافة الإصلاح، وتوعية الرأي العام بذلك، بإشراك بعض الجمعيات والمصالح النسوية التي تمت بصلة ما إلى هذا الإشكال، على أن تكون طرفا مباشرا وأساسا في هذا الإصلاح، دون إغفال دور الأئمة في هذا المجال، بحيث يلتمس منهم هذا الإعلام التنموي التكثيف من خطبهم ومواعظهم في هذا الصدد. وينطبق هذا كذلك على العديد من المعضلات الاجتماعية، كالعنف المنزلي، واستغلال الأطفال، والهدر المدرسي، والتسول، وتعاطي المخدرات، وغير ذلك.
البحث عن أسباب الخلل في الواقع
كما هو معلوم لا يخلو أي مجتمع من نقص ما أو خلل في تركيبته البنيوية، أو التسييرية، أو غيرهما، لذلك فوظيفة الإعلام التنموي هي البحث الحثيث عن مكامن الخلل الذي يعتريه، سواء في بعده البيئي، أم التعليمي، أم الاجتماعي، أم الثقافي، أم التنظيمي، وما إلى ذلك، فلا يكتفي الإعلام بوصف المشكلة، وإنما مدعو إلى التنقيب في العوامل المؤدية إليها، ثم تقديم الحلول الناجعة والممكنة لها.
نموذج عدم اشتغال المصابيح الكهربائية في شارع معين: ففي هذه الحالة لا يكون دور الإعلام هو توصيف هذا العطب، والكتابة عنه بأسلوب الفضح، كما كان سائدا في صحافة المعارضة التقليدية، التي ربتنا على المعارضة من أجل المعارضة، وإنما يقتضي المقام من الصحافي والإعلامي أن يحيط وصفا بهذه الحالة، وبشكل دقيق وموضوعي، بالكلمة والصورة، ثم يتوجه إلى الجهات المسئولة والمعنية (مجلس بلدي، سلطات، شركة كهرباء، مواطنون...)، ويسألها حول هذا المشكل بأسلوب موضوعي مبني على الحوار البناء، ليكون طرفا مهما في تسوية ذلك الخلل، فهو بذلك الأسلوب يحث الجهات المسئولة على خدمة المجتمع، أما أنه إذا ما سارع إلى نشر ذلك الخبر دون التحقق منه ومساءلة الجهات المعنية، فإنه لا يخدم المجتمع في شيء، بقدر ما يعرقل مشروع التنمية، بزرع الصراع بين الإعلام والدولة، بين المثقفين والمسئولين، بين المواطنين والسلطات، كما أن أي مغالطة أو مزايدة تعتري ذلك الخبر، قد تجعل المسئولين يضيقون الخناق على الإعلاميين، بل ويعتقلونهم باسم القانون! ثم إن الإعلامي عندما يتوجه إلى الجهات المعنية، عليه أن لا يتعامل معها بأسلوب انفعالي واحتجاجي، وإنما بأسلوب لبق وتعاوني، إذا ما أراد أن يقدم إعلاما تنمويا، يشارك من خلاله في تنمية واقعه وتطويره.
الحضور المستمر للإعلام
ويتم هذا الحضور في مختلف الأنشطة المقررة التي تقوم بها مصالح السلطة المحلية وهيئات المجتمع المدني، بل وعلى الإعلام أن يكون طرفا مهما في تلك الأنشطة، ليس لتغطية الحدث فحسب، وإنما لمساءلة الجهات المعنية، وتقديم الملاحظات الجادة، على هذا الأساس على منظمي تلك الأنشطة أن يخبروا وسائل الإعلام المحلية بذلك، في مقابل ذلك، يتوجب على الإعلاميين المحليين الانفتاح على مكونات الدولة وهيئات المجتمع المدني، بأسلوب جاد، يرتكز على التعاون والتفاعل والإصغاء والنقد البناء.
نموذج الاجتماع الدوري للمجلس البلدي: إذ يتحتم على المجلس البلدي أن يخبر بذلك الحدث وسائل الإعلام المحلية، دون تمييز أو استثناء، بل ويستدعيها لحضور الاجتماع، كما على وسائل الإعلام أن لا تؤدي دور الند والفاضح، ولا تمارس النقد المعارض والهدام، وإنما أن تصغي بتمعن، وتطرح الأسئلة العميقة والجادة، وتغطي الحدث بشكل موضوعي ودقيق وبعيد عن المغالطات والمزايدات والانفعالات. فرب سؤال وجيه يطرحه إعلامي ناشئ على أعضاء المجلس البلدي، قد يكون سبب لمشروع متميز وناجح، خير من ألف مقترح أو خطة عمل يطرحها المجتمعون كلهم!
أهمية الإعلام فى تنمية الوعي التربوي
يعد الإعلام المدرسي والتربوي مكونا رئيسا في الإعلام التنموي، وهو لا يعني فقط المجلات الورقية والحائطية التي تصدرها المؤسسة التعليمية، ولا المواقع الرقمية الخاصة بالأطفال، ولا الرسائل الإخبارية الموجهة إلى الآباء والأمهات، وإنما هو أكبر من ذلك كله، إنه التوعية المتدرجة للطفل بقيمة الإعلام في حياته، فالوعي هو أس التربية، أما المعارف والمعلومات فيلتقطها الطفل ويستوعبها بالتكرار والحفظ، أما الخبرات واستخدام الأدوات فيكتسبها بالممارسة والتمرن. ويساهم الإعلام (إلى جانب المعلم، البيت، المحيط...)، بقسط وافر في زرع ذلك الوعي وتشكيله، وتظل الشاشة، في يوم الناس هذا، أهم وسيلة ينجذب إليها الطفل؛ تقدم له الصورة والحركة والكلمة والأغنية واللعبة والتسلية... غير أنها تحرمه من أهم شيء، وهو الحنان والدفء الأسري، الذي كانت تقدمه الوسيلة الإعلامية التقليدية له، والتي هي الجدة، التي كانت بمثابة الشاشة؛ تحضن أحفادها بدفء، وتشرع في تلقينهم تجارب الحياة ومعارفها، لكنه باجتياح الشاشة لواقعنا المحلي، تم إقصاء الجدة وعزلها، وأصبح أطفالنا مدمنين على الصورة والشاشة، التي زرعت فيهم سلوكيات غير سوية، كالانعزال، والعنف، والأنانية، وعدم التركيز، وغير ذلك. وهذا لا يعني أن هذا المعطى الإعلامي/الشاشة ذو تأثير سلبي على الطفل، فوجوده اليوم صار أمرا لازما، لا يمكن الاستغناء عنه، لوظائفه المتعددة، كالتعليم والإخبار والترفيه، وما إلى ذلك، إلا أن إفراط الطفل في الإقبال عليه، قد تترتب عنه نتائج عكسية، لذلك ينبغي أن تكون علاقة الطفل بالشاشة موجهة ومراقبة. "وعلى الرغم من دور التلفزيون في النمو الاجتماعي والثقافي للطفل، فإنه قد يؤدي إلى نتيجة عكسية وينمي لدى الطفل شخصية ضعيفة منفصلة عن مجتمعها إذا ما ركز على عرض قيم وثقافات أخرى تؤثر على ذاتية الطفل الاجتماعية والثقافية".(17)
على هذا الأساس، يتحتم على المدرسة أن تؤدي دورا رياديا في توعية الطفل بقيمة الإعلام، ليس نظريا فحسب، وإنما ميدانيا كذلك، عبر إشراكه في مختلف الممارسات الإعلامية، عن طريق تنظيم ورشات إعلامية، تتضمن مجلات وجرائد ورقية ورقمية، مسرحيات، إذاعة الطفل، رسم كاريكاتوري، معرض الصور الفوتوغرافية، إعلاميات، ونحو ذلك.
رقمنة الإعلام المحلي
ويقصد بهذه الرقمنة تأهيل الأشكال الإعلامية المحلية لتواكب التحولات الجديدة، التي أحدثتها الثورة الرقمية في وسائل نقل المعلومة والتواصل والإعلان وتبادل الخبرات والانفتاح على التجارب الوطنية والدولية، ويتوجب على مختلف المؤسسات العمومية والخصوصية، من مصالح الدولة، ومكونات المجتمع المدني، ومؤسسات التعليم، وأبناك، وشركات... أن تخوض هذه التجربة، التي أصبحت من مستلزمات المرحلة الراهنة. لاسيما وأن ذلك أصبح لا يتطلب إمكانات مادية هائلة، إذ أنه يمكن أن تكتفي في البداية بتجربة المدونات والمنتديات المجانية، فتعرف بمكونات المجتمع المحلي، على مختلف مستوياته.
إن حضور واقعنا المحلي على صعيد الشبكة العنكبوتية يظل محتشما وخجولا، ولا يمثل بتاتا القيمة البشرية والعمرانية والمؤسسية والثقافية للمنطقة، التي يقطنها عشرات الآلاف من الناس، وتتضمن مختلف المؤسسات الحكومية والتعليمية والجمعوية والبنكية والدينية والرياضية والخدماتية، وغير ذلك، ومقبلة على تحديات هائلة، ولا تملك إلا بضعة مواقع إلكترونية هزيلة معدودة على أصابع اليد الواحدة!
إن التركيز على المكون الرقمي في تنمية الواقع، أصبح أمرا لازما ينبغي للجميع، سلطة ومنتخبين ومجتمعا مدنيا ومواطنين، التفكير فيه بجدية واستراتيجية وبعد نظر، لأن الإنترنت أصبح الوسيلة الأهم للتواصل السريع والبليغ، خصوصا وأنه اكتسح أغلب البيوت، فأصبح في متناول المرأة والطفل والمثقف... والجميع.
لذلك كله، أكرر الدعوة إلى استثمار هذا المكون، والشروع في الرقمنة التدريجية لمختلف مؤسسات المجتمع، لأنه من خلال هذه الوسيلة تتحقق العديد من المكاسب، كالتواصل، والتثقيف، والتعريف، وتبادل الخبرات، وهكذا دواليك.
دعم الإعلام المحلي
بناء على ما سلف، إن مطلب الرقمنة يتأتى، إما بشكل فوري عن طريق استثمار بعض الإمكانات الرقمية المجانية المتاحة، وهذا حل آني ومؤقت، وإما بشكل منهجي ومخطط، ويقتضي المزيد من الجهد والتضحية، لذلك فالحاجة إلى دعمه خصوصا المادي واردة، حتى يتحقق النهوض بالإعلام المحلي، ونقدم أنموذجا متميزا على صعيد المنطقة التي ننتمي إليها. ثم إن أغلب الإعلاميين والصحافيين الشباب المحليين، الذي يتجشمون هذا العبء الثقيل، لا يعملون، أو أنهم يمارسون مهنا بعيدة كل البعد عن ميدان الإعلام، أو أن دخلهم لا يسمح لهم بالإسهام المادي في تأهيل الإعلام المحلي وتطويره، فهم في مسيس الحاجة إلى مختلف الأدوات التي تساعدهم على أداء خدمتهم الإعلامية التطوعية، كالكتب والجرائد والكاميرات والبطاريات وتعويضات النقل، وغيرها، ولم لا في المستقبل تعويضات على الخدمات الإعلامية التي يقدمونها.
ولا يتحقق هذا الدعم إلا بواسطة تضافر جهود مختلف المكونات التي يتشكل منها واقعنا المحلي، مثل:
مساهمة الجماعات الحضرية والقروية: وذلك عندما تتحقق لها الموارد المادية الكافية، أو أنها توجه بعض الموارد المخصصة للمجتمع المدني في هذا المضمار، وتفرض على المستفيدين منها رقمنة أنشطتهم وإسهاماتهم، إذ ينبغي لكل جهة تتلقى الدعم أن تفتح واجهة إلكترونية خاصة بها، وتخدم من خلالها الواقع المحلي.
مساهمة المؤسسات البنكية والوكالات الخدماتية: إذ تساهم هذه الجهة في تمويل وسائل الإعلام المحلية، وتقديم يد العون إلى الصحافيين والإعلاميين، في شكل تعويضات مادية مقابل خدمة الإشهار مثلا.
مساهمة المحسنين: إذ يلاحظ أن هذه الفئة غالبا ما تساهم فيما هو ديني محض فحسب، فقد آن الأوان لتغيير هذه العقلية، وتوزيع مساعداتهم المادية بشكل شمولي، يشمل ما هو ثقافي واجتماعي وإعلامي، فالمجتمع لا يصلح فقط بالخطب والوعظ، وإنما بالخدمات التي يقدمها المجتمع المدني عامة كذلك، كالتوعية، والتعليم، والحملات البيئية والصحية، وغير ذلك.
التنمية البشرية: Human Development
هي عملية توسيع اختيارات الشعوب والمستهدف بهذا هو أن يتمتع الإنسان بمستوى مرتفع من الدخل وبحياة طويلة وصحية بجانب تنمية القدرات الإنسانية من خلال توفير فرص ملائمة للتعليم. ففى عام 1991 صدر تقرير التنمية والذي أكد فيه ان التنمية البشرية لا تؤدى مهامها بدون أن يكون هناك نموا اقتصاديا مصاحبا وإلا لن يكون هناك تحقيق في تحسن في الأحوال البشرية عموما. عام 1994 صدر تقرير التنمية من الأمم المتحدة الذي أكد فيه ان التنمية البشرية هي نموذج من نماذج التنمية والتي من خلالها يمكن لجميع الأشخاص من توسيع نطاق قدراتهم البشرية إلى أقصى حد ممكن وتوظيفها أفضل توظيف في جميع الميادين. وهو يحمى كذلك خيارات الاجيال التي لم تولد بعد. ويخلص التقرير إلى أن التنمية المستدامة تعالج الإنصاف داخل الجيل الواحد وبين الأجيال المتعاقبة.
التطور
بدأ مفهوم التنمية البشرية يتضح عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وخروج البلدان التي شاركت في الحرب مصدومة من الدمار البشري والاقتصادى الهائل وخاصة الدول الخاسرة. فبدأ بعدها تطور مفهوم التنمية الاقتصادية وواكبها ظهور التنمية البشرية لسرعة إنجاز التنمية لتحقيق سرعة الخروج من النفق المظلم الذي دخلت فيه بسبب الحروب. ومن هذا التاريخ بدأت الأمم المتحدة تنتهج سياسة التنمية البشرية مع الدول الفقيرة لمساعدتها في الخروج من حالة الفقر التي تعانى منها مثل ما قامت به مع كل من : بنجلاديش وباكستان وغانا وكولومبيا وكثير من الدول الأخرى. تطور مفهوم التنمية البشرية ليشمل مجالات عديدة منها : التنمية الإدارية والسياسية والثقافية، ويكون الإنسان هو القاسم المشترك في جميع المجالات السابقة. ولهذا فتطور الأبنية : الإدارية والسياسية والثقافية له مردود على عملية التنمية الفردية من حيث تطوير انماط المهارات والقيم والمشاركة الفعالة للإنسان في عملية التنمية إلى جانب الانتفاع بها. وعلى هذا يمثل منهج التنمية البشرية الركيز الاساسية التي يعتمد عليها المخططون وصانعو القرار لتهيئة الظروف الملائمة لإحداث التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبعد كل هذا يمكن إجمال القول أن التنمية البشرية هو المنهج الذي يهتم بتحسين نوعية الموارد البشرية في المجتمع وتحسين النوعية البشرية نفسها.
أهم عوامل التنمية البشرية ( 19 )
- الأوضاع السكانية : الاستغلال المثل للموارد البشرية
- الأوضاع السكنية : ارتفاع مستويات المعيشة وانخفاض الكثافة السكانية.
- الأوضاع الصحية : تحسن مستويات الرعاية الصحية وانخفاض الوفيات وارتفاع معدلات الحياة.
- أوضاع العمل : تطور تقسيم العمل وارتفاع المهارات الفنية والإدارية.
- الأوضاع التقنية : استخدام التقنية وتوطينها
- الأوضاع الإدارية : تطور أساليب الإدارة واعتماد أسلوب التخطيط.
- الأوضاع الاجتماعية: نمو ثقافة العمل والإنجاز وتغير المفاهيم المقترنة ببعض المهن والحرف.
- الأوضاع الطبقية :مرونة البناء الاجتماعى والمساواة الاجتماعية.
- الأوضاع السياسية : عدم احتكار السلطة وتحقيق الديمقراطية.
- الأوضاع النفسية٠ضرورة تهيئة المناخ النفسى العام والتشجيع على التنمية
تقرير التنمية البشرية مصر 2010 ( 20 )
أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائى التقرير الحادى عشر فى سلسلة تقارير التنمية البشرية فى مصر أعده فريق من الكتاب المستقلين متعددى التخصصات، ضم عددا من الباحثين والخبراء فى مصر ورأسته الدكتورة هبة حندوسة المؤلف الرئيسى للتقرير، وتم إعداد التقرير بتكليف من برنامج الأمم المتحدة الإنمائى بالتعاون مع معهد التخطيط القومى، ويتزامن إطلاق تقرير"الشباب فى مصر: بناة المستقبل" مع بدء العام الدولى للشباب الذى أعلنته الأمم المتحدة والذى سيبدأ فى 12 أغسطس 2010 تحت شعار "الحوار والتفاهم المتبادل".
ويتناول أول جزء بالتقرير المصاعب التى يواجهها الشباب ويخلص إلى وجود مجموعة من القيود المتشابكة تعيق انتقال الشباب إلى مرحلة الرشد وتشمل:
أولا تردى حالة التعليم فى مصر، حيث نجد أن 27% من الشباب فى الفئة العمرية (18-29 سنة) لم يستكملوا التعليم الأساسى (17% تسربوا من المدرسة و10% لم يلتحقوا قط بالتعليم)، فضلا عن تدنى جودة التعليم، وعدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، حيث يؤدى تكدس الطلاب، والعجز فى المعلمين المؤهلين، والمناهج التقليدية التى لا تنمى القدرة على حل المشكلات إلى تخريج شباب غير معد بشكل كاف لمتطلبات سوق العمل فى عالم تسوده المنافسة فى ظل العولمة.
بالإضافة إلى الوضع الاقتصادى والاجتماعى، حيث يصنف حوالى 20% من السكان ضمن الفئات الفقيرة التى تعانى من صعوبة فى الالتحاق بالمدارس، لاسيما الإناث فى الأسر الفقيرة اللائى ترتفع نسبة عدم التحاقهن بالتعليم على نحو كبير وبخاصة فى المناطق الريفية (80%) وحيث تشكل الإناث 82% ممن لم يلتحقوا بالتعليم.
وأهم المعوقات على وجه الإطلاق كما يذكر التقرير هو الفقر، حيث يوجد ارتباط قوى بين عدم وجود وظائف دائمة والفقر، فالشباب الفقير يلتحق بأى وظيفة متاحة، سواء كانت مؤقتة أو موسمية كمخرج من الفقر ولا يستطيع أن يتحمل البقاء طويلاً فى انتظار وظيفة رسمية مجزية ولها قدر من الدوام، والتى هى الوسيلة الفعالة لخروج الشباب من دائرة الفقر.
وكذلك البطالة، حيث تعتبر بطالة الشباب هى السمة الغالبة على شكل البطالة فى مصر، وتشكل أكثر أنواع إقصاء الشباب خطورة، فحوالى 90% من المتعطلين يقل عمرهم عن 30 عامًا، كما يتأثر عدد أكبر بالبطالة الجزئية.
أما بناء الأسرة، ففى ما يعد الزواج المبكر ظاهرة ريفية بالدرجة الأولى فى مصر70% من الإناث الريفيات فى الفئة العمرية (15-21 سنة) تزوجن قبل سن الثامنة عشر، ويعيش 93% من الذكور المتزوجين من نفس الفئة العمرية فى المناطق الريفية يعتبر تأخر الزواج ظاهرة حضرية، وهناك عاملان وراء هذه الظاهرة هما: نقص فرص العمل، وزيادة تكاليف الزواج.
والإسكان، حيث إن الزيادة المتوقعة فى تكاليف البناء من المحتمل أن تشكل تحديًا صعبًا لموازنة أى برنامج للإسكان لمحدودى الدخل فى السنوات المقبلة، نظرًا لأن معظم برامج الدعم ترتبط بمستويات دخل معينة وأسعار مستهدفة للوحدات، وتبعًا لذلك، يقع على الحكومة عبء سد فجوة الدعم المقدم حاليًا للبرنامج القومى للإسكان.
أما على الجانب الآخر فقد حدد التقرير تسعة مجالات لتحسين أوضاع الشباب فى إطار منهج متكامل يتضمن سياسات ملائمة واستثمارات وبرامج تقودها النخب السياسية والإدارية فى مصر بالمشاركة مع منظمات المجتمع المدني، تشمل:
أولا التغلب على فشل نظام التعليم، بما يحقق التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل إلى جانب تطوير التعليم الفني فضلا عن ربط جهود محو الأمية بتقديم الدعم المالي المشروط للأسر.
ثانيا: كسر دائرة الفقر، من خلال حزمة من التدخلات تشمل التدريب من خلال العمل والمشروعات الصغيرة المدرة للدخل وإعطاء الشباب دورا أساسيا من خلال العمل التطوعي في المشروعات القومية الهادفة لاجتثاث الفقر مثل المشروع القومي لتنمية الألف قرية الأكثر فقرًا.
ثالثا: خلق وظائف آمنة ومجزية وحقيقية فى الجهاز الإدارى وفى قطاع المشروعات الصغيرة، وذلك من خلال دعم الأجور لوظائف الشباب الجديدة عن طريق مساهمة الحكومة فى مدفوعات الضمان الاجتماعي.
رابعا: التركيز على الثقافة، من خلال تنشيط ثقافة الابتكار والإبداع لدى الشباب بما يسمح بإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل الحالية، فضلا عن استعادة ثقافة التسامح واحترام الآخرين والانفتاح على الثقافات العالمية.
خامسا: القضاء على التمييز المرتبط بالنوع الاجتماعى، من خلال تبنى مجموعة من التدخلات التشريعية، وفيما يتعلق بالمشاركة الاجتماعية/ الاقتصادية عن طريق توسيع نطاق ثلاثة مشروعات حيوية تؤثر على الفتيات والشابات وهى: التعليم قبل المدرسي، ومدارس الفصل الواحد للبنات والتحويلات النقدية المشروطة.
سادسا: متابعة التقدم نحو تحقيق رفاهة الشباب، من خلال إصدار تقرير سنوى عن المؤشر القومى لرفاهة الشباب، والذى تم إعداده كجزء من هذا التقرير، ويقيس مؤشرات الشباب من حيث الوصول للخدمات، والدخل، والتشغيل، إلى جانب المشاركة فى العمل العام، والحياة الأسرية، ووقت الفراغ والأمن، بهدف إمداد صانعى السياسات بالمعلومات عن المجالات التى تحتاج لتدخلات.
سابعا: تعزيز مشاركة الشباب فى ممارسة السلطة "المستجيبة" بما يؤدى إلى تحسين الأداء الحكومى، من خلال إتاحة فرص للشباب فى القطاع الحكومى عن طريق "نظام الأجر مقابل الأداء"، "ونظام إدارة الموارد البشرية القائم على الكفاءة".
ثامنا: دعم وتنظيم عمليات الهجرة، من خلال منهج شامل يرتكز على دراسة هيكل الموارد البشرية الحالى فى مصر، والتوقعات المستقبلية للطلب على العمالة فى أسواق العمل فى أوروبا، وبتقدم سكانها فى السن، وكذلك فى أسواق العمل فى الاقتصادات البترولية الصاعدة حتى يمكن توفير احتياجات هذه الأسواق من خلال برامج التعليم وتكوين المهارات فى مصر، وكذلك، تفاوض الحكومة بشأن حركات وشروط العمالة مع الدول المضيفة على أساس الهجرة المؤقتة (من 4-5 سنوات) بما يحقق مصالح كافة الأطراف المعنية.
وأخيرا: توفير الأصول الرأسمالية المادية للشباب، بما يحقق عدالة التوزيع وأساسيات الاستثمار الجيد، حيث تحتاج ريادة الأعمال إلى البدء بتملك بعض الأصول بالإضافة إلى رأس المال البشرى، وذلك من خلال برامج، والعمل فى أنشطة مبتكرة ذات قيمة مضافة مرتفعة مثل المشروعات السياحية، والزراعة صديقة البيئة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والنقل، والإسكان .
الإعلام التنموي...المشكلات والحلول ( 18 )
§ 1-هادف:يسعي إلي تحقيق أهداف المجتمع الأساسية ومصالحه الجوهرية.
§ 2-مبرمج:مخطط يرتبط بخطط التنميه ومصالح المجتمع.
§ 3-شامل ومتكامل:يقنع الرأي العام بضرورة التغيير الإجتماعي لتحقيق أهداف التنميه.
§ 4-متعدد الأبعاد:الصحيه والإقتصاديه والإجتماعيه والسياسيه.
§ 5-واقعي :في الأسلوب والطرح.
§ 6-حديث متطور:يستخدم أساليب مشوقه حديثه.
§ 7-مختلف الوسائل:سمعيه بصريه-مقروءه-مسموعه-إنترنت...إلخ.
§ 8-متفتح:يستفيد من خبرات وتجارب البلدان الأخري.
وظائف الإعلام التنموي
يقوم الإعلام التنموي بالعديد من المهام والوظائف أهمها:
§ مهمة توفير المعلومات للسكان عن التنمية وشروط نجاحها وكيفية إنفاق المال العام.
§ إختيار المعلومات بشكل دقيق وجذاب وإستخدام أساليب مشوقه من أجل جذب كل شرائح المجتمع للتفاعل مع الوسائل الإعلاميه.
§ تعليم الناس امهارات والأساليب اللازمه التي تتطلبها عملية التحديث والتطور لا سيما
الجرأة وإنتقاد المسئولين وعدم الخوف منهم وذلك يتم من خلال نشر أعمالهم المخالفه
للقانون.
دور الإعلام في التنميه الوطنيه والتغير الإجتماعي
يقوم الإعلام بعدة أدوارفي التنميه الوطنيه والتغير الإجتماعي أهمها:
§ دور الإعلام في محو الأميه الهجائيه والوظيفه الثقافيه وتعليم الكبار.
§ دور وسائل الإعلام في التعليم المدرسي.
§ دور وسائل الإعلام في تنمية المجتمعات المحليه وفي هذا المجال تقوم وسائل الإعلام بشقيها
§ الجماهيري والشخصي بتنفيذ الحملات الإعلاميه المتكامله من أجل التنميه.
§ دور وسائل الإعلام في التثقيف النسائي.
§ دور وسائل الإعلام في التوعيه والتربيه.
ركائز الإعلام التنموي
§الركيزه الأولي:
الاعتراف المتزايد بالدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في المجتمع بغض النظر عن طبيعته.
§ الركيزة الثانية:
اختلاف الإحتياجات الإعلاميه في الدول الناميه والمجتمعات التقليديه عن الإحتياجات الإعلاميه في الدول المتقدمه.
§ الركيزه الثالثه:
عدم وجود حدود لجدوي وسائل الإعلام في التنميه الوطنيه.
متطلبات نجاح الإعلام في تحقيق التطوير والتحديث
§ 1-توفير وسائل إعلام وإتصال متطوره مختلفه سمعيه بصريه-مقروءه-مسموعه-مرئيه-إنترنت،ومن خلال هذه الوسائل يمكن تعريف الناس بحقيقة مشاكلهم ونقل أفكارهم لتحقيق التطوير المنشود.
§ 2-دلت الدراسات علي وجود إرتباط بين النمو الإقتصادي ونمو وسائل الإعلام.
§ 3-توزيع وسائل الإعلام المتعلقه بالتنميه بشكل جغرافي يتناسب مع مساحة البلد بحيث تشمل كل المناطق والنواحي والقري ذات الكثافه السكانيه العاليه.
§ 4-تأمين الكوادر الإعلاميه المتخصصه وذلك من خلال الإعتماد علي خريجي كليات الإعلام والصحافه وتقنيي الصحافه الإعلاميه وتوفير الكادر الإعلامي اللازم لإعداد البرامج الإعلاميه.
معوقات نجاح التنميه العربيه
ويعود قصور التنميه العربيه إلي غياب الحلقات التاليه أو بعضها في الخطط التنمويه العربيه:
§ غياب الرؤيه الشامله لتفاعل الأنظمه الكليه والفرعيه في العمل التنموي.
§ غياب الرؤيه التفاعليه لأبعاد التنميه الإقليميه والقوميه والدوليه في التنميه.
§ غياب التركيز علي المعوقات المجتمعيه وخصوصية الهويه الثقافيه العربيه.
§ غياب الإستراتيجيه المتكامله للتنميه والتخطيط طويل الأجل لهذه التنميه.
دور الإعلام في التغلب علي معوقات التنميه
§ مساعدة أفراد المجتمع علي التخلص من الأفكار والقيم والعادات والتقاليد الباليه التي لا تتفق مع طبيعة العصر ومتطلباته.
§ مساعدة أفراد المجتمع علي إعادة بنائهم وتكوينهم وصولا بهم إلي مستوي طبيعة العصر.
§ تغطية كل مجالات الإنتاج بمختلف صورها للتعريف الواعي للعاملين في كل مجال بما يعنيه مجال إنتاجه.
§ تزويد العاملين في كافة مجالات الإنتاج بالمهارات المهنيه والأدائيه لعملهم وإنتاجهم في هذا الصدد تتم الإستفاده بكافة ماتوصل إليه العالم المتقدم من تطورات في مجال الإنتاج.
§ تبادل الخبرات سواء في محيط المجتمع أو من مجتمع إلي أخر أو علي المستوي الدولي لنقل التجارب المفيده من المجتمعات الأخري والإستفاده منها.
§ دور وسائل الإعلام في عملية التنشئة السياسية التي يمكن من خلالها تشكيل الثقافة السياسية والمحافظة عليها أو تغييرها.
الإعلام والتنمية البشرية
تعتبر تنمية المجتمعات المحليه من أهم القضايا التي تهتم بها الدول المتقدمه والناميه للإسراع بعجله التطور والنمو لذا ترسم السياسات الإعلاميه وتضع الخطط من أجل تنمية تلك المجتمعات سواء من خلال وسائل الإعلام قوميه أو محليه ولكن يزيد هذا الإهتمام بدور وسائل الإعلام المحليه في التنميه حيث يتعاظم دورها في هذا الشأن نظرا لأنها تنبع من هذا المجتمع تؤثر فيه وتتأثر به.
علي أنه إذا كان الإعلام المحلي قد نشأ معبرا عن إحتياجات وإهتمامات محدده من قبل، فإنه حاليا يمثل مطلبا قوميا وحيويا من ناحية التخطيط القومي العام، وبحيث تتجسد أهمية الإعلام المحلي في توصيل وتبسيط وحسن تنفيذ ومتابعة الأهداف القوميه التنمويه العليا،ويساعد علي خلق تناغم إجتماعي بين المؤسسات الإجتماعيه المختلفة بدلا من أن يعزف كل قطاع في واديه لحنا مختلفا.
ويتميز استخدام وسائل الإعلام المحلية في التنمية عن غيرها من الوسائل بما يلي:
§ إرتباطها بالبيئه المحليه وثقافة المنطقه التي تخاطبها.
§ إمكانية التنسيق مع المؤسسات والهيئات المحليه وتحقيق الترابط بين الأجهزه التنفيذيه والشعبيه وبين الجمهور لدعم جهود التنميه.
§ تستطيع القنوات والشبكات المحلية تدعيم وتطوير نمطا إتصاليا جيدا يقوم علي نطاق أفقي ويمكن الجماهير من المشاركة الفعلية في خطط وبرامج التنميه.
§ إن القائمين بالإتصال في هذه القنوات والشبكات المحليه يكونون في الغالب من أبناء المنطقه ويعايشون مشاكلهم وإحتياجاتهم الإعلاميه.
§ تتكامل هذه القنوات والشبكات المحليه مع القنوات المركزيه حتي تتحقق التنميه بشكل قومي شامل.
وسائل الإعلام المحلية ودور الشريك في تنمية المجتمعات المحليه
ووسائل الإعلام المحلية تؤدي دور الشريك في تنمية المجتمعات المحليه، فهي بالنسبه لمخطط التنميه تتحمل مايلي:
§ دور من يشرح ويبسط ويسهل مهمة التخطيط.
§ دور من يحمل رغبات الناس إلي المختصين بالتخطيط.
§ دور من يتابع مايفعله المختصون بالخطه طوال فترة الدراسات التي يقومون بها ليترجموا رغبات الجماهير إلي خطط قابلة للتنفيذ.
§ دور من يحمل ردود الأفعال من الناس إلي المسئولين بعد إعداد مشروع الخطه.
§ دور المنظم لمناقشات واسعه وعريضه تشلرك فيها الجماهير بالرأي، حتي يتوفر بالخطه أكبر قدر من الديمقراطيه.
§ دور من يعكس نتائج المناقشات إلي المسئولين.
المعوقات الإعلاميه للتنميه في المجتمعات المحليه
من أهم المعوقات التي تعرقل وسائل الإعلام المحليه في تحقيق الدور المنوط بها في عملية التنميه :
§ أن لاتنبع برامجها ورسالتها الإعلاميه من واقع البيئه التي تخدمها.
§ عدم الإهتمام بعنصري المشاركه والتدريب.
§ غياب التخطيط.
§ ندرة التدريب.
§ قلة الخبره.
§ عجز الإمكانيات الماديه .
حلول ومقترحات
§ 1-تضييق فجوة المعرفه بين أفراد المجتمع المحلي الواحد خاصة بين ذوي المستويات الإجتماعيه والإقتصاديه المختلفه.
§ 2-التكامل بين النظم التقليديه والحديثه، وبين الأفكار والممارسات القديمه والحديثه.
§ 3-الإهتمام بالتنميه الشامله بحيث تسير البرامج الإعلاميه وفقا لعملية التنميه بأبعادها المختلفه الإقتصاديه والإجتماعيه والثقافيه.
§ 4-نشر المعرفة بالقضايا والمشاكل التي تواجه البيئه المحليه وطرح الأفكار والحلول لمحاولة التغلب علي هذه المشكلات.
§ 5- تنظيم وتخطيط الإعلام.
§ 6-تنمية الموارد البشرية وتدريبها والعمل على استدامتها.
§ 7-العمل على تشجيع تنمية صناعة إعلامية مزدهرة.
§ 8-ربط الإعلام المصري بالتطورات والتحديث الذي تشهده البيئة الإعلامية العالمية..
الخاتمة :
تحتل وسائل الإعلام في كل الاوقات مكانة متميزة انطلاقا من طبيعة وظائفها وتأثيرها على الانسان (كفرد او مجتمع او كدولة )، حيث اصبحت دول العالم المتطورة في عصرنا الحاضر تعتمد على ثلاث اركان رئيسة في بنائها إلا وهي (السياسة والاقتصاد والإعلام) ومما ضاعف تأثير وسائل الإعلام على بناء شخصية الانسان هو تداخل وظائفها مع جميع طبقات المجتمع لما تقدمه من معلومات عبر مساحات كبيرة وعلى مدار الساعة من خلال مختلف وسائلها سواء ان كانت مسموعة كالراديو او مقروءة كالصحف والمجلات او مرئية كالقنوات الفضائية وتسهم هذه الوسائل في بناء القناعات والاتجاهات والمعتقدات عند الفردوكذلك التأثير على التنشئة الاجتماعية التي تؤثر بدورها على بناء الانسان الفكري والاجتماعي والنفسي. وتختلف وسائل الإعلام من حيث تأثيرها على الانسان فهي اما ان تكون بطريقة مباشرة من خلال برامج ذات اتجاهات واضحة يفهمها المتلقي كماهو موجود في برامج الاذاعات الدينية او يكون تأثيرها بطريقة تراكمية عبر الامتداد الزمني الذي يسهم بدوره برسم صورة عن الاشياء والاشخاص من حولنا وكذلك التأثير في اتجاهاتنا وسلوكنا حيال الواقع المحيط بنا.
الهوامش:
لقد تناول العديد من الدارسين قضية الإعلام، فحاولوا تحديد مفهوم مصطلح الإعلام، وإليكم بعض التعريفات التي تسنى لنا الاطلاع عليها: يقول د. جمال العطيفي أن الإعلام هو "إحاطة الرأي العام علما بما يجري من أمور وحوادث سواء في الشؤون الداخلية، أم في الخارجية"، يرى د. إبراهيم إمام أن الإعلام هو "نشر الأخبار والمعلومات والآراء على الجماهير"، ويرى د. د. يوسف قاسم أن الإعلام هو "تزويد الناس بالأخبار الصادقة والمعلومات الصحيحة والحقائق الثابتة التي تساعد الناس على تكوين رأي صائب في واقعة معينة"، ينظر كتاب: مسئولية الإعلام الإسلامي في ظل النظام العالمي الجديد، د. رشدي شحاتة أبو زيد، دار الفكر العربي – القاهرة، ط 1/1419هـ - 1999م، ص 22
2 المتلاعبون بالعقول، هربرت أ. شيللر، ترجمة عبد السلام رضوان، الإصدار الثاني، عالم المعرفة، 243/ذو القعدة 1419 – مارس 1999، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآدب – الكويت، ص 7
3 السيطرة على الإعلام، نعوم تشومسكي، ترجمة أميمة عبد اللطيف، اتصالات سبو، ط1/2005، ص 15
4 الحرب الحضارية الأولى، المهدي المنجرة، المركز الثقافي العربي، ط8/2005، ص 388
5 المصدر نفسه، ص 389
6 معجم المصطلحات الحديثة، د. سمير سعيد حجازي، دار الكتب العلمية بيروت، ط1/2005، ص 263
7 التنمية في عالم متغير، د. إبراهيم العيسوي، ص 13
8 المصدر نفسه، ص 14
9 المصدر نفسه، ص 17
10 دراسات في الإعلام والتنمية العربية، صلاح أبو أصبع، دبي، مؤسسة البيان 1989، ص 168
11 من كلمة لكوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، المصدر: موقع التنمية المستدامة الرقمي: http://www.un.org/arabic/esa/desa/aboutus/dsd.html
12 التنمية في الإسلام مفاهيم مناهج وتطبيقات، د. إبراهيم العسل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، ط1/1416 – 1996، ص 63
13 الإسراء، آية 17
14 التنمية في الإسلام مفاهيم مناهج وتطبيقات، ص 64
15 ينظر مقال: الإعلام التنموي للأستاذ إسلام عبد العزيز، http://forum.selze.net
16 دراسات في الإعلام والتنمية العربية، ص 408
17 الطفل والإعلام، د. عبد اللطيف كدائي، سلسلة المعرفة للجميع، منشورات رمسيس – الرباط ، ع 33، يوليو 2006، ص 51
18 الإعلام التنموي...المشكلات والحلول مدونة جرحي كول www.gar7ycool.blogspot.com.
19 تنمية بشرية | علوم إنسانية دكتور إيهاب ماجد رائد من رواد التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية
20 تقرير التنمية البشرية اليوم السابع
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق