Facebook

استعادة "أم الرشراش" المحتلة



تقرير ـ جمال الملاح






فتحت ثورة يناير العظيمة كل الملفات المسكوت عنها في العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية، فما بين مطالبات بإلغاء معاهدة كامب ديفيد، وأخرى تطالب بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل، وثالثة تدعو إلى فتح تحقيق دولي حول مصير الأسرى المصريين خلال حرب الأيام الستة ظهرت دعوات شعبية تطالب بضرورة العمل على استعادة أرض " أم الرشراش" المحتلة من قبل الكيان الصهيوني.

استعادة أم الرشراش

إذا كانت مطالبات إلغاء معاهدة كامب ديفيد أو وقف تصدير الغاز لإسرائيل تُواجه بحجج أن اتفاقيات ومعاهدات ومواثيق دولية تمنع الحكومة المصرية من تصرف كهذا، بيد أن المواثيق الدولية ذاتها هي سبيل الحكومة المصرية لاسترجاع مدينة "أم الرشراش" المحتلة، خاصة وأن موقف مصر الدبلوماسي والقانوني يشبه تمام موقفها من قضية طابا، التي تم استعادتها عن طريق التحكيم الدولي عام 1989.

تشير المعلومات المتوافرة إلى أن "أم الرشراش" كانت قرية عربية مصرية على البحر الأحمر غرب مدينة العقبة احتلتها إسرائيل وأقامت عليها مدينة وميناء أسمته إيلات. تقدر مساحتها بـ15 كليومتر مربعاً. واكتسبت أم الرشراش اسمها نسبة إلى إحدى القبائل العربية التي سكنتها.

احتلت إسرائيل القرية في 10 مارس 1949، أي بعد ستة شهور من اتفاقية الهدنة، وبعد حرب 1948 بسنة أي بعد قرار وقف إطلاق النار، مستغلة فرصة انسحاب القوات الأردنية التي كانت تحت إمرة قائد إنجليزي، للحصول علي موطئ قدم، ومنفذ بحري على البحر الأحمر. وقامت القوات الإسرائيلية بقتل جميع أفراد وضباط الشرطة المصرية في المدينة، وعددهم 350 شخصًا، بالرغم من أن "عصابات رابين"، دخلت المدينة دون طلقة رصاص واحدة، لالتزام قوة الشرطة المصرية بأوامر القيادة بوقف إطلاق النار.

وفى عام 1997 أُنشأت الجبهة الشعبية لاستعادة "أم الرشراش" بقيادة محمد الدريني وضمت الجبهة صحفيين ومحاميين وعسكرين كبار متقاعدين وشخصيات مصرية بارزة، فكان تعاون البعض مع محمد الدرينى سراً لحساسية الموقف لكن آخرين أعلنوا عن انضمامهم للجبهة مثل اللواء صلاح الدين سليم الخبير العسكري المشهور واللواء طلعت مسلم ومصطفى كامل مراد زعيم حزب الأحرار  وعميد الفدائيين المصريين أحمد شهيب، وقد اجتمعت خبرتهم العسكرية وجهودهم التوثيقية والقانونية وحصلوا على خرائط تثبت مصرية "أم الرشراش" وتعاون معهم في ذلك الوقت ضابط شاب متقاعد من الجيش استطاع الوصول لوثائق نادرة من تركيا تدعم موقف مصر القانوني حال حاولت استعاده الأرض المصرية مرة أخرى وأخذ الأمر يأخذ طابعاً جدياً ولكن تم التعتيم على الموضوع بشتى الطرق وتلقى كل من يحاول فتحه تهديدات من أمن الدولة السابق.

كانت قضية أم الرشراش غالباً ما يتم التعتيم عليها في وسائل الإعلام المصرية خلال عهد الريس المخلوع محمد حسني مبارك، وذلك لتجنب تكوين ضغط شعبي على الحكومة للمطالبة باستعادتها. ولم تفعل الحكومة المصرية آنذاك أو أية جهة مسئولة أي شيء يذكر لاستعادة القرية.

أم الرشراش مصرية

رغم أن الرئيس المخلوع طالب بنفسه الإسرائيليين عام 1985 بالتفاوض حول أم الرشراش، التي أكدت مسبقا جامعة الدول العربية بالوثائق أنها أرض مصرية، إلا أنه وبعد أكثر من عشرين عاما وتحديداً عام 2006 تراجع عن موقفه بشأن القضية، حيث أعلن وزير خارجيته آنذاك أحمد أبو الغيط أن قرية " أم الرشراش " ليست أرضا مصرية، وفقا لاتفاقيتي عامي 1906 و 1922، مشيرا إلى أنها كانت ضمن الأراضي المعطاة للدولة الفلسطينية، وفقا لقرار الأمم المتحدة 181 في نوفمبر عام 1947 !
بينما يؤكد العديد من الخبراء الاستراتيجيين أن أم الرشراش قطعة من أرض مصر، ومنهم اللواء صلاح سليم أحد أبطال حرب أكتوبر ومدير أحد مراكز الأبحاث القومية الإستراتيجية في مصر، حيث قال في إحدى الندوات: "إن هناك أرضا مصرية ما زالت محتلة وهى منطقة أو قرية تسمى "أم الرشراش" ، والتي أصبح اسمها فيما بعد - وفى غفلة منا أو من الزمان" إيلات ".

وذكر اللواء عددا من الأدلة التاريخية التي تؤكد على أن إيلات مصرية منها على سبيل المثال وجود استراحة للملك فاروق هناك.

واستنادا إلى الحقائق التاريخية، التي أوردتها جريدة "الكرامة"، فإن أم الرشراش أرض مصرية، كما ورد في الوثائق الدولية والحدود السياسية المصرية الفلسطينية، طبقا للفرمان العثماني الصادر في عام 1906، يمسها خط أم الرشراش.

وتعود تسمية تلك المنطقة بـ " أم الرشراش " إلي إحدى القبائل العربية التي أطلقت عليها ذلك الاسم، وظلت تحت الانتداب البريطاني إلي أن سيطر عليها الإسرائيليون واحتلوها وطمسوا معالمها وقاموا بتحريف اسمها إلي " إيلات " وأصبحت تمثل لهم موقعا استراتيجيا مهما حيث أن أكثر من 40 % من صادرات وواردات إسرائيل تأتي عبر ميناء إيلات الذي احتلته إسرائيل من مصر .

أسباب احتلال أم الرشراش

يبين خالد يوسف، الكاتب في شبكة المسلم، أسباب احتلال أم الرشراش من قبل الصهاينة قائلا: " تتعدد الأسباب والنتائج التي تقف خلف استهداف واحتلال وتغيير اسم وهوية أم الرشراش, فهي بين جيوسياسية, وعسكرية, واقتصادية:

- فباحتلال أم الرشراش انقطع التواصل البري بين الدول العربية في شرق البحر الأحمر وغربه, وأصبح تحت السيطرة الصهيونية.

- القضاء علي فرضية أن البحر الأحمر "بحيرة عربية", بكل ما لهذا من تداعيات علي الاستراتيجيات العسكرية لحماية الحدود البحرية شديدة الامتداد لمصر والعربية السعودية والسودان واليمن.

- طرح بديل لقناة السويس بمشروع قناة أم الرشراش "إيلات" إلي البحر الميت.

- ابتداع حق للكيان الصهيوني في مياه خليج العقبة, الذي كان خليجا مصريا سعوديا أردنيا خالصا.

لكن وبعد ثورة يناير المجيدة يبدو أن القضية سيكون لها ـ تحت ضغط شعبي ـ مكان بارز على أجندة العلاقات المصرية الإسرائيلية، بعد أن دشن ناشطون على الفيس بوك صفحة لما سموه بالانتفاضة المصرية الأولى لاستعادة أم الرشراش، ودعت الصفحة لانتفاضة حقيقية وبتاريخ محدد وهو 10 مارس 2012.

أوضح مؤسس الصفحة أن الدعوة للانتفاضة المصرية جاءت لأن" أم الرشراش هي جزء غال من مصر، ولا تقل أهمية عن الجولان، ومن حقنا المطالبة باسترداد هذا الجزء المحتل من أرضنا، ولذلك قررنا تنظيم حملة لأجل ذلك، وحددنا موعد 10 من مارس 2012، لأنه تاريخ احتلالها فضلا عن كونه تاريخا مناسبا تكون فيه مصر قد استقرت، وتمت بها الانتخابات البرلمانية والرئاسية".

القسم السياسي بموقع محيط
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق