Facebook

لا تعني التطبيع مع اسرائيل







شكل القرار الأخير الذي أعلنته وزارة الثقافة المصرية بقيام المركز القومي للترجمة بالتعاقد مع إحدى دور النشر الأوروبية لترجمة مؤلفات للكاتبين الإسرائيليين عاموس عوز، وديفيد جروسمان دون المرور على الناشرين الإسرائيليين حالة من التساؤل والبلبلة في مصر، خاصة أن هذا القرار جاء متزامناً مع الدعاية لوزير الثقافة المصري فاروق حسني لشغل منصب مدير عام اليونسكو .القرار اعتبره البعض وسيلة جديدة يمارسها الوزير لخطب ود إسرائيل في وقت يستدعي حشد التأييد الدولي معه ، والذي يعد حلقة أيضا في سلسلة الإعتذارات والتنازلات التي أبداها بعد تصريحه بشأن حرق الكتب الإسرائيلية ، في حين أكد مثقفون أن القرار بترجمة الكتب العبرية طبيعي وليس له علاقة باليونيسكو ووصول فاروق حسني له . وبعد عاصفة الهجوم والاستنكار التي قوبل بها القرار، نفى جابر عصفور رئيس المركز القومي للترجمة أن يكون ترجمة الكتب العبرية محاولة للتودد للإسرائيليين والتطبيع معهم أو تقديم تنازلات، قائلاً أن ترجمة الكتب العبرية إلى العربية ليس أمراً جديداً أو مستحدثا ، بل أنه كان يوجد من قبل حيث قام المشروع القومي للترجمة بترجمة عددا من الكتب العبرية قبل ذلك، ولكن تم التوقف بعد المعاهدة الدولية لحقوق النشر والتي وقعت عليها مصر والتي بموجبها يحظر ترجمة أي كتاب إلى لغة أخرى دون الاتفاق مع دار النشر المسئولة عن الكتاب.وقال "لا يمكننا التعامل مباشرة مع الناشرين الإسرائيليين لان هذا سيثير عاصفة من الاحتجاجات في مصر والعالم العربي ولذلك قررنا التفاوض مع دور نشر أوروبية". ومعروف أن الروائي المصري علاء الأسواني رفض ترجمة روايته "عمارة يعقوبيان" للعبرية . وأكد عصفور أنه " لم ولن يوجد أي نوع من التطبيع الثقافي مع إسرائيل" وأن هذا القرار لا علاقة بينه وبين ترشيح فاروق حسني لمنصب اليونسكو، وأن من حق أي كاتب عربي أو مصري محترم أن يرفض ترجمة أعماله للعبرية أو عن طريق ناشر إسرائيلي وذلك في ظل الانتهاكات والعمليات الإجرامية التي تمارسها إسرائيل تجاه الفلسطينيين. سالت شبكة الإعلام العربية "محيط" عددا من الكتاب والمثقفين المصريين عن آرائهم في قرار الترجمة ، ومدى ارتباطه بدعم فاروق حسني وترشيحه لمنصب اليونسكو .
مثقفون تحدثوا للشبكة
التوقيت وعلامات الاستفهام تحدث الأديب والكاتب المصري كمال رحيم قائلاً أن اتخاذ هذا القرار في هذا التوقيت يثير علامة استفهام . وقال : اعتقد أن الذي يقصد به هو دعم فاروق حسني للوصول لليونسكو، وأنا لست ضد ترجمة الكتب العبرية إلى العربية بل من المؤيدين له لكي نستطيع التعرف على فكرهم ؛ فالكتب نوع من أنواع الفنون والتي يجب أن تصل للكل ولا يحجبها شيء فيجب أن نفرق بين كل من الفن والسياسة، ومن هنا أرى أن كل الكتب قابلة للترجمة. وتساءل رحيم إذا كان هناك كتابا جيدا جداً لكاتب غير يهودي ولكنه مكتوب بالعبرية هل نرفضه؟، أو إذا كان هناك اختراع هام يفيد البشرية ولكن مخترعه يهودي نحرم استخدامه ؟ ورأى أن الثقافة تكون من اجل الثقافة ، ولكن ما يجب علينا استنكاره أن تكون الكتب المترجمة مدسوس بها أفكار مغرضة أو أفكار صهيونية عدائية ضد الفلسطينيين أو العرب، وأنا إن كنت مع الترجمة ولكن اعترض على التوقيت، والذي حول الأمر من قرار ثقافي لنشر الفكر والتعرف على الآخر إلى قرار سياسي لدعم فاروق حسني ليصبح مدير عام اليونسكو، فكان من الأفضل أن نبتعد في هذه الفترة عن الشبهات.ويعرف عن رحيم تناوله لليهود في رواياته الأدبية "قلوب منهكة" و"أيام الشتات" التي عالج فيها الكاتب فترة الخمسينات وخاصة بعد العدوان الثلاثي عام 1956 ووضع اليهود في مصر ونظرة المجتمع إليهم من خلال شاب والده مسلم ووالدته يهودية ونشأته في وسط عائلة يهودية بعد وفاة والده.إسرائيل تعرف الكثير عنايؤيد د. حامد طاهر أستاذ الفلسفة الإسلامية والمثقف المصري فكرة الترجمة من كل لغات العالم بما فيها العبرية لكي نتعرف على معلومات وحقائق وتوجهات عن الشعب الإسرائيلي ونعد العدة اللازمة لمواجهتهم.لكن ما يثار من لغط حول ترجمة الكتب العبرية لمصلحة شخصية تتعلق بترشيح وزير الثقافة لليونسكو هذا أمر معيب وكان يجب أن تتم ترجمة هذه الكتب منذ فترة طويلة فالتوقيت الذي تم إعلان القرار فيه توقيت سيء.وفي إسرائيل يترجمون عن العربية الكثير من الكتب في كل المجالات ليتعرفون علينا جيدا ، وإذا سألنا أنفسنا هل نعرف إسرائيل بالفعل فتاتي الإجابة سلبية، ويرجع السبب في ذلك لعدم ترجمة أعمالهم بدعوى الأمن وخلافه. اعرف عدوك
يبدي د. أحمد إبراهيم الفقيه الدبلوماسي الليبي والأديب الكبير موافقته على قرار ترجمة الكتب العبرية "مائة بالمائة"، من خلال كتاب مؤيدين لقضايا التصالح على أسس إنسانية وشرعية، ولأنه يوجد العديد من الكتاب الإسرائيليين الذين لهم العديد من المواقف المشرفة فبعضهم يدين بشدة الممارسات غير الإنسانية التي تقوم بها الحكومات الإسرائيلية، ويتعاطفون مع الفلسطينيين، ومنهم عاموس عوز والذي تعتزم وزارة الثقافة المصرية ترجمة أعماله.ومن الكتاب الإسرائيليين الذين ود الفقيه أن تنشر أعمالهم إلى جانب كل من عوز وغروسمان، هو عاموس إيلون وهو كاتب يهودي معارض للصهيونية والممارسات القمعية ويدعم إقامة الدولة الفلسطينية توفي مؤخراً وله العديد من المواقف الهامة، ويؤكد الفقيه أنه واحد من الكتاب المهمين الذين يجب أن نرسل أصواتهم للقاريء العربي.ويتابع الفقيه : لا يوجد عندي أي تحفظ على ترجمة المؤلفات العبرية حتى لو كانت ضدنا وتأتي من باب "اعرف عدوك" حتى نكشف الوجه الصهيوني ونتعرف عليه كيف يفكر.ويعترض على الربط بين توقيت إعلان قرار ترجمة الكتب العبرية ودعم فاروق حسني في منصبه لليونسكو، قائلاً أنا أتكلم عن مبدأ الترجمة نفسه وهو قرار سليم بغض النظر عن ترشيح فاروق حسني لمنصب اليونسكو والذي يحظى بتأييد وإجماع عربي، لما يمتلكه – برأي الفقيه - من خبرات كثيرة وكونه فنانا ، مع استمراره وزيراً للثقافة لمدة تجاوزت العشرين عاماً، وعمله في عدد من الدول الأوروبية وإتقانه لعدد من اللغات وانفتاحه على الثقافات الأخرى وكل ما سبق يؤهله لشغل هذا المنصب، وذلك بغض النظر إن كان قرار الترجمة جاء بغرض إرضاء الإسرائيليين أم لا .لماذا التجاهل؟"يجب ألا نغمض أعيننا عن العدو" وترجمة الكتب هي أداة للتعامل والتعرف عليه، هكذا افتتح الكاتب يوسف الشاروني حديثه وتابع قائلاً أن الإسرائيليين يترجمون أعمالنا وكتبنا منذ سنوات عديدة مضت منذ أن كان توفيق الحكيم يكتب وبالتالي هم سبقونا في ذلك وأصبحوا يعرفوننا جيداً بينما نحن نغمض أعيينا عنهم، ولا نترجم أعمالهم وهذا لا يجوز، يجب أن نعرف عدونا. حتى في ظل العلاقة المتوترة بيننا يجب أن نتعرف عليهم ولن يكون هذا إلا عن طريق أدبهم وكتبهم، فهم رغم العداء بينهم وبين الفلسطينيين إلا أن مخابراتهم حريصة على ترجمة الأدب الفلسطيني مثل أعمال محمود درويش وغيره وهم يستفيدون من ذلك بينما نحن نتجاهله. وبالنسبة لتزامن قرار الترجمة مع ترشيح فاروق حسني لليونسكو قال الشاروني أن هذا منصب عالمي يرقى فوق أي خلاف وهذه وظيفة دولية تتطلب الحيادية، ففاروق حسني لا يمثل مصر وحدها أو دولة عربية بعينها وبالتالي لا يوجد صلة بين قرار ترجمة الكتب العبرية وبين دعم حسني لمنصب اليونسكو.

لا للناشرين الإسرائيليي محمد رشاد صاحب ومدير الدار المصرية اللبنانية للنشر والأمين العام لاتحاد الناشرين العرب قال أنه منذ العديد من السنوات كانت هناك الكثير من الدعوات للتعرف على الإسرائيليين من خلال كتبهم فقد قالها من قبل أنيس منصور وغيره، وأكد رشاد أننا يجب ألا نتعامل مع دور النشر الإسرائيلية مباشرة بل تكون الترجمة من خلال لغة وسيطة إنجليزية أو فرنسية مثلاً، ولا يتم التعامل المباشر معهم إلا بعد حل القضية الفلسطينية. يتابع قائلاً أن الأدب مرآة المجتمع فمن خلاله نتعرف على تاريخهم والجديد فيما وصل إليه أدبهم، فعندما اتهمونا أن مناهجنا الدراسية في مصر بها عنصرية تمكنا من الرد عليهم بعد دراسة كتبهم جيداً، حيث أصدرنا في الدار المصرية اللبنانية للنشر كتاب " تربية العنصرية في المناهج الإسرائيلية" د. صفا محمود عبد العال .
ولإعداد الدراسة استعنا بستة عشر كتاباً من مناهج التعليم الأولى الإسرائيلية، وهي كتب مترجمة إلى لغة وسيطة إنجليزية أو فرنسية ولم يتم التعامل مع الناشرين الإسرائيليين، ويلقى الكتاب الضوء على الطرق والخطط التي تنتهجها إسرائيل من أجل تربية أطفالها على مبادئ العنصرية، ويقدم الكتاب نصوصا من الكتب المدرسية في إسرائيل تحث على كراهية العرب، فهنا استعنا بكتبهم للتعرف على فكرهم، ونتمكن من الرد عليهم. وعلى الرغم من مشاركتنا في العديد من المعارض الدولية المختلفة والتي يشارك فيها أيضاً ناشرين إسرائيليين إلا أنه لم يتم عقد أي اتفاقيات بيننا وبينهم ولن توجد قبل حل القضية الفلسطينية، صحيح أن الترجمة من اللغة الأصلية أفضل ولكن بما أننا لا نستطيع التعامل مع دور النشر الإسرائيلية، إذن فلنتعرف عليهم من خلال دور نشر وسيطة، وإسرائيل تهتم بكل من القوة والعلم وتخصص جزء كبير من أموالها في البحث العلمي والذي يجب علينا بدورنا أن نهتم به حتى نساعد متخذي القرار. ومختتما بأنه أيضا لا يرى علاقة بين إثارة قضية الترجمة وترشيح حسني لليونيسكو .


جروسمان وعاموس الكاتبان الإسرائيليان اللذين تعتزم وزارة الثقافة ترجمة كتبهم هما دافيد جروسمان وعاموس عوز، ويعرف عن الكاتبين ميلهم للسلام وأرائهم المعتدلة بشأن القضية الفلسطينية، ودعوتهم من اجل إيقاف نزف الدماء.دافيد جروسمان هو روائي إسرائيلي مرموق له العديد من المؤلفات منها الريح الصفراء، وابتسامة الجدي وغيرهما، رشح سابقاً لنيل جائزة نوبل، توفى ابنه في الحرب الإسرائيلية اللبنانية 2006، وله العديد من المواقف المعارضة لإسرائيل، و أحد أنصار حزب ميرتس والسلام.أما عاموس عوز فهو أديب شهير خصصت له جامعة "بن جوريون" أرشيفاً خاص به وبإنتاجه الأدبي، وهو أحد أبرز دعاة السلام من الجانب الإسرائيلي ومن المؤيدين لحزب ميرتس، وواحد من الشخصيات الهامة داخل إسرائيل، وله العديد من المواقف السياسية والخارجية الهامة، كما أنه من المعارضين للاستيطان، ونادى قبل ذلك بالحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية. حصل "عوز" على عدة جوائز من أهمها جائزة "جوته" التي تعد ثاني جائزة في أوروبا بعد جائزة نوبل وذلك فى عام 2005، ومنحته الجامعة العبرية بالقدس عام 2006 درجة الدكتوراه الفخرية في الفلسفة تقديراً لإسهاماته الأدبية والاجتماعية، وله عدة مؤلفات والتي تتنوع بين المجموعات القصصية والروايات.

___
محيط - مي كمال الدين

Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق