Facebook

زيارة مبارك لواشنطن ..

يكاد يجمع المراقبون أن زيارة الرئيس المصري حسنى مبارك لواشنطن في 15 أغسطس لن تكون كسابقاتها بالنظر إلى أنها تعتبر الأولى من نوعها منذ 5 سنوات ، كما أنها تأتي في أعقاب فترة من التوتر بعلاقات البلدين خلال عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.

ويبدو أن تعدد اللقاءات بين أوباما ومبارك خلال الشهور الثلاثة الماضية يؤكد أن هناك حرصا شديدا من الجانبين على تحسين العلاقات بينهما ، حيث يعتبر لقاء الرئيسين الأمريكي والمصري في واشنطن هو الثالث من نوعه منذ تولي أوباما رئاسة أمريكا ، وكان اللقاء الأول بينهما في القاهرة قبل توجيه أوباما خطابه التاريخي للعالم الإسلامي في يونيو/حزيران ، والمرة الثانية في إيطاليا أثناء انعقاد قمة الثمانى الصناعية الكبرى بمدينة لاكويلا في يوليو/تموز الماضي .

ولعل التصريحات التي خرجت من القاهرة وواشنطن تؤكد الأهمية التي ينظر بها الجانبان لهذه الزيارة ، فقد صرح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية في مصر بأن زيارة الرئيس مبارك تأتى فى توقيت مهم للغاية قبيل انتهاء الإدارة الأمريكية من إعلان خطتها لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط.

وأشار عواد إلى أن القمة التى ستجمع بين الرئيسين مبارك وأوباما في 18 أغسطس بالبيت الأبيض هى الثالثة من نوعها على مدى ثلاثة أشهر متتالية ، مما يعكس الحرص المشترك على تكثيف التشاور والتنسيق فى ضوء الرغبة الأمريكية للتعاون مع مصر بشأن القضايا الإقليمية ودفع عملية السلام فى الشرق الأوسط.

وأوضح أنه بخلاف هذه اللقاءات كانت هناك عدة رسائل خطية متبادلة بين الرئيسين مبارك وأوباما إلى جانب الرسائل التى حملها المبعوث الأمريكى لعملية السلام فى الشرق الأوسط جورج ميتشل والتى استهدفت طرح تقدير الرئيس مبارك للموقف فى المنطقة والمساعدة فى بلورة الرؤية الأمريكية للتحرك لكسر جمود عملية السلام، لافتا إلى أنه فى هذا الإطار يأتى ملف عملية السلام على رأس جدول أعمال المباحثات بين الرئيسين مبارك وأوباما.

وأضاف عواد أن ملف إيران النووى والأمن الإقليمى سيكونان أيضا على رأس القضايا التى سيبحثها الرئيس حسنى مبارك مع نظيره الأمريكى باراك أوباما فى واشنطن .

ومن جانبها ، صرحت مارجريت سكوبى سفيرة الولايات المتحدة لدى مصر بأن زيارة مبارك للولايات المتحدة تأتى فى توقيت بالغ الأهمية لدعم العلاقات بين البلدين وإجراء مزيد من المباحثات بين الرئيسين مبارك وباراك أوباما حول القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة.

وقالت سكوبى :" إن الزيارة تعد فرصة طيبة لتكريم الرئيس مبارك ردا على الحفاوة البالغة التى حظى بها الرئيس الأمريكى باراك أوباما خلال زيارته لمصر فى الرابع من يونيو/حزيران الماضى".

وأضافت أن كلا البلدين يتمتعان بعلاقات إستراتيجية قوية منذ 30 عاما تعتمد على الصداقة والشراكة وتقوم على أساس تقاسم مزايا تقدير السلام والمفاوضات كطريق لحل النزاعات.

قضايا وخلافات

ورغم أن قضايا المساعي الجديدة لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي وأمن الخليج وملف إيران ووضع العراق وأفغانستان ودارفور والقرصنة ومكافحة الإرهاب ستكون محور محادثات أوباما ومبارك ، إلا أن هناك عدة ملفات لها أهمية قصوى ومن أبرزها موضوع المساعدات الإقتصادية والعسكرية التي تقدمها واشنطن للقاهرة بعد أن تعرضت المعونة الاقتصادية ابتداء من 2007 للتخفيض إثر اتهام إدارة بوش للقاهرة بعدم الالتزام بواجبها بالنسبة للحريات والديمقراطية.

أيضا هناك مخطط واشنطن لإقامة مظلة دفاع أمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، ففي 22 يوليو الماضي ، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون خلال زيارتها لتايلاند أن الولايات المتحدة مستعدة لتعزيز دفاعات شركائها الإقليميين للتصدي لخطر الملف النووي الإيراني ، مشيرة إلى أن على إيران أن تفهم أنها لن تكون أكثر آمانا إن نشرت الولايات الولايات المتحدة مظلة دفاعية في المنطقة.

الموقف المصري جاء رافضا بشدة لمثل هذا الأمر ، حيث نفى مبارك في 4 أغسطس الماضي نيته المشاركة في مشروع إقامة مظلة دفاع أمريكية في منطقة الشرق الأوسط ، قائلا خلال لقاء حزبي في مدينة دمياط شمالي القاهرة :" تلقينا عروضاً بالفعل من قوى كبرى لإقامة قواعد عسكرية على أرض مصر" ، إلا أن مصر رفضت بقوة هذه العروض سواء كان ما يتعلق منها بإقامة قواعد عسكرية في مصر أو إدخال بعض المعدات والأجهزة العسكرية .

وأضاف مبارك أن مصر ترفض سياسة القواعد الأجنبية على أرضيها وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا توجد فيها قوة أجنبية، ما يجنبها أي تدخل أجنبي أو فرض نفوذ خارجى عليها ، واختتم قائلا :" نحن لا نضع مستقبل مصر في أيدي الأجانب، ولدينا إرادة حرة ونرفض كل ما يؤثر في إرادة هذا الوطن".

التصريحات السابقة تؤكد أن هناك نقاط خلاف جديدة بدأت تطفو على السطح بين واشنطن والقاهرة بجانب الخلافات التقليدية فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي وملف الحريات السياسية والديمقراطية .

صفقات سرية

ويذهب البعض في هذا الصدد إلى أن أوباما الذي يحتاج بشدة لحكمة الرئيس مبارك للتصدي لخطر الملف النووي الإيراني وإنقاذه من مستنقع العراق قد يعقد صفقة ما مع القاهرة تتجاهل نقاط الخلاف الجوهرية وتركز على مواجهة التحديات الجديدة ، حيث كشف سكوت كاربنتر مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق والخبير بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى عن توقيع اتفاق سرى بين واشنطن والقاهرة مؤخرا يجعل انتقال السلطة فى مصر مستقبلا آمنا ولن يصاحبه أية اضطرابات .

وأضاف فى حوار مع جريدة "الشروق" المصرية أن هذا الاتفاق غير مكتوب ويتضمن تعهد مصر لأمريكا بتوفير الاستقرار والأمن في المنطقة ، فيما تزود أمريكا مصر بالأسلحة والمعونة.

واستطرد كاربنتر قائلا :" هذا الاتفاق من شأنه أن يؤدى إلى التراجع فى مجال الإصلاح السياسى وسيحدث تأخرا فى ملف حقوق الإنسان فى مصر، جمال مبارك هو الوجه الوحيد المطروح على الساحة لتولي الرئاسة مستقبلا مدعوما بسلطة ونفوذ الحزب الوطنى ورجال الأعمال وتعديلات الدستور الأخيرة التى قلصت فرص منافسيه ، واشنطن لن تعترض على توليه الرئاسة فى مصر إذا اختاره المصريون من خلال انتخابات حرة يكتسب من خلالها الشرعية والمصداقية، وقد مهدت الدولة لمجيئه بالقضاء على أى منافسين محتملين".

وردا على سؤال حول الشخصيات المؤثرة فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن ، قال: "من الشخصيات المؤثرة رجل الأعمال نجيب ساويرس وهو يمثل عددا قليلا من رجال الإعمال المستقلين ولديه أفكار جيدة ومال ووعى سياسى ومسافة جيدة ومستقلة من دوائر السلطة ، وهناك أيضا رفعت السعيد وهو من الشخصيات السياسية الماهرة ومحمد كمال عضو الحزب الوطنى وهو شخص أعرفه من فترة طويلة ولديه فهم جيد لكن ليس لديه القوة أو النفوذ، وأحمد عز الذى كان مؤثرا ولا أعرف إذا كان مازال يملك نفس النفوذ مع الإدارة الأمريكية الحالية أم لا".

وبجانب تصريحات كاربنتر التي تتحدث عن صفقة سرية فيما يتعلق بالشأن الداخلي المصري ، فإن هناك من تحدث أيضا عن صفقة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ، حيث كشفت مصادر أمنية إسرائيلية في 4 يوليو الماضي عن اقتراح أمريكي بتجميد البناء في المستوطنات المقامة على الضفة الغربية المحتلة، مقابل التطبيع التجاري والسماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق فوق الدول العربية.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن اليكس فيشمان المحلل للشئون العسكرية والمعروف بقربه من المصادر الأمنية الإسرائيلية القول :" إن الولايات المتحدة الأمريكية تتعهد بأن تقوم دول عربية بالسماح للطائرات بالتحليق فوق أجوائها، وأن عددا من دول الخليج وشمال إفريقيا سوف توافق على إعادة فتح مكاتب المصالح التجارية الإسرائيلية، التي كان قد تم إغلاقها بعد الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000 " .

واختتم فيشمان قائلا :" تدور من وراء الكواليس مباحثات دبلوماسية بين إسرائيل وأمريكا والسعودية ومصر والأردن ودول الخليج الأخرى من أجل دفع هذه العملية قدما إلى الأمام ".

وأيا كانت صحة الصفقات السابقة والتي سربتها وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية ، فإن الحقيقة التي لاجدال فيها أن دور مصر لاغنى عنه لاحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وهذا ما أدركه أوباما منذ اللحظات الأولى لتوليه منصبه .


Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق