مبارك وأوباما خلال لقائهما بالقاهرة
القاهرة: أكد الرئيس المصري حسنى مبارك إن عملية السلام فى الشرق الأوسط ستحتل أولوية رئيسية فى مباحثاته مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما والمقررة غدا الثلاثاء في البيت الأبيض، مشددا في الوقت نفسه ان مصر لن تكون طرفا في مظلة نووية امريكية، فيما أكد أن علاقة القاهرة مع الإدارة الأمريكية السابقة شهدت خلافات جوهرية حول عدد من القضايا، موضحا أن ما تردد عن حل البرلمان مجرد شائعات.
وكانت أصوات مصرية معارضة صعّدت مؤخرا من وتيرة تحذيراتها من مغبة إقامة قواعد أميركية على الأراضي المصرية، أو التورط في أي أنشطة تتعلق بضرب المنشآت النووية الإيرانية، بعد تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي قالت فيها: "إذا نشرت الولايات المتحدة مظلة دفاعية في المنطقة، وإذا بذلنا جهوداً أكبر لدعم القدرة العسكرية لحلفائنا في المنطقة، فمن غير المرجح أن تكون إيران أقوى أو بأمان أكبر".
ونفى مبارك في حديث لصحيفة "الاهرام" نشرته اليوم الاثنين ما يتردد بشأن إقامة مظلة نووية أمريكية لحماية دول الخليج ومصر وإسرائيل، قائلا : "إننا لا نتلقى أى إتصالات رسمية بشأنها وإذا صحت هذه التقارير فلن تكون مصر طرفا فيها لأنها تنطوى على قبول ضمنى بوجود قوة نووية إقليمية وتواجد قوات أجنبية على أرضنا".
وأضاف: ان "الشرق الاوسط ليس فى حاجة لقوى نووية لا من جانب ايران أو من جانب اسرائيل .. المنطقة فى حاجة للسلام والامن والاستقرار والتنمية".
في نفس السياق، ذكرت جريدة "الشروق" المصرية أن السعودية قد تحفظت أيضا على المظلة الدفاعية الأمريكية إذا كان يتضمن وجود قوات أجنبية على أراضيها وانطلاق عمليات من هذه الأراضى ضد دول مجاورة، ومع ذلك قالت السعودية بالحرف الواحد "لكنكم تستطيعون التأكد من مساعدتنا عند اللزوم" بمعنى آخر أن السعودية مستعدة للمشاركة فى التمويل.
وعودة لحديث الرئيس مبارك لـ "الأهرام" ، وردا على سؤال بشأن مطالبة أوباما للدول العربية بتقديم بوادر حسن نية تجاه إسرائيل، قال مبارك إنه أبلغ الرئيس الأمريكي خلال زيارته إلى القاهرة في يونيو/حزيران 2009 يأن المبادرة العربية تعرض الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها بعد التوصل للسلام العادل والشامل وليس قبله.
وأضاف أنه أبلغ أوباما أن الدول العربية التى كانت تتبادل مكاتب التمثيل التجارى مع إسرائيل قد تبحث إعادة فتحها، إذا إلتزمت بوقف الإستيطان وبإستئناف مفاوضات الحل النهائى من حيث إنتهت مع حكومة أيهود أولمرت.
وأكد مبارك أن زيارته لواشنطن تستهدف طرح رؤية مصر لتحقيق السلام، والمشاركة فى وضع معالم خطة التحرك الأمريكية نحو هذا الهدف.
وحول التوترات التي شهدتها العلاقات بين القاهرة والإدارة الإمريكية السابقة، أكد مبارك أن العلاقات بين البلدين علاقات إستراتيجية وهناك مصالح مشتركة، إلا انه أوضح أن مواقف القاهرة مع الإدارة الأمريكية السابقة شهدت خلافات جوهرية حول عدد من القضايا الإقليمية مثل العراق وعملية السلام.
وأشار الرئيس مبارك إلى أنه كان يصارح نظيره الأمريكي السابق جورج بوش دائما بمواقف مصر ورؤيتها.
قلق مصري من المظلة الدفاعية
كانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حذرت في تصريحات لها الشهر الماضي من ان واشنطن مستعدة لتعزيز دفاعات شركائها المهددين من جراء البرنامج النووي الايراني.
وقالت كلينتون: "سنترك الباب مفتوحا" امام محادثات مع ايران، لكن "الساعة النووية تدور" وجيران ايران هم الاكثر قلقا. واضافت ان واشنطن مستعدة "لتعزيز دفاع شركائها في المنطقة".
واضافت: "اذا نشرت الولايات المتحدة مظلة دفاعية في المنطقة، واذا بذلنا جهودا اكبر لدعم القدرة العسكرية لأولئك في الخليج، فمن غير المرجح ان تكون ايران اقوى او بامان اكبر". وقالت: "لن تكون لديهم القدرة على المضايقة او الهيمنة خلافا لما يبدو انهم يعتقدونه اذا امتلكوا السلاح النووي".
في غضون ذلك، اعتبر الخبير العسكري المصري اللواء عبد الفتاح بدوي أن "كلينتون جادة في تصريحاتها وأنها لا تهدف من ورائها إلى إرهاب إيران فحسب، بل تعنيها فعلياً".
وأشار بدوي في تصريحات لجريدة "الجريدة" الكويتية إلى أن "الولايات المتحدة تفكر جدياً في نشر مظلة دفاعية في المنطقة منذ عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، لحماية حلفائها في المنطقة، وفي مقدمتهم دول الخليج ومصر، إلا أن عدم التوصل إلى صيغة توافقية مع إسرائيل بشأن تلك المظلة حال دون إتمام هذا المسعى".
وأشار بدوي " إلى أن تصريحات كلينتون تفيد بأن هذا التوافق قد وصل إلى صيغته الأخيرة. وأشار الخبير العسكري إلى أن «نشر تلك المظلة الدفاعية لا يتطلب بالضرورة إقامة قواعد أميركية بالأراضي المصرية، لأن الردع النووي يشمل البحر والجو".
أما رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي في مجلس الشورى المصري السفير محمد بسيوني فقد قلل من أهمية تصريحات كلينتون، مشيراً إلى أنها "مجرد تهديد ضمني لإيران".
بدوره، استبعد أستاذ العلوم السياسية، وعضو أمانة السياسات في الحزب الوطني الحاكم جهاد عودة، قيام إسرائيل بضرب إيران عن طريق قناة السويس، مؤكداً أنه في حال تقررت الضربة فإن معظم التحليلات تؤكد أنها ستكون من الجانب الشمالي عن طريق تركيا، التي تربطها بإسرائيل اتفاقيات تعاون استراتيجي، بالإضافة إلى البوارج التي تمتلكها إسرائيل في العديد من المواقع القريبة من إيران كالمحيط الهندي والبحر الأسود.
زيارة مبارك لواشنطن
من ناحية أخرى، تعقد غدا الثلاثاء بالعاصمة الأمريكية واشنطن قمة مصرية أمريكية بين الرئيس مبارك ونظيره الأمريكى باراك اوباما تتناول عددا من القضايا السياسية الدولية والأقليمية المهمة وفى مقدمتها عملية السلام فى الشرق الأوسط بالتركيز على القضية الفلسطينية فى اطار الجهود المصرية والأمريكية الحثيثة لدفع عملية السلام قدما والعمل على استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والأسرائيليين وفى اطار الطرح الأمريكى بضرورة وقف الأنشطة الأستيطانية.
ومن المقرر أن يستعرض مبارك خلال القمة الرؤية المصرية فيما يتعلق بجهود السلام وكيفية احراز تقدم خلال الفترة المقبلة من أجل خلق الظروف المواتية لاحلال وتحقيق السلام المنشود خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية تبلور رؤيتها تمهيدا لأعلان خطتها للسلام خلال الشهر القادم .
كما تتناول القمة المصرية الأمريكية القضايا المتعلقة بالأمن الأقليمى والموقف فى الخليج والشرق الأوسط اتصالا بالملف النووى الأيرانى فى ضوء قرب موعد انتهاء المهلة التى اعلنها اوباما لبدء حوار مع ايران حول ملفها النووى.
وتتناول القمة أيضا تطورات الاوضاع فى العراق وتهيئة المناخ لأنسحاب القوات الأمريكية والموقف فى السودان فى ضوء تنفيذ اتفاق السلام بين الشمال والجنوب وترسيم الحدود بينهما وقانون الأنتخابات الذى يجرى اعداده والموقف فى اقليم دارفور .
وتمتد المباحثات الى الموقف فى لبنان بعد الأنتخابات اللبنانية الأخيرة والوضع فى الصومال اتصالا بملف القرصنة ووحدة الأراضى الصومالية فى ظل غياب المصالحة الوطنية بين القبائل المتناحرة بالأضافة الى بحث الوضع فى منطقة القرن الأفريقى التى تشهد تدخلات وعلاقات متدهورة بين اريتريا واثيوبيا .
ويحظى الملف الأقتصادى بجانب كبير من المباحثات على صعيد العلاقات الثنائية والحوار الأستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة وسبل دعم العلاقات التجارية والأستثمارية بين البلدين خاصة وان الولايات المتحدة هى الشريك التجارى الأول لمصر حيث بلغ حجم التجارة البينية والأستثمارات بين البلدين 2,8 مليار دولار.
في نفس السياق، حذر مايكل منير رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة، من اختراق عناصر تابعة لجماعة الإخوان المسلمين لمظاهرات الأقباط ضد الرئيس حسنى مبارك فى واشنطن.
وقال منير إنه لا يرفض المظاهرات التى تطالب بحقوق الأقباط، لكنه يخشى من العناصر المندسة على الأقباط التى قد تسئ لقضيتهم، محذرا من أن أى إساءة للرئيس مبارك قد تعرقل جهود حل مشكلات الأقباط.
وأوضح أن أحد أسباب تحفظه على المظاهرات هو "نجاح بعض عناصر التيار الإخوانى المحظور أو ما يسمى بـ "التحالفات الجديدة" فى أمريكا باحتضان أحد الأقباط الذى أعلن أنه سوف ينظم إحدى المظاهرات القبطية.
وأبدى منير تخوفه من مشاركة عناصر إخوانية فى هذه المظاهرات بحجة الدفاع عن الأقباط، والحقيقة، على حد قوله، «أن هدفهم استغلال هذه المظاهرات والأقباط لتحقيق أهدافهم ورفع مطالبهم السياسية من خلال ثوب الأقباط».
وكشف أنه التقى بمسئولين مصريين رفيعى المستوى خلال زيارته الشهر الماضى للقاهرة ممثلا عن المجلس القبطى الدولى لدفع عجلة القانون الموحد لبناء دور العبادة مشيرا إلى أنه قام بزيارة لقيادات الكنيسة بصحبة الدكتور شريف دوس عضو المجلس القبطى بهدف تقريب وجهات النظر بين الحكومة والكنيسة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق