Facebook

تفجيرات كنيسة الإسكندرية






ما أن وقع التفجير الإرهابي أمام كنيسة القديسين بمحافظة الإسكندرية المصرية والذي أسفر عن سقوط 21 قتيلا وحوالي 97 جريحا بينهم ثمانية مسلمين ، إلا وتباينت التفسيرات حول هوية الفاعل ، فهناك من سارع لاتهام القاعدة ، فيما ركز البعض الآخر على تورط الموساد ، وبالطبع لكل من وجهتي النظر السابقتين ما يبررهما .

فالنسبة لوجهة النظر الأولى ، فإن جماعة تطلق على نفسها "دولة العراق الإسلامية" على صلة بتنظيم القاعدة كانت هددت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي باستهداف الكنائس المصرية ما لم يتم الإفراج عن زوجتي كاهنين تردد أنهما اعتنقتا الإسلام وتم احتجازهما داخل الكنيسة.

بل ورجح أيضا من صحة التفسير السابق أن هناك تقارير صحفية أشارت إلى أن كنيسة القديسين حصلت على نسخة من تنظيم أطلق على نفسه "مركز المجاهدين" وهو تابع لتنظيم القاعدة يعلن فيه مسئوليته عن التفجير ، ولذا لم يكن مستغربا أن يعلن كميل صديق من المجلس القبطي في الإسكندرية أن "المذبحة مكتوب عليها القاعدة في كل شيء ".

وفي المقابل ، يرى البعض الآخر أنه من الخطأ التوقف عند تهديد القاعدة للكنائس المصرية فقط وترك التحليلات الأخرى التي تؤكد ضلوع إسرائيل في ظاهرة الاحتقان الطائفي في مصر خاصة وأن التحقيقات التي نشرتها الصحف المصرية في قضية الجاسوس المصري الذي جنده الموساد كشفت عن محاولات قامت بها إسرائيل لزرع عملائها في جماعات إسلامية واستخدامهم لاحقا في أعمال طائفية في مصر وبقية الدول العربية .

بل وخرج المحامي القبطي نبيل لوقا بباوي وكيل لجنة الإعلام بمجلس الشورى المصري على الملأ ليتهم إسرائيل صراحة بالمسئولية عن تفجير الكنيسة في الإسكندرية ، قائلا في تصريحات لقناة "الجزيرة" إن الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية قال في حفل توديع منصبه إن إسرائيل تصرف ملايين الدولارات لإثارة التوترات الطائفية بين الأقباط والمسلمين في مصر وإنها نجحت في ذلك.

وأشار بباوي أيضا إلى وجود "مصريين خونة يعملون على تنفيذ أجندات خارجية لضرب الاستقرار في مصر مقابل المال"، مطالبا بسرعة القبض على مرتكبي حادث الإسكندرية وتقديمهم لمحاكمة عسكرية والحكم عليهم بشكل فوري ورادع.

ورفض في هذا الصدد الربط بين التفجير ومسألة احتجاز الكنيسة لقبطيات أشهرن إسلامهن ، موضحا أن أن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وهما زوجتا كاهنين تؤكد دوائر إسلامية أنهما محتجزتان في الكنيسة بعد إعلانهما إسلامهما لم تسلما وأن جهات رسمية ومسئولين في الأزهر والكنيسة أكدوا أن ما يثار عن إسلامهما "مجرد شائعات".

وفي السياق ذاته ، قال جمال أسعد النائب القبطي في مجلس الشعب إن مصر تتعرض لمخططات صهيونية تسعى لضرب استقرارها والنيل من الوحدة الوطنية بين أبناء شعبها"، محذرا من محاولات إسرائيلية مماثلة لاستغلال مناخ التوتر والاحتقان الطائفي والعرقي في بعض بلدان الشرق الأوسط لتنفيذ مخططات تتعلق بتقسيم تلك الدول.

اعترافات يادلين والجاسوس طارق



عاموس يادلين

ولعل التصريحات التي أدلى بها اللواء عاموس يادلين الرئيس السابق للاستخبارات الحربية الإسرائيلية "أمان" في 3 نوفمبر ترجح صحة ما ذهب إليه بباوي وأسعد في هذا الصدد ، فخلال مراسم تسليم مهامه للجنرال أفيف كوخافى ، قال يادلين :" إن مصر هى الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلية وإن العمل في مصر تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979 ".

ونقلت صحيفة "كل العرب" الإلكترونية التى يصدرها عرب 48 عن يادلين القول أيضا :" لقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية في أكثر من موقع ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ومنقسمة إلى أكثر من شطر في سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية لكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك عن معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشي في مصر".

وقدم يادلين الذي كان أحد المرشحين لرئاسة الموساد خلفاً للجنرال مائير داجان صورة تفصيلية لعمل الاستخبارات الحربية الإسرائيلية فى فترة رئاسته داخل أراضى عدد من الدول العربية مثل مصر والسودان وسوريا ولبنان.

واعترف في هذا الصدد بدور إسرائيلى واسع فى مساعدة الحركات الانفصالية بالجنوب السودانى ، قائلا :" لقد أنجزنا خلال السنوات الأربع والنصف الماضية كل المهام التى أوكلت إلينا واستكملنا العديد من التى بدأ بها الذين سبقونا ، أنجزنا عملاً عظيماً للغاية فى السودان، نظمنا خط إيصال السلاح للقوى الانفصالية فى جنوبه ودربنا العديد منها وقمنا أكثر من مرة بأعمال لوجيستية لمساعدتهم ونشرنا هناك فى الجنوب ودارفور شبكات رائعة وقادرة على الاستمرار بالعمل إلى ما لا نهاية ونشرف حالياً على تنظيم الحركة الشعبية هناك وشكلنا لها جهازاً أمنياً استخبارياً".

وعلى صعيد العمل الاستخبارى الإسرائيلى فى الأراضى اللبنانية ، قال يادلين: "لقد أعدنا صياغة عدد كبير من شبكات التجسس لصالحنا فى لبنان، وشكلنا العشرات مؤخراً وصرفنا من الخدمة العشرات أيضاً وكان الأهم هو بسط كامل سيطرتنا على قطاع الاتصالات فى هذا البلد ، المورد المعلوماتى الذى أفادنا إلى الحد الذى لم نكن نتوقعه، كما أعدنا تأهيل عناصر أمنية داخل لبنان من رجال ميليشيات كانت على علاقة مع دولتنا منذ السبعينيات إلى أن نجحت وبإدارتنا فى العديد من عمليات الاغتيال والتفجير ضد أعدائنا فى لبنان وأيضاً سجلت أعمالاً رائعة فى إبعاد الاستخبارات والجيش السورى عن لبنان وفى حصار حزب الله".

واعتبر يادلين أن اغتيال القائد العسكرى اللبنانى عماد مغنية واحدا من أخطر العمليات التى قامت بها إسرائيل فى السنوات الأخيرة وأشار إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت تطلق عليه الاسم الكودى "الساحر".

واستطرد "استطعنا الوصول إليه فى معقله الدافئ بدمشق والتى يصعب جداً العمل فيها، لكن نجاحنا فى ربط نشاط الشبكات العاملة فى لبنان والأراضي الفلسطينية وإيران والعراق والمغرب مكننا من إحكام الخناق حوله فى جحره الدمشقى وهذا يعتبر نصراً تاريخياً مميزاً لجهازنا على مدار السنين الطويلة".

وأشار يادلين أيضا إلى أن جهاز العمليات الإسرائيلى وصل إلى العمق الإيرانى ، وقال: "سجلنا فى إيران اختراقات عديدة وقمنا بأكثر من عملية اغتيال وتفجير لعلماء ذرة وقادة سياسيين وتمكنا من مراقبة البرنامج النووى الإيرانى الذى استطاع كل الغرب الاستفادة منه بالتأكيد ومن توقيف خطر التوجه النووى فى هذا البلد إلى المنطقة والعالم".

وفيما يتعلق بقطاع غزة، قال يادلين : "أما حركة حماس فإن الضربات يجب أن تتلاحق عليها فى الداخل والخارج، فحماس خطر شديد علينا ، لذلك من المفترض الانتهاء من إفشالها وتبديدها فى المدة المحددة بالبرنامج المقرر في عمل جهازنا بكل دقة".

ويبدو أن اعترافات المتهم الأول في قضية جواسيس الموساد في مصر طارق عبد الرازق حسين لم تذهب بعيدا عن تصريحات يادلين وخاصة فيما يتعلق بالكشف عن مخطط إثارة الخلافات بين القاهرة وأشقائها في سوريا ولبنان ودول حوض النيل بالإضافة إلى تأكيده أن "الموساد" وراء قطع كابلات الإنترنت الخاصة بمصر فى البحر الأبيض المتوسط على بعد كيلومترات من السواحل الإيطالية قبل عام ونصف العام وهو القطع الذى أثر سلباً على شبكة الإنترنت بمصر حيث تربط الكابلات مصر بشبكة الإنترنت العالمية مما تسبب فى خسائر اقتصادية فادحة لجميع الشركات الكبرى التى تنفذ معاملات مالية عبر الإنترنت.

وحسبما جاء فى اعترافات المتهم المصرى طارق عبد الرازق حسين عيسى بتحقيقات النيابة أيضا ، فإن الموساد الإسرائيلى سعى كذلك لضخ معلومات مغلوطة عن العقيدة الإسلامية على شبكة الإنترنت للعبث بعقول الشباب العربى ، قائلا :" قام الموساد بضخ كميات كبيرة من المعلومات المغلوطة عن طريق العبث بالتراث العقائدى والثقافى للعرب والمسلمين بالمغايرة للحقيقة من أجل تضليل الشباب العربى وتشكيكه فى هويته مع تغيير الوقائع التاريخية بما يصب فى مصلحة إسرائيل".

تصريحات مبارك






ويبدو أن ردود الأفعال عقب تفجير كنيسة القديسين لا تستبعد هي الأخرى تورط الموساد ولذا لم تسارع لاتهام القاعدة ، فقد كشف مصدر في وزارة الداخلية المصرية أن ملابسات الحادث في ظل الأساليب السائدة حاليا للأنشطة الإرهابية على مستوى العالم والمنطقة تشير بوضوح إلى أن عناصر خارجية قامت بالتخطيط ومتابعة التنفيذ ، مرجحا أن يكون التفجير ناجم عن سيارة مفخخة أو عمل انتحاري .

ومن جانبه ، أكد الرئيس المصري حسني مبارك عقب الحادث أن تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية يحمل في طياته دلائل على تورط أصابع خارجية تريد أن تصنع من مصر ساحة لشرور الإرهاب ، مشددا على أنه لن يسمح لأحد بالاستخفاف بأمن مصر وأنه سيتم تعقب المخططين والمتورطين فى الحادث.

وأضاف مبارك خلال كلمة وجهها إلى الشعب المصري بعد ساعات من وقوع الحادث "لقد طالت يد الإرهاب ليلة رأس السنة الجديدة ضحايا أبرياء بعملية إرهابية تحمل فى طياتها دلائل تورط أصابع خارجية تريد أن تجعل من مصر ساحة لما تراه من شرور الإرهاب بمنطقتنا وخارجها".

وتابع " أقول لهم إن دماء أبنائنا لن تضيع هدرا ، وسنقطع يد الإرهاب المتربص بنا ، أقول لهؤلاء المتربصين ، لقد كسبنا معركتنا مع الإرهاب في سنوات التسعينات وتخطئون خطأ فادحا إن ظننتم أنكم بمنأى عن عقاب المصريين".

وشدد مبارك على أنه لن يسمح بالمساس أو الاستخفاف بأمن مصر القومي، قائلا :"أمن مصر القومى هو مسئوليتي الأولى لا أفرط فيه أبدا ولا أسمح لأحد أيا كان بالمساس به أو الاستخفاف بأرواح أو مقدرات شعبنا".

وأضاف أن هذا العمل الآثم هو حلقة من حلقات الوقيعة بين الأقباط والمسلمين وأنه هز ضمير الوطن وأوجع قلوب المصريين مسلميهم وأقباطهم ، موضحا أن دماء الشهداء المسلمين والاقباط امتزجت على أرض الإسكندرية لتؤكد أن مصر برمتها هى المستهدفة.

وأعرب عن خالص عزائه ومواساته لأسر الضحايا وأهاب بأبناء مصر - أقباطا ومسلمين - أن يقفوا صفا واحدا في مواجهة قوى الإرهاب والمتربصين بأمن الوطن واستقراره ووحدة أبنائه.

ورغم أن تصريحات مبارك تبعث برسالة تحذير قوية لكل من يسعى لإثارة الفتنة الطائفية في مصر ، إلا أن هذا لم يمنع المعارضة من شن هجوم حاد على الحكومة ، حيث أدان الدكتور محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح الرئاسي المحتمل الحادث وقدم التعازي لأسر الضحايا المسلمين والأقباط وحمل النظام المصري المسئولية عن الفشل في تأمين المواطنين ودور العبادة ، قائلا على موقع فيسبوك : "كفانا استخفافا بعقول الشعب، نظام عاجز عن حماية مواطنيه هو نظام آن الأوان لرحيله".

كما وصفت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التفجير الذي حدث أمام كنيسة القديسين في الإسكندرية بالجريمة الشنعاء التي لا يقرها دين ولا أخلاق واعتبرت أنها تأتي في إطار مخطط لتمزيق النسيج الوطني بمصر وزرع الفتنة الطائفية فيها ، منتقدة انشغال الأمن المصري بتأمين ما أسمتها "مظلة الحكم" بدلا من تأمين المجتمع خاصة الكنائس بعد التهديدات التي أطلقها تنظيم القاعدة للمسحيين والكنائس في مصر .

ولم تستبعد الجماعة في بيان لها مسئولية القاعدة أو إسرائيل عن التفجير ، قائلة :" العدو الصهيوني يسعى لاستغلال وتوظيف مناخ الكراهية للأمريكيين في ضرب الوحدة الوطنية في أكثر من بلد عربي".

وإلى حين الانتهاء من التحقيقات في التفجير البشع الذي يخالف تعاليم الإسلام وكافة الأديان السماوية والأعراف الإنسانية ، فإن هناك من يرى أن هناك تقصيرا أمنيا يتطلب وقفة صارمة خاصة وأن هناك حادث كنيسة الإسكندرية يحمل دلالات خطيرة جدا تتجاوز ما حدث في هجوم كنيسة نجع حمادي الذي وقع خلال قداس عيد الميلاد قبل عام وأسفر عن مقتل 6 أشخاص ، فهجوم كنيسة القديسين يعتبر سابقة من نوعه بالنظر إلى أنه ناجم عن سيارة مفخخة أو عملية انتحارية بعكس هجوم كنيسة نجع حمادي الذي نفذه 3 أشخاص لهم سوابق جنائية .

الاحتقان الطائفي

ورغم توحد المسلمين والمسيحيين في إدانة تفجير كنيسة القديسين والتحذير من أنه يستهدف الوحدة الوطنية بصفة خاصة ومصر بصفة عامة ، إلا أن هناك من يحمل قيادات الكنيسة وأجهزة الدولة المسئولية عن تصاعد الاحتقان الطائفي في الفترة الأخيرة والذي يستغله أعداء مصر وخاصة إسرائيل .

فالكنيسة من وجهة نظر البعض حاولت استغلال المناخ الحالي للحصول على مكانة أكبر ولذا فإن أحداث كنيسة العمرانية في 24 نوفمبر الماضي والتي شهدت اشتباكات بين مئات المسيحيين ورجال الأمن وكذلك تصريحات الرجل الثاني في الكنيسة الأنبا بيشوي والتي شكك بها في القرآن واعتبر أن المسلمين ضيوف على مصر كانت من ضمن العوامل التي سببت توترا بين المسلمين والمسيحيين في مصر مؤخرا .

بل وهناك من أشار أيضا إلى أن هناك أطرافا أخرى دخلت على الخط والمقصود هنا التقرير الأمريكي الأخير حول حرية الأديان الذي انتقدت فيه واشنطن حرية التدين في مصر.

وفي المقابل ، يرى البعض الآخر أن التوتر الطائفي يأتي ضمن السياق الحالي الذي تعيشه مصر، حيث تحولت الكنيسة إلى منبر سياسي يعبر عبره الأقباط عن آرائهم السياسية في ظل تراجع الأحزاب والنقابات والمجتمع الأهلي وتفاقم المشكلات الاقتصادية ، بالإضافة إلى أن الحكومة عجزت عن تطبيق القانون على ملفات عديدة تتعلق بالمسيحيين واكتفت بمواءمات سياسية استفزت مشاعر المسلمين وجعلتهم يشعرون بالتمييز ضدهم .

وبصفة عامة ، فإن أغلب التحليلات تشير إلى وجود خطأ متبادل بين الحكومة التي عجزت عن وضح حلول ناجحة للأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبين بعض المسيحيين الذين يعتقدون أنه بإمكان منبر ديني أن يمارس السياسة وهو الأمر الذي استغله أعداء مصر .

صور تفجير كنيسة القديسين








































































Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق