فرحة أوباما بالوصول للرئاسة لم تدم طويلا ، فاستطلاعات الرأي تظهر تراجع شعبيته ، كما أنه مازال عاجزا عن تحقيق وعوده الانتخابية ، وأخيرا فإنه فقد أكبر داعميه والمقصود هنا السيناتور الديمقراطي إدوارد كينيدي والذي توفي في 26 أغسطس عن عمر ناهز 77 عاما وذلك بعد صراع طويل مع سرطان الدماغ.إدوارد كينيدي
رد فعل أوباما بعد تلقيه نبأ وفاة كينيدي يؤكد مدى الحسرة التي يشعر بها لفراقه الشخص الذي لعب دورا كبيرا في فوزه بالانتخابات سواء داخل الحزب الديمقراطي أو في السباق الرئاسي ضد الجمهوري جون ماكين ، ففي بيان له ، أعرب الرئيس الأمريكي عن حزنه الشديد لوفاة السيناتور الديمقراطي ادوارد كينيدي، واصفا إياها بنهاية فصل مهم في الحياة السياسية الأمريكية.
وأضاف قائلا :" أقدر مشورته الحكيمة في مجلس الشيوخ، حيث كان لديه دائما وقت لزميل جديد بصرف النظر عن تلاحق الأحداث، أنا أعتز بثقته وتشجيعه الكبير خلال منافستي على الرئاسة" .
وأشار إلى أنه استفاد من "شجاعته وحكمته" حتى عندما كان يصارع المرض ، قائلا :" لقد انتهى فصل مهم في تاريخنا الأمريكي ، لقد فقدت بلادنا قائدا عظيما".
وكان أعلن في الولايات المتحدة في 26 أغسطس عن وفاة السيناتور الديمقراطي إدوارد كينيدي في منزله بولاية ماساشوستيس بعد صراع طويل مع مرض سرطان الدماغ.
وإدوارد كينيدي ينتمي إلى عائلة بارزة لعبت دورا كبيرا في السياسة الأمريكية ، فهو الشقيق الأصغر للرئيس الراحل جون كينيدي والسيناتور عن نيويورك روبرت كينيدي الذي اغتيل أثناء سعيه للوصول إلى البيت الأبيض عام 1968.
وجاءت وفاته بعد أيام من الإعلان عن وفاة عضو آخر من عائلة كينيدي وهي شقيقته يونيس كينيدي التي توفيت في 11 أغسطس عن 88 عاما.
آراء وسياسات
وبجانب انتمائه لأسرة سياسية عريقة ، فهو أيضا يعتبر أحد أهم وأكثر المشرعين الأمريكيين تأثيراً في العقود الماضية ، بل ويعتبر واحدا من بين ستة أشخاص في التاريخ الأمريكي الذين استمر وجودهم في مجلس الشيوخ طوال أكثر من 40 عاماً.أوباما في صدمة
وكان كينيدي عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ماساتشوسيتس، وقد انتخب للمرة الأولى عام 1962.
ورغم أنه لم ينجح في الوصول إلى رئاسة الولايات المتحدة، إلا أنه أصبح شخصية مرموقة من رجال الحزب الديمقراطي الأمريكي، وأحد المدافعين بقوة عن الحريات المدنية الأمريكية في الكونجرس.
ولعب كينيدي، الذي أطلق عليه لقب "أسد مجلس الشيوخ"، دوراً هاماً في تمرير قانون الحريات المدنية لعام 1964، وقانون حق التصويت عام 1965 وقانون حقوق المعاقين عام 1990، وقانون الإجازات المرضية والعائلية لعام 1993.
لقد برز دوره في الكونجرس كممثل للأصوات الليبرالية المتحررة المدافعة عن الحريات المدنية ، وركز جهوده خلال حياته السياسية على مجالي الصحة والتربية ، حيث كان يرأس لجنة الصحة في مجلس الشيوخ .
ورغم الخلفية الكاثوليكية الدينية لديه ، إلا أنه تراجع عن معارضته لحق الإجهاض، كما تبنى زواج المثليين، ودافع عن حقوق المهاجرين إلى الولايات المتحدة، ودعا إلى انسحاب القوات البريطانية من أيرلندا الشمالية وأيد توحيد ايرلندا ، كما عرف عنه معارضته الشديدة للحرب على العراق.
وبدأ كينيدي صراعه مع المرض في مايو/أيار 2008، عندما شخص الأطباء إصابته بسرطان الدماغ ، وأجريت له عملية جراحية بالمركز الطبي لجامعة ديوك في دورام بكاليفورنيا الشمالية، أسفرت عن إزالة معظم الورم الخبيث، الذي ظهر في الفص الأيسر من الدماغ ، واعتبرت العملية إنجازاً طبياً حينها، وخضع كينيدي بعد ذلك للعلاج الكيماوي والإشعاعي ، إلا أنه سرعان ما ساءت حالته وتوفي في 26 أغسطس.
وجاء في بيان عن أسرة كينيدي ، التي تعتبر من الأسر السياسية العريقة التي تنتمي للحزب الديمقراطي : "لقد فقدنا ركناً أساسياً من أركان أسرتنا ونوراً في حياتنا، غير أن الإلهام النابع من إيمانه والتفاؤل ودأبه سيظل في قلوبنا إلى الأبد".
وأضاف البيان "إننا نشكر كل شخص أولاه عنايته ودعمه طوال السنة الأخيرة، وكل شخص وقف إلى جانبه طوال السنوات الماضية من مسيرته التي لم تكل من أجل تقدم العدالة".
تاريخ مأساوي
ورغم أن كينيدي عاش طويلا بالمقارنة بشقيقيه جون وروبرت ، إلا أن الأحداث الماسأوية التي هزت أسرته كان لها أثر بالغ في رسم مسيرة حياته السياسية وإبعاده عن الرئاسة ، فهو فشل في الوصول إلى البيت الأبيض للمرة الأولى إثر حادث سيارة عام 1969 وفي آخر محاولة له أمام جيمي كارتر عام 1980 .كينيدى طالما دافع عن الحريات المدنية
وكان والداه اللذان ينحدران من أصول أيرلدنية ينتميان لأسرة ثرية كان لها نفوذ بارز على الساحة السياسية ، وقد عمل والده سفيرا للولايات المتحدة في بريطانيا قبل الحرب العالمية الثانية ، وأصبح شقيقه جون كينيدي أشهر رئيس أمريكي في القرن العشرين. ولايزال حادث اغتياله عام 1963 وهو بعد في السادسة والأربعين من عمره، لغزا مأساويا يحير الأمريكيين ، وبعد اغتيال شقيقه الثاني روبرت كينيدي، مرشح الرئاسة الأمريكية عام 1968، أصبح الإرث السياسي الذي ورثه إدوارد ثقيلا.
ولد إدوارد كينيدي في ضاحية بروكلين من مدينة بوسطن عام 1932، وهو الشقيق الأصغر لتسعة أشقاء أنجبهم جوزيف كينيدي وروز فيتزجيرالد.
تعلم في المدارس الخاصة في بوسطن ثم التحق بجامعة هارفارد الشهيرة عام 1950، إلا أنه طرد منها في العام التالي بعد أن ثبت أنه تحايل للنجاح في اختبار اللغة الاسبانية.
التحق بعد ذلك بالجيش حيث خدم في مقر القيادة العليا للحلفاء في باريس قبل أن يعود للالتحاق بجامعة هارفارد التي تخرج منها عام 1956.
انتخب شقيقه جون رئيسا للولايات المتحدة عام 1960 وتخلى بذلك عن مقعده كنائب عن ولاية ماساشوستس في الكونجرس ، لكن لم يكن بوسع ادوارد أن يترشح للمقعد لأنه كان دون الثلاثين عاما ، إلا أنه انتخب ممثلا عن الولاية في 1962، وأعيد انتخابه دائما لشغل هذا المنصب إلى نهاية حياته ، وساعده على ذلك أن الظروف المأساوية التي مرت بها عائلة كينيدي أكسبتها على الدوام اهتماما كبيرا من الرأي العام الأمريكي.
فأخيه الأكبر "جو" قتل خلال الحرب العالمية الثانية ، واغتيل جون كينيدي في دالاس في 1963 ، وفي العام التالي أصيب روبرت كينيدي بجروح بالغة في حادث تحطم طائرة ، مما أدى إلى آلام في ظهره ظلت تلازمه طيلة حياته وفي 1968 اغتيل روبرت في لوس أنجلوس ، بينما كان يخوض حملة انتخابات الرئاسة مرشحا عن الحزب الديمقراطي.
ورغم أنه كان من المتوقع أن يخلف ادوارد شقيقه في طموحه السياسي ، إلا أنه تعرض لحادث غير مسار حياته ، ففي 18 يوليو 1969 كان ادوارد يحضر حفلا في جزيرة صغيرة في تشاباكيدك مع مجموعة من الأشخاص بينهم ست نساء كن قد عملن في الحملة الانتخابية لشقيقه روبرت.
وغادر ادوارد الحفل وقاد سيارته وكان يقوم بتوصيل سكرتيرة سابقة لدى شقيقه لكي تلحق آخر قاطرة بحرية تنقلها إلى يابسة، فانقلبت السيارة وسقطت من فوق جسر صغير في الماء ، وتمكن ادوارد من النجاة بأعجوبة .
هذا الحادث أثر كثيرا على مساره السياسي وأدى إلى تقويض آماله في دخول البيت الأبيض ، هذا بجانب مخاوف العائلة من تعريض سلامته للخطر.
ومع أنه لم يدخل البيت الأبيض إلا أن نجاحاته كسيناتور جلبت له شهرة واسعة داخل أمريكا وخارجها ، وهذا ما ظهر واضحا في ردود الأفعال حول وفاته .
فقد وصفه السيناتور الجمهوري جون ماكين المرشح السابق للانتخابات الأمريكية بأنه أكثر أعضاء مجلس الشيوخ فعالية ، كما وصفه رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون بأنه "شيخ الشيوخ".
وأشار براون إلى مكانة كينيدي في أنحاء العالم ، مشيدا بدوره في مجالات تعليم الأطفال والرعاية الصحية ، وفي رسالة تعزية إلى أوباما ، وصفت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل كينيدي بأنه "شخصية فوق العادة في السياسة الأمريكية" ، موضحة أن كينيدي أبدى خلال حياته "التزاما ثابتا وصارما بالعدالة والسلام".
وأخيرا ، قال الرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو عن كينيدي :"لقد رحل بطل عظيم في الحياة العامة الأمريكية".
__________________محيط - جهان مصطفى
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق