Facebook

الهولوكوست في الحياة الاميركية

عندما يتصدى كاتب يهودي اميركي للمواضيع المحرمة (تابوات) للوبي اليهودي الاميركي. فان هذا اللوبي ينتقم على طريقته الخاصة. فاللوبي اليهودي الاميركي يستثمر هذه التابوات اليهودية وخصوصاً المحرقة (الهولوكوست) افضل استثمار.

لذلك يطرح سؤال مزدوج مع كل كتاب يصدره يهودي ويتضمن معارضة لاساطير وشائعات اللوبي اليهودي ـ الاميركي. الوجه الأول للسؤال هو: لماذا يجيب هذا اللوبي بكل ما يملك من عدوانية؟ والثاني: لماذا يضع المؤلف نفسه في وضعية” اليهود ي كاره نفسه”؟.

بالنسبة للشطر الأول من السؤال فإجابته ان اللوبي لا يريد ان يخسر شيئاً من مكاسبه وسيطرته المالية(16 من أصل 40 من اغنى اغنياء اميركا هم من اليهود. ومتوسط دخل الاميركي اليهودي 45 الف دولار … الخ). اما الجواب عن الشطر الثاني فهو يتعلق بالدوافع الذاتية الخاصة بالمؤلف. فقد قبل تشومسكي تهمة لا سامية الأنا مدفوعاً بافكاره الماركسية وقبلها فينكلشتاين دفاعاً عن ذكرى والديه. وها هو مؤلف كتاب “الهولوكوست في الحياة الاميركية” البروفسور بيتر نوفيك يعرض نفسه بدوره لهذه التهمة ! فلماذا؟.

تخرج من قراءة الكتاب بانطباع مفاده ان المؤلف يريد ان يدافع عن الهولوكوست ويريد تعويض الخطأ البنيوي في الشخصية اليهودية التي تستغل الامور دون ان تعرف متى يجب ان تتوقف او ان تنسحب. فقراءة نوفيك للهولوكوست تعتمد على النظرية الاستقرائية. وهي تقول باختصار ان استمرار اليهود باستغلال الهولوكوست، بعد اكثر من نصف قرن على حصوله، لا بد له من ان يعطي نتائج عكسية ومضادة لمصلحة اليهود. ويحدد نوفيك هذه النتائج الضارة بالنقاط التالية:

1ـ انها تحول هتلر الى بطل تاريخي. وتجلب له الدعاية.

2ـ انها تجعل الرأي العام يميل للاعتقاد بصوابية ما فعله هتلر بدليل هذا التنظيم اليهودي الفائق والمستمر بعد اكثر من نصف قرن على وفاة هتلر.

3ـ اعادة احياء مشاعر “معاداة السامية” كنتيجة طبيعية للدعاية المكثفة والمبالغة والابتزاز الناجم عنها.

4ـ خلق اجواء معادية لليهود لدى المجموعات الاخرى التي تعرضت للاضطهاد سواء في الهولوكوست او في مناسبات اخرى.

وبالرغم من هذه التحليلات التي تحتمل النقاش فقد قامت جريدة “نيويورك تايمز” بشن هجوم عنيف على المؤلف واصفة اياه باستاذ التاريخ الجاهل. الذي لا علم له بالتاريخ وخاصة بالتاريخ اليهودي. وتوصلت الجريدة الى الجزم بأن كتاب نوفيك (استاذ التاريخ بجامعة شيكاغو) هو كتاب لا معرفي وفاقد للمعلومات!.

من جهته يرى نوفيك ان هنالك موقفان يهوديان من المحرقة. الاول يقول بأن مذابح الماضي هي مناسبة تعيسة على اليهود ان يذكروها بالاعتكاف (وهذا الموقف ينسجم مع الانثروبولوجيا الثقافية اليهودية التي تضم حائط المبكى الى نظمها الرمزية). اما الموقف الثاني فكان يدعو لاستغلال رؤية المسيحيين وهم يبكون لرؤيتهم مناظر التعذيب في الهولوكوست. وهذا البكاء يعكس مشاعر ذنب تستحق الإستغلال من خلال استعراضية مشاهد الهولوكوست.

ويرى نوفيك ان الغلبة كتبت لاصحاب الموقف الثاني ولكنه يأخذ عليهم جملة ملاحظات. هي في الواقع إنتقادات تستفز هذا الفريق من اليهود. وتتلخص بـ :

1 ـ من الخطأ ادخال العذابات اليهودية في التاريخ الاميركي. بحيث تصبح جزءاً من هذا التاريخ. لأن هذه العذابات لم تحدث في اميركا اصلاً. وبالتالي فان ادخالها قسراً في التاريخ الاميركي هو تزوير يستثير المشاعر اللاسامية.

2 ـ ان محاولة استغلال تعاطف غير اليهود وشعورهم بالذنب هي محاولة لتجنيدهم للعمل لصالح الصهيونية. وهذا الاستغلال قد نجح لفترة ما لكنه بدأ يعلن فشله عبر ما يمكن ملاحظته من تبرم قطاع من الأميركيين من تكرار حكايات مضى عليها اكثر من نصف قرن.

3 ـ ان تكرار الحديث عن مذابح المحرقة كل هذا الوقت جعل اليهود يظهرون وكأنهم فخورين بما فعله بهم هتلر. وكأنهم يتسابقون مع الآخرين حول من تعذب اكثر ليستحق عطفاً اكبر!

4 ـ استغلت اسرائيل حرب (1973) لتوريط مباشر للولايات المتحدة ولاعادة احياء قلق اليهود الاميركيين من احتمال حدوث هولوكوست جديد في الشرق الاوسط. وكذلك قلق هؤلاء اليهود من احتمالات عدم تكرار التدخل الاميركي المنقذ لاسرائيل في حال تكرار الموقف المهدد لاسرائيل.

وينهي نوفيك باشارة الى ان مجموعة هذه المبالغات تدفع باعداد متزايدة من الناس للاحساس بأن هتلر كان محقاً في ما قال وما فعل

3 ـ مذكرات رودلف فربا

وهو أحد الفارين القلائل من معتقل “اوشفيتز” وهو قد نشر هذه المذكرات في العام 1961 في جريدة “ لندن دايلي هيرالد”. ومما يقوله فيها: انا يهودي وبالرغم من يهوديتي فاني ادين بعض القادة اليهود بابشع اعمال الحرب. فهذه الفئة من الخونة علمت بما يحدث لاخوانهم لكنهم فضلوا شراء ارواحهم بالصمت عما يجري! ومن هؤلاء د.رودولف كيستنر ((المندوب الدائم للمؤتمر اليهود ي العالمي ورئيس فرع هنغاريا)). لكن صاحب هذه المذكرات يبدو جاهلاً تمام الجهل لطبيعة العلاقة بين كيستنر (والصهيونية عامة ) وبين النازية. فقد اوضحت محاكمة ادولف ايخمان بوجود علاقة وثيقة بينه وبين كستنر اذ يقول عنه: … لقد كنا نثق احدنا بالآخر وكان همه الأكبر هو تمكين مجموعة مختارة من يهود هنغاريا من الهجرة الىاسرائيل”.

وهذه الانتقائية (النخبوية) تتفق مع تحديد بن غوريون القائل بانتقاء القليل من جموع اليهود في ترتيب عملية الهجرة الى فلسطين. على ان يكونوا من الشباب الذين يستطيعون فهم معنى “الوطن القومي اليهودي” ووضع طاقاتهم وامكاناتهم لخلق ظروف اقتصادية ملائمة لمتابعة الهجرة!

والناحية التي لم يدركها فربا هي ان الصهيونية كانت تعي استحالة تهويد فلسطين اذا بقي اليهود مصرين على البقاء حيث هم في البلدان التي يعيشون فيها. وكان التفاهم مع اعداء السامية هو طريقة الصهيونية لدفع هؤلاء اليهود باتجاه فلسطين. ولقد وصل هذا التفاهم الى حدود التحالف ومن مشاهده:

1 ـ لقاء في العام 1923 بين موسوليني وبين رئيس المنظمة الصهيونية العالمية حاييم وايزمان. اكد فيه الاول دعمه لتهويد فلسطين.

2 ـ لقاء في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 1934 بين موسوليني وناحوم غولدمان. وافق فيه موسوليني على فكرة تأسيس “المؤتمر اليهودي العالمي”.

3 ـ تشير وثائق عديدة الى وجود علاقة بين الصهيونية وبين هتلر قبل تسلمه الحكم. كما تشير هذه الوثائق الى تلقي الحركة النازية لتبرعات صهيونية.

4 ـ ملاحظة لا يمكنها ان تكون بريئة وهي ان السلطات النازية كانت تصادر وتحرق كتب سبينوزا واينشتاين في المانيا وتسمح باعادة طبع كتاب هرتزل “الدولة اليهودية”.

5 ـ ملاحظة لا تقل عن سابقتها إثارة للشكوك وهي منح السلطات النازية للثري الصهيوني مندلسون لقب “مواطن آري بمرتبة الشرف”. في الوقت الذي كان يساق فيه آلاف اليهود الفقراء الى

المعتقلات(5).

وبناءً على هذه المشاهدات يؤكد نائب الكنيست السابق “يوري افيندي” بأن اهتمام الحركة الصهيونية، وقت وقوع المحرقة، لم يكن موجهاً الى اليهود علىالاطلاق. بل هو كان موجهاً الى اقامة دولة يهودية في فلسطين

4 ـ بن هيكت ـ الخيانة

في كتابه الذي يحمل عنوان “الخيانة” يقول بن هيكت بأن مئات الالوف من اليهود كانوا يجمعون في الغيتوات تمهيداً لارسالهم الى معسكرات الاعتقال. دون ان يعرفوا المصير الذي ينتظرهم. ولم تكن الصهيونية لتهتم الا بنخبة مختارة من اليهود. وحين كانت تفشل في ادخال هؤلاء المختارين الى فلسطين فانها كانت تحكم عليهم بالموت دون تردد. ثم تقوم بشن الحملات الاعلامية الضخمة للاتجار بدماء ضحاياها!. ويعطي بن هيكت مثالاً على ذلك ما حدث للباخرة “باتريا” عام 1942 التي وصلت الى ميناء حيفا وعلى متنها المئات من المهاجرين اليهود. لكن السلطات البريطانية رفضت السماح لهم بالنزول الى ميناء حيفا وعرضت عليهم التوجه الى مدغشقر. وعندها قام الصهاينة بنسف الباخرة بمن فيها. واعقبوا هذه الجريمة بحملة دعائية واسعة إدعت بأن ركاب الباخرة قد نفذوا انتحاراً جماعياً لتفضيلهم الموت على مفارقة الوطن(انظر اسطورة الماسادا). ويقول بن هيكت ان الصهاينة كرروا الفعلة نفسها بالباخرة “سترومي”

5 ـ الباخرة شترن

5 ـ الباخرة شترن

نشرت مجلة شترن (Stern) الالمانية سلسلة وثائق فضائحية تكشف محاولات الصهاينة للتعاون مع النازية. وتتعلق احدى هذه الوثائق باسحق شامير (رئيس وزراء اسرائيل السابق ورئيس منظمة ارغون الارهابية في حينه). اذ قام شامير باجراء اتصالات سرية مع النازيين عبر الملحق البحري في سفارة المانيا بتركيا. وقدم عرضاً مفاده ان اهداف ارغون تتفق مع الاهداف النازية لجهة اجلاء اليهود عن اوروبا تمهيداً لاقامة نظام اوروبي جديد. وهذا الاجلاء لا يمكنه ان يتم الا عن طريق تهجير اليهود الى فلسطين. وهكذا فإن هذا الهدف المشترك يمكنه ان يؤسس لتعاون مشترك بين الصهيونية والنازية. ويمكن ضمان استمرار هذا التعاون بعد قيام الدولة اليهودية عن طريق معاهدة بين الطرفين تؤمن المصالح الالمانية في الشرق الاوسط. وفي حال الموافقة فان منظمة ارغون مستعدة للاشتراك في العمليات الحربية الى جانب المانيا...

واذا كنا بصد الحديث عن معاداة السامية فهل يحق للصهيونية بعد كل هذا مجرد الادعاء بأنها تحمي اليهود من معاداة اليهود؟ وها هي الوثائق تتراكم حول وجود تعاون وثيق ما بين قادة الحركة الصهيونية وبين المخابرات النازية والفاشية الايطالية؟. وهل يجوز الصاق تهمة “لا سامية الأنا” أو “اليهودي كاره نفسه” بفينكلشتاين لمجرد انه يقرف من المتاجرة بعواطف والديه وعذاباتهما؟ وهل يصبح نوفيك كذلك لانه يحذر اسرائيل من استغلالها الهستيري، غير السوي، للهولوكوست؟. وهل يعتقد رودولف فربا بأن اغتيال كستنر في اسرائيل العام 1957 كان بسبب خيانته؟

لو شك فربا بهذا الامر مجرد شك فاننا نحيله الى الكاتب الالماني “غوليس مادير” ليطلعه على قائمة تقع في 16 صفحة تضم اسماء الزعماء الصهاينة المتعاونين مع الغستابو منهم على سبيل المثال: حاييم وايزمان وموشي شاريت ودافيد بن غوريون واسحق شامير...الخ. فهل بقي من زعماء الصهاينة من يستطيع الادعاء بأنه ليس يهودياً يكره نفسه؟!
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق