Facebook

وقت عصيب ستعيشه شخصيات لبنانية حتى اكتمال كشف وثائق «ويكيليكس»



يصبّ نشر موقع «ويكيليكس» المتوالي لوثائق دبلوماسية الزيت على النار السياسية المشتعلة بين معسكرين اثنين في لبنان منذ العام 2005. نار يلسع لهيبها لغاية الوثائق الـ50 المنشورة فريق 14 آذار وشخصياته تحديدا. إلا أن «عرض ويكيليكس» ما زال في بداياته مع وجود 2500 وثيقة مرسلة من السفارة الأميركية في بيروت الى وزارة الخارجية الأميركية. مراسلات سيفشي نشرها أسراراً متوالية، ما سيبقي حلفاء المعسكر الأميركي على «أعصابهم» لشهور طويلة، وخصوصا مع اعتماد مؤسس الموقع جوليان آسانج استراتيجية قوامها «البطء المنتظم» في النشر كما يصفها أحد مؤسسي موقع «ميديست واير دوت كوم»، الباحث والمحلل السياسي الأميركي نيكولاس نو.

«النقطة الأهم تكمن في أن وثائق «ويكيليكس» لم تنته فصولا، وما نشر منها في ما يتعلق بلبنان هو جزء يسير، وما لا يتنبه إليه السياسيون هنا هو أن القصص التي بدأنا نتلمس عناوينها ستتعمّق أكثر فأكثر مع توالي النشر، لأن استراتيجية الموقع تعتمد تكتيكا ذكيا قوامه البطء والانتظام في نشر الوثائق، وهذا ما سيدفعها لأن تكون على الصفحات الأولى للصحف في الأشهر المقبلة». سينعكس هذا «البطء المنتظم» في النشر على الحياة السياسية اللبنانية بشكل أكيد «وسنشهد يوميا محاولات حصر للأضرار تقوم بها شخصيات لبنانية تتبدل يومياً، وهكذا دواليك حتى تكتمل فصول القصص المعروضة» يقول نيكولاس نو.

هذا النشر سينعكس «ضغطا سياسيا قويا في لبنان، لأن الشخصيات المقرّبة من الولايات المتحدة الأميركية لا تعرف ما ينتظرها من أسرار ستكشف مدى علاقتها بأميركا، وأقوالها أمام سفراء متعاقبين، لا شكّ بأن هذه الشخصيات ستعيش وقتا عصيبا» بحسب تعبير نو، الذي يضيف بأن «الرسالة الأهم المقروءة عبر «ويكيليكس» اليوم هي: «كونوا صبورين لأن قصصا كثيرة ستتكشف بعمق».

ويربط الصحافي الأميركي التوقيت السياسي للنشر بالتوقيت القريب لصدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ويقرأ في تزامنهما انعكاسا سيئا على عرابي هذا القرار، «إن الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها يستجمعون قواهم السياسية والدبلوماسية ليحققوا إنجازا في إصدار القرار الاتهامي، وسيسحب نشر هذه الوثائق «الجذابة» سياسيا الكثير من وهج قرار مماثل، وسيسحب ايضا قوة سياسية من أميركا وحلفائها، لأنه من غير المعروف مآل هذه الوثائق وما ستوصل إليه من أزمات». يشرح: «لقد أخبر «حزب الله» الجميع بمضمون القرار الاتهامي وبحدوده وما سيؤدي اليه، لكن في قصص «ويكيليكس» لا ندرك تماما ما هو الأسوأ الذي سنصل إليه، وترتسم علامات استفهام كثيرة مفتوحة على المجهول، ومن الأمثلة بأن «بازل» عملية «مسح الأرز» التي ذكرها الموقع لم تكتمل فصولا بعد، ولا أحد يعرف خاتمتها، كل يوم أو يومين سنحصل على تفاصيل أعمق. في الوثيقة الأولى فهمنا بأن وزير الدفاع اللبناني الياس المر استعان بطائرت اميركية لمسح المخيمات الفلسطينية وعلمنا في وثيقة لاحقة بأن «الداتا» التي جمعتها الطائرات استخدمت للعب على وتر فتنة فلسطينية فلسطينية، والقصة مستمرة.

ثقة متزعزعة بأميركا

هذه الوثائق تثير سخطا كبيرا في الأوساط السياسية والدبلوماسية الأميركية، يقول نيكولاس نو: «يفكر الأميركيون بانعكاس هذا النشر على هيبة القرار الاتهامي، الذي بتنا نعرف عنوانه العريض على صدر الصحف اللبنانية، إلا أن احدا لا يعرف حتى اليوم العناوين التي تخبئها الوثائق المنشورة والتي قد تكون أهم من القرار الاتهامي، وهذا أمر سبب خيبة أمل للأميركيين لأن المحكمة الدولية لن تكون «النجمة» التي لا منافس لها بعد اليوم، وإذا تحدث بعضهم عن تداعيات لها فلا يدرك أحد تداعيات الوثائق المنشورة، وقد تكون أشبه «بقرارات ظنية» بحق شخصيات لبنانية متعددة».

يضيف: «تعتمد استراتيجية «ويكيليكس» على التراكم البنّاء، هذا التراكم قد يكون له انعكاس على الاستقرار في البلد مع اكتمال فصول القصص المنشورة ومنها على سبيل المثال عملية مسح الأرز، الخاضعة بعد للتحاليل غير الجازمة، فقد نشرت صحيفة «الغارديان» بأن عملية «مسح الأرز» تطول «حزب الله» وهذا ما لم تؤكده الوثائق بعد، لكن في حال الجزم بأن وزير الدفاع اللبناني الياس المر كان ينسق مع طائرات تجسس أميركية ضد «حزب الله» فإننا سندخل في مرحلة مختلفة تماما».

يكسو الهمّ السياسيين اللبنانيين جراء الوثائق السرية التي ينشرها الموقع، ويتشارك صناع السياسة الأميركيون هذا الهم لأن «الولايات المتحدة الأميركية نسجت في الأعوام الأخيرة علاقات وطيدة مع شخصيات لبنانية، وأول ضرر سيلحق بهذه العلاقات هو تداعي الثقة بالأميركيين ما سيسيء عميقا للدبلوماسية الأميركية في لبنان والمنطقة، وهي تأذت بالعمق وسيكون من الصعوبة بمكان إعادة ترميمها».

يوضح نو أكثر: «ينتقد فريق 14 آذار الولايات المتحدة الأميركية بأنها لم تساعده إبان حوادث أيار 2008، وهو اليوم بات يدرك بأن أميركا غير قادرة لا على الوفاء بوعودها ولا على حفظ أسرارها، وبالتالي الى اين سيقود هذا اليقين؟ من هنا فإن المرحلة المقبلة من العلاقات بين لبنان وأميركا ستكون مختلفة لأن شخصيات كثيرة ستصبح اكيدة من أن الرهان على الأميركيين فاشل بسبب عدم وفائهم بوعودهم وعجزهم عن حماية أسرارهم الدبلوماسية».

وكيف ستعمل الولايات المتحدة الأميركية إذن على إعادة إنعاش عملها الدبلوماسي في لبنان والمنطقة؟ يقول نو: «المشكلة الرئيسية أن وعد التغيير الذي أطلقه الرئيس باراك أوباما عند انتخابه قبل عامين بات صعب التحقيق سواء في الداخل الأميركي أو في الخارج، فالوضع بات أسوأ للسياسة الأميركية مع تراكم الخسائر السياسية وتداعي «برستيجها» في العالم، ما يولد مزيجا مدمرا لسياستها».

لعل وثائق «ويكيليكس» ستطلق رصاصة الرحمة على أي سرّ، يقول نو: «العبرة التي نتخذها من خلال نشر هذه الوثائق هو أن المعلومة حين تتحرر في عصر «الإنترنت» تعجز الحكومات على ضبطها، وعوض أن يحارب الأميركيون والعرب وسواهم هذه المعلومة ثمة حاجة الى وضع رؤية جديدة لتداول المعلومات تتسم بالدقة، لأن أية معلومة غير دقيقة تنشر للرأي العام لن يطول الأمر إلا وتفشي بحقيقتها الكاملة، وبالتالي لا هروب بعد اليوم من اعتماد الشفافية الكاملة في السياسة، وأية محاولة للاحتفاظ بسرّ بعد اليوم ستكون معركة خاسرة للجميع»


Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق