Facebook

المال + الغرامة – السجن= معادلة رجال الأعمال المتورطين فى الفساد وعجبى






الاهرام : المال مقابل أى شىء.. معادلة دائما منطقية ورابحة لرجل الأعمال، فأى قضية فى الحياة هى بالنسبة له مسألة حسابية، يجمع ويطرح ويضرب ويقسم، والمهم أن يخرج فى النهاية رابحًا.. البعض من هؤلاء الرجال يكتفى بالربح الشرعى فى حدود القانون، وكثير لا يهمهم الطريق ومدى شرعيته وقانونيته بقدر ما يهمهم الربح ومدى حجمه وتضخمه.
أما أحدث المعادلات الحسابية فهى التى درسها جيدا ويعرضها حاليا رجال الأعمال المتورطين فى قضايا الفساد، فهم يعرضون التصالح وتسوية أوضاعهم بعيدًا عن السجن من خلال إلزامهم بسداد الفروق السعرية للأراضى أو الممتلكات والأرباح التى حصلوا عليها بالمخالفة للقانون.
وفى المقابل هناك معادلة أخرى يصر عليها خبراء القانون والاستثمار والاقتصاد وهى أن جرائم الفساد لا تقدر بالمال، وبالتالى يجب محاكمة رجال الأعمال الفاسدين حتى ولو قدموا النوايا لسداد قيمة هذه المخالفات، حتى تكون العقوبات رادعة لكل من يحاول ثانية العبث بالمال العام.
بداية.. يطالب خالد أبوإسماعيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية سابقًا أن يتم التعامل مع مثل هذه الملفات، بنظرة مستقبلية أكثر شمولًا.. متسائلا "ما الفائدة التى ستعود على الدولة أو أفراد الشعب من وراء حبس رجال الأعمال؟ خصوصًا وأن الكيانات الاقتصادية التى يديرونها تستوعب عشرات الآلاف من العمال".
ويؤكد فى الوقت ذاته إن "إغلاق هذه الشركات نتيجة سجن أصحابها سيترك بصمات سلبية على النمو الاقتصادى، وهذا يعنى المزيد من الآثار السلبية التى تضاف إلى العقبات التى يعانيها الاقتصاد حاليا نتيجة التظاهرات الفئوية".
ويقترح أبوإسماعيل أن تقوم الحكومة بتعديل قانون العقوبات ليشمل نصًا يقضى بفرض غرامة مالية على هؤلاء المخالفين تفوق قيمة الأرض السوقية، بحيث تكون الغرامة مضاعفة، قائلا "إن هذا أفضل من إغلاق الكيانات الاقتصادية".
ويرى أن القول بأن المحكمة يمكن أن تندب من هو أكثر كفاءة لإدارة هذه الأصول "قولًا مرسلا لأن صاحب العمل هو الأجدر على إدارة مشروعه وتنميته".
يوافقه فى هذا الرأى المهندس صلاح الحضرى، رئيس رابطة مصنعى السيارات، مشيرًا إلى أن إغلاق مثل هذه الكيانات يحرم الخزانة العامة من سداد الضرائب عن الأرباح الصناعية والتجارية، وكذا الرسوم الجمركية عن الخامات ومستلزمات الإنتاج التى تحتاجها هذه المصانع.
ويطالب بأن يكون هذا الوضع استثنائيًا فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية التى نمر بها، خصوصًا وأن نزيف الخسائر الاقتصادية يتصاعد بسرعة كبيرة، وإضافة مثل هذه المشاكل سوف تزيد عجلة الخسائر سرعة ويصعب مواجهة تداعياتها .
ويشير إلى أن هناك سابقة مع نواب القروض ورجال الأعمال الذين هربوا خارج مصر، حيث عاد هؤلاء وتمت تسوية أوضاعهم وعادوا مرة أخرى لتشغيل مؤسساتهم .
ولكن وفى المقابل فإن خبراء أيضا فى الاقتصاد والاستثمار يرفضون هذه الفكرة من حيث المبدأ، حيث يقول الدكتور منير هندى أستاذ الاقتصاد والاستثمار بتجارة الزقازيق، "إن تطبيق التسوية لأوضاع هؤلاء يعنى انتشار مثل هذه الجرائم والتوسع فى ارتكابها، ليصبح المال العام نهبًا لكل من تسوّل له نفسه، وعندما يتم ضبطه ومحاكمته يدفع الغرامة المقررة ويرد المبالغ التى تهرّب من سدادها".
ويؤكد هندى أن "هذا يمثل سياسة لى ذراع عند ارتكاب جرائم الاستيلاء على المال العام وهو أمر مرفوض، لأنه سيخلق الكثير من الجرائم اللا أخلاقية"، مشيرًا إلى أن "أوجه الاختلاف بين قضية نواب القروض ورجال الأعمال الحاليين المتورطين فى قضايا الفساد، أن الأولى تعرض رجال الأعمال فيها لتقلبات الأسواق وتذبذب سعر العملة، وكان من نتيجة ذلك أن تعثروا فى السداد، فهى جرائم ناجمة عن تعاملات اقتصادية. لكن قضايا الفساد الثانية اقترنت بالنوايا السيئة لهؤلاء الفاسدين من خلال منحهم رشاوى مالية وعينية مقابل التغاضى عن مستحقات الدولة التى هى فى الأصل أموال الشعب".
كذلك يرى الدكتور محيى الدين علم الدين، المستشار القانونى لاتحاد البنوك، أن ظروف قضية نواب القروض تختلف عن قضايا الفساد التى تحقق فيها النيابة العامة حاليا، "فالأولى اتفقت فيها البنوك على أن شاغلها الأول هو استجداء مستحقاتها كاملة، وكان معظم رجال الأعمال المتهمين هاربين خارج مصر، لذا فقد رأت الحكومة وقتئذ أنه من الأفضل أن يعود هؤلاء ويقومون بالتسوية أفضل من صدور أحكام جنائية ضدهم بالسجن وهم خارج مصر ثم تسقط بالتقادم".
ويضيف أن "أعضاء مجلس الشعب وقتذاك ضغطوا على الحكومة لأن ترضخ لمطالب التصالح مع هؤلاء، لأن قضية نواب القروض قد شملت تسع من أعضاء البرلمان تقريبا مما جعلهم يقبلون على تعديل نصوص مواد قانون البنوك أرقام 131، و132، و133 بأن المتهم الذى يسدد ما عليه من مستحقات للبنك تسقط عنه الدعوى الجنائية حتى ولو كان قد صدر حكم جنائي من محكمة النقض بتأييد العقوبة، ويخرج من السجن".
ويوضح علم الدين أن هناك ما يعرف بـ"التوبة الإيجابية" وينتج عنها سقوط العقوبة الجنائية، وهى للأشخاص الذين يبادرون بالإبلاغ عن أنفسهم أو الجرائم التى كانوا يرتكبونها قبل القبض عليهم بمعرفة الشرطة أو الجهات الرقابية، و"هذه التوبة منصوص عليها فى القرآن الكريم. ونظرًا لأن قانون العقوبات يستمد معظم نصوصه من الشريعة الإسلامية، فهى تطبق على كل من يختلس أموالًا أو يستولى عليها من الأموال العامة ثم يعلن توبته عن هذا الفعل ويقوم برد ما استولى عليه أو اختلسه".
أما المستشار عادل عبد الحميد، رئيس محكمة النقض السابق، فيعترض بشدة على مبدأ إعفاء المتهم من العقوبة الجنائية حال اعتدائه على المال العام، وقال إن "محكمة النقض سجلت فى هذا الصدد أسبابا قضائية قوية فى قضية محمد الملاح رئيس نادى الشمس الأسبق، والذى توفى مؤخرا، حيث رفضت المحكمة طلبات محاميه بسداد المبالغ التى استولى عليها من أموال النادى مقابل إسقاط العقوبة، وطالب معاملته بالمثل لما حدث مع نواب القروض، لكن المحكمة المعاملة بالمثل رفضت لأن المشرّع أراد أن يردع كل من تسوّل له نفسه الاستيلاء على المال العام، لأن الدولة تقدم من خلاله الخدمات والرعاية للمواطنين".
ويضيف فى هذا الصدد المستشار ممدوح راغب، مساعد وزير العدل الأسبق للتشريع والرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، أن "المشرع حدد حالات الاستيلاء وإهدار المال العام والتربح من ورائه والإضرار به، ولا يمكن التصالح بشأنها كنوع من الردع، لكن روح القاضى الذى ينظر فى مثل هذه الدعاوى يمكن أن تتدخل فى تخفيف العقوبة على المتهم؛ لأن المتهم فى مثل هذه الحالة تكون أمواله وممتلكاته تحت تصرف هيئة المحكمة".
ووصف راغب فكرة رجال الأعمال الراغبين فى عدم تطبيق عقوبة السجن عليهم بأنها هروب من العقوبة وبث للفوضى وتشجيع لعمليات النهب العمدى للمال العام، وهذا مرفوض".
لكنه يضاف أن "المحكمة يمكن أن تصدر أحكامًا بإيقاف تنفيذ العقوبة حال ما تكون العقوبة لا تزيد على السجن لمدة عام واحد فقط".
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق