Facebook

العراق ودور الاحتلال

يمكننا تصور حجم الكارثة البيئية والصحية التي يتعرض لها الشعب العراقي الآن وعلى مدى أجيال مقبلة وتساءل بحق إذا كان استخدام بليون قذيفة ( 320طنا) من اليورانيوم المنضب في حرب الخليج الثانية سبب تدميرا لبيئة جنوب العراق ومواقع العمليات في الكويت، تأثر بموجبه 100 ألف جندي حليف، ومئات الآلاف من العراقيين، فماذا ستكون مضاعفات استخدام ضعفي هذه الكمية من الأسلحة في الحرب الأخيرة، كما يقدر الخبراء العسكريون وما هي آثارها في صحة السكان وسلامة البيئة في العراق.

إلى جانب هذا اصدر المركز الطبي لبحوث اليورانيوم UMRC في 6/ 2/ 2004 تحذيرا بشأن مخاطر التلوث الإشعاعي القائمة، والتي تهدد الناس المتواجدين في العراق، مدنيين وعسكريين ومتعاقدين مبنيا على نتائج التحاليل المختبرية التي أجريت لاثنين من منتسبي المركز عملا ضمن الفريق العلمي لتقصي التلوث الحاصل في العراق عقب الحرب، وبين وجود نسبة عالية من اليورانيوم لديهما، حدث هذا بعد خمسة أشهر من توقف أعمال القصف الجوي لعملية تحرير العراق، وقد تم الكشف عن اليورانيوم في عينات للبول أخذت منهما، وفحصت في أحد المختبرات الألمانية ورأى المركز استنشاق المصابين لجزئيات الغبار متناهية الصغر المشبعة بأوكسيد اليورانيوم المنقول بالهواء. وكذلك لجزئيات صلبة من اليورانيوم، أثناء وجودهما لأسبوعين فقط هنا، هي طريقة التي أدت إلى انتقال اليورانيوم إلى جسديهما ولفت التحذير إلى أن تأثر فريق المركز بالتلوث الإشعاعي. الذي حدث خلال جولته القصيرة في أرجاء العراق، وبعد عدة أشهر من انتهاء المعارك، يمثل مؤشرا حديا للمخاطر المحدقة بالمدنيين وغيرهم من المتواجدين هناك، وبضمنهم القوات العسكرية الأجنبية، وقد بينت التحاليل المختبرية الأولية التي أجراها المراكز على عينات من البول، أخذت من المدنيين، وعينات من التربة والماء والهواء ومن جثث القتلى، وجود تلوث إشعاعي واسع وكبير في مناطق عديدة من العراق.

وقبل هذا بعدة سنوات حذر العالم الأميركي أساف دوراكوفيتش منأنه لا توجد شركة حدود لليورانيوم المنضب، إنه ينتقل بحرية من بلد إلى آخر بفعل قدرة الرياح على جمل جزئياته المشعة، وإن أي مكان في الخليج أثرت فيه الرياح أو العواصف أو ترسبات الأتربة يحتمل أن يكون ملوثا، وأن يكون سكانه استقطبوا في أجسادهم تراكيز مرتفعة من اليورانيوم مقارنة بسكان المناطق الأخرى، التي لم تتعرض لفعل الرياح والأتربة وتراكيز اليورانيوم وأضاف حتى يصبح اليوانيوم بلا إشعاع عليك أن تنتظر 4.5 مليار سنة ( عاصفة اليورانيوم الجزء الثاني، برنامج سري للغاية إعداد وتقديم يسري فورده قناة الجزيرة الفضائية القطرية 9/ 11/ 2000 وأكد تحذيراته العثور على غبار اليورانيوم في كل من هنغاريا واليونان ورومانيا ،وغيرها.

عقب ضرب يوغسلافيا بسلاح اليورانيوم عام 1995. وأكدتها أيضا الدراسات التي قام بها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في البوسنة وكوسوفو، والتي أثبتت بقاء تلوث التربة والهواء والمياه باليورانيوم المنضب حتى بعد مرور 7 سنوات على استخدامه هناك، ملقية الضوء على مخاطر تسربه إلى مصادر مياه شرب، وإمكانية أن تؤدي سميته ودرجة إشعاعه الضعيفة إلى الأضرار بالكلى والكبد والرئتين وقد تسبب أنواعا من السرطان.

وتقديرا منا للمخاطر الجدية الماثلة طالبنا قبل 4 سنوات بالكشف عن أضرار أسلحة اليورانيوم المنضب، وبتنظيف المنطقة في مخلفاتها ودعونا إلى عد ذلك مهمة إنسانية ووطنية وإقليمية آنية وملحة راجع الثقافة الجديدة العدد 296 أيلول تشرين الأول 2000 والمستقبل العربي" العدد 259 أيلول 2000 نأمل بعد كل الحقائق والمعطيات العلمية الجديدة المؤكدة لمخاطر تلوث إشعاع اليورانيوم المنضب أن يبادر المسؤولون الخليجيون والعراقيون، ولو متأخرين كثيرا بالدعوة والشروع بعمل دولي جاد مشترك من شأنه معالجة الكارثة البيئية والصحية القائمة، ووضع حد للتلوث الإشعاعي وتداعياته، التي تهدد بيئة شعوب المنطقة وصحتهم، وبخاصة البراعم التي هي وعماد حاضرها ومستقبلها الطفولة.

والسعي المتأخر أفضل من لا شيء.

عريف أميركي يبيع أسلحة العراق.

تفاصيل السيناريو الأسود للدمار الشامل.

كنت أتجول في السوق القديمة لمدينة سامراء إحدى أقدم مدن العراق، ورغم أنني كنت أحاول إخفاء ملامحي بوضع قبعة على رأسي ونظارة شمس سوداء حتى أتحاشى فضول من يمكنهم التعرف إلى من خلال صورتي من التلفزيون فإن عجوزا عراقيا اقترب مني فجأة وأمسك بيدي وقال لي ألست أحمد منصور قلت له مبتسما : بلى قال مباشرة : أريد أن تبلغ الناس بأن ما فعله الأميركيون في العراق من خراب ودمار على مدار عام واحد من الاحتلال هو أكبر مما فعله صدام حسين على مدى خمسة وثلاثين عاما.

وللمصادفة البحتة التقيت في اليوم التالي في بغداد مع الدكتور على المشهداني رئيس رابطة خبراء النفط العراقيين . فسمعت منه الكلام نفسه الذي قاله لي عجوز سامراء، ولكن بلغة علمية وبأرقام خبير في النفط والاقتصاد والمعلومات وخبير بالإحصاءات.

وكان خلاصة ما قاله لي الدكتور المشهداني: إن مجموع ما خسره العراق خلال عام واحد من الاحتلال الأميركي بلغ 475 مليار دولار قلب له متسائلا بتعجب هذا رقم ضخم للغاية فعلي أي أساس حسبته وقدرته يا سيدي قال: لم أحسبه ولم أقدره وحدي وإنما جلسنا مجموعة من الخبراء العراقيين في النفط والاقتصاد ووصلنا إلى هذه المحصلة الحقيقية من خلال ممتلكات الدولة ومخصصاتها فالخسائر المالية لا تحسب على ما فقد وعلى ما ضاع، ولكن لها حسابات أخرى فقبل سقوط نظام صدام حسين كان 90 % من مدخول العراق النفطي يوجه إلى التسلح، والآن تم تدمير كل ممتلكات الدولة من السلاح والمعدات والمصانع الحربية والمطارات والمنشآت.

فالطائرات العراقية الحربية وكان معظمها محفوظا في المزارع وصالحا للطيران تقطع الآن وتبيعها سلطات الاحتلال بالطن كخردة ثلاثون دولار فقط وهذا يعني أن الطائرة التي كان ثمنها عدة ملايين من الدولارات اقتطعت من أموال الشعب العراقي ومقدراته تباع الآن كخردة للمقاولين بعد مئات من الدولارات.

وأن الدبابة تي 72 الصالحة للاستخدام والتي تزيد في وزنها على 40 طنا والتي كان يزيد ثمنها على مليون دولار تباع بأجهزة خاصة جلبها المقاولون من الخارج.

وهكذا يتم شحن مقدرات العراق العسكرية إلى الخارج مباعة كخردة ولا أحد يسأل سلطات الاحتلال عما تفعل، ولا أحد له سلطة أن يسأل وقد قمنا بعمل دراسات معمقة لمقدرات العراق العسكرية من معدات حربية ومصانع ومؤسسات ومنشآت ومعسكرات فوجدناها تزيد على 250 مليار دولار كلها خربت وضاعت وأرجو ألا تنسى أن الجيش العراقي الذي أسس بعد العام 1921 قد أزيل الآن، يعني لم يتم إزالة المقدرات العسكرية فقط ولكن أزيلت قوة يزيد تاريخا على ثمانين عاما، وهذه لا تقدر بثمن أما المبالغ التي صرفت من خزينة الدولة العراقية على إعداد الكوادر في جميع المجالات من مدنين وعسكريين وأقصد هؤلاء الذين تم منحهم بعثات في الخارج ودورات خاصة خلال الثلاثين عاما الماضية فقد زادوا على 250 ألف شخص تكلفة كل واحد منهم تزيد على 500 ألف دولار بين مخصصات ودورات تدريبية وسفرات وبعثات وغيرها، وبالتالي فإن مجموع ما أنفق على إعداد الكوادر المدنية والعسكرية خلال الثلاثين عاما الماضية بلغ مائة وخمسة وعشرين مليار دولار وهذا على حد قوله رقم علمي دقيق.

قد تم تشغيله بعد، وبعضها كان قد شغل فترة قصيرة، وكلها شحنت بمعرفة الكثيرين ومعظمها معدات جديدة في أكثر من ألف شاحنة إلى خارج العراق ولا ندري كيف بيعت وبعضها تم إهداؤه من الأميركيين إلى بعض حلفائهم ولا ندري من الذي منحهم حق التصرف في ممتلكات الشعب العراقي بهذا الشكل.

وأضاف المشهداني قائلا: هذا خلاف الدمار الذي حدث في جوانب كثيرة منها جانب الزراعة التي تقوم بإحصائها الآن. أما المؤسسات النفط والآبار فإنها تتعرض لأكبر عملية تدمير للمكامن النفطية، فالكوادر هربت إلى الخارج بعدما أصبحت مهددة بالاغتيال بل إن هناك عمليات تصفية منظمة منذ بداية الاحتلال لكل الكفاءات العراقية المتميزة ويوميا هناك اغتيالات وتصفيات تحت دعاوى مختلفة لكنها كلها تصب في تفريغ العراق من أبنائه المبدعين والإبقاء على من لا تقوم الدولة على اكتافهم.

أصابني كلام الدكتور المشهداني بالصادمة لأن مثل هذه الحقائق لا يعلم بها كثير من الناس ، وما زال الناس يتحدثون عن كارثة المتحف العراقي لكن يبدوا أن ما تم بعدها أضخم بكثير مما يمكن أن يتخيل وقد تمت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بزيارة لكثير من المدن العراقية ووفقت على كثير من الحقائق المذهلة عما وقع للعراق خلال عام من الاحتلال لكن الأرقام وهي اللغة التي عادة ما أتعامل بها لا يعرف بها الكثير من الناس لأن الأرقام الحقيقيةلدى طرفين هما سلطات الاحتلال والمقاولون الذين ما زالوا يفككون المصانع والمؤسسات ويفرغون المخازن من محتوياتها ويهربونها إلى الخارج العراق.

ويستطيع أي متجول على الطرق السريعة التي تربط العراق بدول الجوار أن يحصي الحجم الذي لا يتخيل للشاحنات التي تحمل كل شيء ولكن معظم ما يحمل مغطي ما يسمى بالمثلث السني وحيث توجد جزيرة بحيرة الثرثار التي تقع المخازن الرئيسية للعراق في جميع المجالات العسكرية والمدنية بها، والتي تقدر مساحتها بزهاء مليون هكتار من المباني وكل هكتار تبلغ مساحته 2500 متر،هذه المخازن الضخمة والرهيبة في مساحتها والتي كانت تحوي الكثير من مقدرات الدولة وأسرارها كانت ممتلئة بكل شيء وقعت بعد عدة أسابيع من الاحتلال تحت أيدي القوات الأميركية بكل محتوياتها من العرقيين أنهم فوجئوا قبل مدة بمقاولين أجانب وعرقيين ينقلون محتويات هذه المخازن التي هي بحاجة إلى أساطيل من النقل وعدة سنوات من الشحن حتى تفرغ من محتوياتها فاكتشفوا أن الأميركان هم الذين يقومون بعملية البيع لمحتويات هذه المخازن وبشكل مخف وأن هؤلاء المقاولين لديهم عقود بيع وتفريغ لهذه المخازن التي تحوي مقدرات هائلة للعراقيين وبها كميات هائلة من السلاح والعتاد والمعدات الحربية التي لم تستخدم بعد، وكذلك بها مواد تموينية ومعدات مدنية وصناعية وأجهزة كمبيوتر وكل ما يمكن أن تكون ا لدولة بحاجة إليه وأضاف أن المنطقة كان بها أيضا منشأة صناعية ضخمة أمسها منشأة صلاح الدين كان النظام السابق قد أقامتها بترتيب مع الفرنسيين،وكانت مجهزة بأجهزة كمبيوترية عملاقة تستطيع صنع أقمار اصطناعية مدنية ومعدات وأجهزة مصانع وكانت هذه المنشأة جديدة لم تفتح رسميا بعد اكتشفنا مجيء مقاولين بشحنات من أجل فك الأجهزة ونقلها، أبلغنا الشرطة العراقية والمحافظ وجاءت قوات من الشرطة لوقف هذه العلمية التخريبية الكبرى لكن أحدا حتى المحافظ لم يستطع أن يمنع عملية التفكيك والنقل لهذه المنشأة العملاقة واكتشفنا أن هؤلاء المقاولين معهم عقد بيع من القوات الأميركية. وأن الموقع لهم على عقد البيع من الطرف الأميركي هو جندي أميركي برتبة عريف وأؤكد لك وكلي خجل أن قوة العريف الأميركي الآن هي أقوى من سلطة المحافظة العراقي بل أقوى من أي عضو في مجلس الحكم حتى لو كان رئيس مجلس الحكم نفسه وأضاف قائلا: وأنا منذ عام أي منذ وقوع الاحتلال وأنا أسعى مع كثير من العراقيين المخلصين للحفاظ على ما تبقى من ثروة أمتنا، لكننا فشلنا حتى ا لآن وثروة بلادنا تفكك وتباع بل بعضها يهدي لمن وقفوا مع المحتل ممن يسمون بالحلفاء، ونحن عاجزون عن حمايتها وأؤكد لك أن متحف العراق لم يحرق ولم يذهب وحده ولكن ما تم خلال عام من الاحتلال من تدمير مقدرات الدولة وسرقتها أكثر فظاعة مما شاهدة الناس على شاشات التلفزة خلال فترة الحرب وكل ما يتم الترويج له الآن هو تغطية على عمليات النهب المنظم التي يمكن أن تستمر لسنوات، لما تبقى من ممتلكات الدولة ومؤسساتها ومخازنها وثروتها ولا أحد يتكلم لن لا أحد يعمل حقيقة ما يدور ولا أحد يسمع لنا فالكل مصاب والكل يتألم إما بمفقود أو معتقل أما مقدرات الدولة وثروة الشعب العراقي من معدات لتصنيع الأقمار الاصطناعية وثروات أخرى فإنها تباع في المزاد، ويوقع على عقد البيع جندي أمريكي هذا ما يحدث الآن في العراق بعد عام من الاحتلال.


البطالة في العراق :

الحديث عن البطالة في العرق بعد عام من الاحتلال شيء مريع فهناك جيش كان يزيد عدد المنتسبي والمحترفين فيه على نصف مليون جندي وهناك دولة كان يعمل وقد التقيت في بغداد ضباطا وموظفين كبارا سابقين يعيشون حالة مأساوية، بعضهم يعمل سائقا وآخرون يبيعون أشياء بسيطة في الشوارع حتى يعولوا أسرهم ، حتى أن أحدهم قال لي هو يشيح بوجهه، لدي خمس بنات بعضهن في الجامعات يا سيدي وأنا كنت أستاذا في كلية الحر بأعلى أكاديمية عسكرية في العراق، ومعي ثلاث شهادات للدكتوراه في العلوم العسكري لكنني الآن بلا عمل فمن أين أطعم أولادي وكيف أعيش؟.

وفي محافظة صلاح الدين التي تقع بها مدينة تكريت التي كان ينتسب إلهيا الرئيس السابق صدام كان أغلب الناس الذين التقيت بهم ينتسبون إلى الجيش والأمن الخاص والحرس الجمهوري أو موظفين عامين في الدولة، يعني أن الوظيفة سواء كانت عسكرية أم مدينة كانت هي موارد رزقهم الأساسي، بعضهم يعمل الآن بائعا في الأسواق وبعضهم عاد يعمل في الفلاحة ممن كان لديهم أرض زراعية، لكن الأغلبية ليس لها عمل وتشكو الفاقة . أما المؤسسات التابعة للإدارات المحلية فكلها تعيش حالة من الفوضى بشكل عام في العراق فإنهم يوصفون بأنهم يعملون مع سلطات الاحتلال وبالتالي فهم إما أن يكونوا هدفا للمقاومة أو ينظر إليهم باحتقار من الناس، لكن في النهاية كما انتسب إلى حزب البعث سبعة ملايين معظمهم للبحث عن وظيفة فإن سلطات الاحتلال الآن تفعل الشيء نفسه ولكن في فوضى عارمة.

وهذا ليس في بغداد وحدها أو المدن الكبرى ولكنه شامل لكل مدن العراق، وربما لم ينج منه إلا هؤلاء الذين كانوا يعملون في التجارة أو الزراعة، وقد رأيت أحد القادة العسكريين حينما زرته في قريته التي تبعد عن بغداد حوالي مائتي كيلو متر وجدته يعمل بالفلاحة في مزرعة صغيرة يمتلكها، ثم قال لي والحرج يعلوه حيث ذهبت إليه دون موعد لعدم وجود هاتف لديه وهو يستقبلني بجلبابة ويديه المتسختين بالطين آسف سأغسل يدي ثم أعود إليك وبعدما قال ل يهو يدير وجهه كإنما مازال متحرجا لم أجد إلا ما تركه لي أبي من أرض لأعود إلهي وأعمل فلاحا حتىأوفر لعائلتي ما يمكن أن تعيش به.


أميركا تصنع الكراهية:

حينما ذهبت إلى مدينة الفلوجة يوم الخميس الأول من إبريل الجاري أي بعد يوم واحد من عملية قتل خمسة من الجنود الأميركيين وأربعة آخرين التي وقعت في 31 مارس الماضي قبل إنهم يعملون مقاولين أو حراسا آمنيين في شركات خاصة وتم سحلهم في الشوارع من عامة الناس بعد حرق جثثهم والسيارات التي كانت تحملها مما جعل الحاكم المدني الأميركي للعراق بول بريمر يهدد بالانتقام ممن قاموا بهذا العمل، وكذلك الجنرال مارك كيميت نائب قائد العمليات العسكرية يقول في مؤتمره الصحفي وهو يهدد إن ذلك لن يمر دون عقاب مما يعني أن ما حدث أثار هزة كبيرة لدى الأميركان وتحدثت وسائل الإعلام الأميركية والغربية بشكل عام إن سحل الأميركيين في شوارع الفلوجة أعاد إلى الأذهان عملية سحل الأميركيين في شوارع مقديشو عام 1993 مما جعل الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون يوقع قراره بسحب القوات الأميركية من الصومال وإلغاء عملية إعادة الأمل التي كانت تسهدف وصول 79 ألف جندي أميركي إلى الصومال لم يكن قد وصل منهم سوى ثلاثين ألفا، وقد سارع بوش الابن ردا على هذا الربط في الثاني من إبرايل الجارين وأكد أن سحل الأميركيين في شوارع الفولجة لني دفعه إلى سحب القوات الأميركية من العرق.

كان السؤال الذي يشغلني حينما ذهبت إلى الفلوجة هو لماذا فعل الناس هذا العمل في الفلوجة لماذا قاموا بهاذ العمل الذي رفضه كثيرون قال لي بعض الوجهاء والحكماء في المدينة حينما التقيت بهم في بيت أحدهم إننا لا نقبل ما تم من قبل العامة وليست المقاومة مسؤولة عن هذا فقد قاموا بعمليتهم وانسحبوا لكن الأمريكيين صنعوا في نفوس العراقيين من خلال ممارستهم اليومية كما من الكراهية لهم لا يوصف وانبرى أحد شيوخ العشائر من بين الحضور الذين تجمعوا للقائي وقال لي : نحن أهل عشائر وأهل تقاليد كنا في عهد صدام حسين رغم كل طغيانه وجبروته إلا أنه لا يلقي القبض على أحدنا من قبل مخابراته إلا ويأتي مع قوات المخابرات مختار المنطقة وأحد أفراد الشرطة أو بعضهم من المدينة ويستأذنون بداية فنرتب البيت ونداري النساء ، أما الآن فإننا نجد الجنود الأميركيين بأسلحتهم على رؤوسنا ونحن في غرف نومنا بين نسائنا، ثم يأخذوننا بعد أن يروعوا أبناءنا وأطفالنا والنساء شاهدوا هذا المنظر يتكرر على شاشات التلفزة بالليل والنهار، يأخذوننا بعد ذلك فيضعون أكياس في رؤوسنا ويهينوننا ونحن شيوخ عشائر ،وكذلك الرجال أمام الصغير والكبير والنساء والأطفال، كما أنهم يعتقلون نساء في بعض الأحيان ويقومون باقتحام المساجد واعتقال العلماء.

وحينما ذهبت إلى مدينة سامراء كان نقاش الناس يدور حول ثمانمائية معتقل لدى قوات الأميركية ومؤتمر يعدون لعقده خلال أسبوع للمطالبة بالإفراج عنهم، و حينما ذهبت إلى تكريت حيث مسقط رأس صدام حسين وجدت صورة مشابهة، وحينما ذهبت إلى مدن بلد وبعقوبة والمقدادية وغيرها من مندن محافظة ديالي وجدت صورا شبه متكررة لأساليب الأميركيين المختلفة في صناعة الكراهية ضدهم من الجميع، وبعد عام من صناعة الكراهية ومن السلطة احتلال حتى لو كانت تمتلك أحدث الأسلحة ووسائل التكنولوجيا فإن شعبا عصيا مثل شعب العراق يلقي على القوات الأميركية ثمار صناعة الكراهية بوسائل مختلفة ، منها ما حدث في الفلوجة حيث أكد لي كثيرون أن مثله تكرر في مدن أخرى لكن الفارق بين ما حدث في الفلوجة وفي غيرها أو وسائل الأعلام كانت في الفولجة فصورت ما حدث وبث في أنحاء العالم لكنها لم تكن في المدن الأخرى حينما وقع فيها مثلما وقع في الفلوجة .


هانة مجلس الحكم:

أسس الأمريكيون مجلس الحكم الانتقالي بعد احتلالهم للعراق من خمسة وعشرين من العراقيين ويمثلون الأطياف المختلفة لمعظم العراقيين لكن كثيرين من أعضاء مجلس الحكم لا جذور لهم ولا شعبية، لا سيما هؤلاء الذي جاؤوا من الخارج وبعضهم جاء على دبابة وآخر بطائرة أميركية، لكن مجلس الحكم بعد عام من الاحتلال لا يمارس حقيقة أي سلطة أو حكم فالمقربون منهم من الأمريكيين هم المحظوظون أما الآخرون كما قال لي أحد أعضاء مجلس الحكم فلا يكادون يحظون بمقابلة المسؤولين الأميركيين، وضرب لي مثالا أن أحد أعضاء مجلس الحكم حينما أصبح رئيسا للمجلس طلب لقاء الميجور جنرال ريكاردو سانشيز القائد العام لقوات الائتلاف في العراق لأخذ موافقته على زيارة سجن أبو غريب أكبر السجون التي يحتجز فيها عراقيون للاطلاع على أوضاعهم بعد ضغوط من أسر المعتقلين، لا سيما أن علميات الاعتقال تتم بشكل عشوائي وكثير منهم يعتقلون بسبب وشايات من أعداء لهم أعطى الجنرال سانشيز موعدا لرئيس مجلس الحكم بعد أسبوعين وحينما التقاه لم يسمح له سانشيز بزيارة السجن، وقد أعترف المفوض العام للسجون العراقية أحد نواب الحاكم المدني بول بريمر روبرت جونز في مؤتمر صحفي عقده في منتصف مارس الماضي أن عدد المعتقلين العراقيين في سجون سلطات التحالف هو اثنا عشر ألف معتقل وقد روي لي أحد المعتقلين السابقين صورا مذهلة لما يدور في سجون قوات الاحتلال التي لا يسمح لأحد بدخولها، ويدور الأهالي عليها لعرفوا مجرد معرفة أين أبناؤهم ، والشاهد في الموضوع هو حجم الصلاحية التي يتمتع بها حتى رؤساء مجلس الحكم فالسلطة كل السلطة بعد عام من الاحتلال هي لقوات الاحتلال وليس لأحد آخر، وهذه المجالس ليست سوى مجالس شكلية ويكفي أن يبقى رئيس المجلس أسبوعين على باب الجنرال سانشيز حتى يؤذن له ثم يرفض طلبه بالإفراج عن المعتقلين ولكن حتى بزيارتهم.

هذه بعض المشاهد في العراق حيث لا سلطة لأحد بعد عام من الفوضى سوى سلطة الاحتلال.

كاتب وصحفي مصري.


بوب وودوارد يكشف كواليس الحرب على العراق:

لقد كانت النية لدى الإدارة الأميركية تتجه نحو شن الحرب ضد العراق واتخذ القرار بعد هجمات 11 سبتمبر ولم تكن المفوضات ولا المداولات والمناورات حول ما تردد عن وجود أسلحة للدمار الشامل في العراق سوى مجرد محاولات لاختلاق ذريعة لبدء العدوان وإسقاط نظام صدام حسين،والتفاصيل ما دار في كواليس الاستعدادات الحرب يرويها الصحفي الأميركي الشهير بوب وودوارد في كتابه الجديد خطة الحرب ليضيف فضيحة جديدة للإدارة الأميركية بعد أن نجح من قبل في تسليط الأضواء على فضيحة ووترجيت أثناء رئاسة ريتشارد نيكسون.

بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وبالتحديد في ديسمبر 2001 قرر جورج بوش الرئيس الأميركي شن الحرب على العراق،وفي يناير 2003 لم يعد هناك مجال للتفكير،وتقرر بدء الحرب في مارس من نفس العام بعد التأجيل خوفا على مستقبل حليفه توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الذي أعلن تأييده للحرب وقال " قلت أنا معك وأنا أقصد ما أقول، " حينما طلب نه بوش عدم مشاركة القوات البريطانية في الحرب.

وكان بلير يريد استصدار قرار من المم المتحدة أو حتى مجرد المحاولة وأبلغ بوش في لقاء بينهما من كامب ديفيد تأييده مع رغبته في اللجوء إلى الأمم المتحدة ليقال أنه استنفذ كل الخيارات الدبلوماسية بعد صدور قرار مجلس الأمن باستئناف عمليات التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق وضح تذمر من دور لجنة التفتيش ورئيسها هانزبليكس، وفي لقاء مع كونداليزا رايس قال بوش: اعتقد أننا سنخسر الوقت ليس في صالحنا ولذلك اعتقد أنه ينبغي علينا التوجه للحرب.

ويذكر ورد أن بوش عرض الأمر على كونداليزا في سؤال حلو ضرورة شن الهجوم العسكري على العراق ولم يسأل وزير خارجيته ، وببر بوش ذلك بقوله: لا اعتقد أنني كنت في حاجة إلى معرفة رأيهم إزاء صدام حسين أو كيفية التعامل معه، إذا وضعت نفسك في مكاني فإن الأمور ستكون واضحة تماما لديك وأخطر بوش وزير خارجيته بقرار الحرب فيما بعد، حين سأله هل أنت معي في هذه القضية، أريدك أن تكون في صي وأجاب باول: سأفعل ما بوسعي نعم سأؤيدك: أنا معك يا سيادة الرئيس.

لم يكن العراق يتصدر قائمة اهتمامات جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية عكس المجموعة المسؤولة عن العمليات العراقية داخل الوكالة والتي أطلق عليها بيت الدمى المكسرة وكان الاعتقاد السائد أن الوكالة أخفضت في عمليات سابقة فالأكراد والشيعة والضباط العراقيون السابقون يعرفون تاريخ تخلي الوكالة عن مساندتهم في بعض الحالات وجرت مقابلات بين تينيت ومسعود البارزاني وجلال الطالباني في مارس 2002 وأكد تينت للزعيمين الكرديين أن الجيش الأميركي وس أي إيه في طريقهما إلى المناطق الكردية وأن صدام حسين سوف يطاح به. وفي ديسمبر 2002 نوقشت قضية أسلحة الدمار الشامل وحضر الاجتماع ديك تشيني وكونداليزا ورئيس هيئة موظفي البيت الأبيض وعرضت رسوم بيانية لإثبات وجود أسلحة دمار شامل في العراق وبعدها قال بوش: محاولة جيدة لا اعتقد أن هذا الشيء سيفهمه الرأي العام أو سيزيد من ثقته، كان العرض فاشلا والمعلومات أقل من مقنعة وسأل بوش مدير الوكالةللمخابرات ، لقد عرضت هذه المعلومات عن أسلحة الدمار الشامل فهل هذا أفضل ما لدينا، ورد تينيت هذه إصابة محكمة فسأله بوش جورج مما مدى ثقتك قال تينيت لا تقلق هذا مؤكد.

المهم أن بوش بدأ الاستعداد للحرب وبتكليفه وصلت إلى 700 مليون دولار دون علم الكونجرس ويروي وودوارد في كتابه أن بوش قرر شن الحرب بعد 11 سبتمبر وأن ديك تشيني سعى لإثبات وجود علاقة بين صدام وتنظيم القاعدة، وأشار وودوارد إلى أن السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر بن سلطان علم بقرار الحرب قبل كولين باول وزير الخارجية الأميركية.

وينتقل وودوارد إلى مساء 6 سبتمبر حين التقى كبار المسئولين في الأمن القومي في كامب دافيد لدراسة موضوعات متعلقة بالأمم المتحدة قبل اجتماع لمجلس الأمن القومي مع بوش ومؤتمر القمة مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، أصر تشيني على أن السعي لإصدار قرار جديد يضعهم في وضع ميئوس منه فيما يتعلق بالأمم المتحدة وكل ما يحتاج إليه بوش في خطابه هو ترديد أن صدام رجل سيء عنيد وينتهك قرارات الأمم المتحدة، ورد كولين باول بأن ذلك يعني طلب دعم الأمم المتحدة وأنها لن تعلن أن صدام شر وتجيز الحرب، كان نائب الرئيس تشيني متلهفا على عمل صدام حسين وقال باول إن رد الفعل الدولي سيصبح سلبيا إلى درجة أنه سيضطر إلى إغلاق سفارات أميركية حول العالم إذا ما ذهبت الولايات المتحدة للحرب بمفردها ،وقال تشيني هذه ليست القضية صدام والتهديد الوضاح هو القضية، وتحول الحديث إلى جدل حاد بينهما كاد يتعدى حدود الأدب، وصبحا السبت 7 سبتمب التقى بوش مع مجلس الأمن القوم وتجدد الجل وقال باول إنهم حتى لسبب لا يتعدى مصداقية الولايات المتحدة يحتاجون لتقديم خطة لبداية عملية التفتيش مرة أخرى في إطار إعادة الترتيبات مع الأمم المتحدة، وفي 31 يناير 2003 نجح باول في إقناع بوش باللجوء إلى الأمم المتحدة وقال نائب الرئيس لوزير الخارجية أقرأ التقرير الذي أعده سكوتر وفيه أربعة اجتماعات بين محمد عطا مع ضابط استخبارات عراقي في براغ اجتماعات مزعومة لم يثبت أحد أبدا وقوعها وكان ذلك أسوأ من السخرية وشطبها باول ويستمر بوب وودوار في استعراض كواليس الإعداد للحرب فبعد 72 يوما على هجمات سبتمبر قرر بوش البدء في التخطيط للحرب وتعددت اللقاءات بين بوش ورامسفيلد وكونداليزا رايس، مستشارة الأمن القومي، وأثارت التقارير التي وردت من العراق عن عملايت التفتيش غضب بوش بسبب مشاهدة العراقيين يبتسمون وهم يتجولون مع المفتشين وكان بوش لا يريد الاستمرار في عمليات التفتيش لا يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في الوقت الذي يتلاعب فيه صدام مع المفتشين وقال بوش عن صدام إنه يزداد ثقة ولا يضعف، يمكنه التحكم في النظام الدولي مرة أخر في 21 نوفمبر 2001 أبلغ بوش وزير دفاعه أن يريد تطوير خطة الحرب ومنذ ذلك الوقت بدأ رامسفيلد التنسيق مع الجنرال تومي فرانكس رئيس القيادة الوسطى الأميركية وكبار القادة لإعداد خطة الحرب حتى في الوقت الذي كان فيه بوش يتابع الحلول الدبلوماسية عبر الأمم المتحدة وكان رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض أندروكارد يفكر في بوش كلاعب سيرك يضع قدما على حصان والدبلوماسية وأخرى على حصان الحرب ويتجه نحو تغيير النظام ويضع على كل حسان حاجب نظر.

وافقت الكويت والأردن على الحرب وفي 11 يناير 2003 استدعى تشيني الأمير بندر بن سلطان إلى مكتبه وحضر الاجتماع رامسفيلد والجنرال ريتشارد مايزر رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي عرض خريطة كتب عليها عبارة سري للغاية لا أجانب بمعنى أنها تتضمن أسرارا لا يجب أن تعرض على أي دولة أجنبية اتصلت كونداليزا رايس بالأمير بندر صباح اليوم التالي ودعته إلى لقاء مع بوش وابلغ رسالة لتوصيلها إلى الأمير عبد الله وبما أن الرئيس أبلغ رامسفيلد قراره بشن الحرب كان من الأفضل أن يبلغ باول مقربا من الأمير بندر الذي علم بقرار الحرب، ويقول بوش إنه طلب من باول أن يؤيده ولكنه لم يكن في حاجة إلى الحصول على إذن منه.

واقترح بول وولفويتز نائب وزير الدفاع إرسال قوات أميركية للاستيلاء على حقول النفط العراقي في الجنوب ومساعدة المعارضة للإطاحة بصدام حسين ووصف باول ذلك ب الحماقة وتسارعت الخطوط التي جعلت الحرب أمرا حتميا وأكدت تقارير المخابرات استحالة إطاحة صدام حسين من خلال انقلاب.

كتاب وودوارد أثار ردود أفعال فقد نفي باول أن يكون إبلاغه الحرب بعد إبلاغ السعودية وقال كنت أعرف أنها الحرب وأنني سأكون مع بوش حتى النهاية.

سعيد السويركي.



ركام الصحافة العراقية

حينما كنت آتي إلى العراق في عهد الرئيس السابق صدام حسين كنت لا أجد سوى الصحف الحزبية والرسمية التي بقيت طوال خمسة وعشرين عاما تضع صور الرئيس السابق في صدر صفحاتها الأولى وتتحدث عن إنجازاته، وتكاد وأنت تقرؤها تشعر أنك تعيش في عصر خاص هو عصر صدام حسين الآن أجلس كل صباح على كومة من الصحف العراقية أما ما أستطيع قراءته من هذه الكومة فهو لا يزيد على صفحتين إلى ثلاث أما النسخ الباقي من الصحف فهو يبدأ من صحف تعبر عن آراء أحزاب أو سياسيين سابقين أو ما يطلق عليهم العراقيون عملاء الأنظمة ودول مختلفة أو عائلات أو أفراد أو صحف فضائح تنشر قصصا مختلفة أو نشرت قبل سنوات في الصحف العربية أما سائر الصحف فقد أبلغي أحد أعضاء مجلس إدارة جمعية الصحفيين العراقية أنها نزيد في بغداد وحدها خلال عام من الاحتلال على مائتين وثلاثين صحيفة بعضها لم يصدر منه سوى عدد واحد، وبعض الجهات والأفراد يصدرون أكثر من صحيفة الكثير منها أو أغلبها يوزع مجانا في الشوارع وعلى المكاتب والفنادق، ومن المناظر المعتادة في بغداد صباحا أن تجد عراقيا يحمل تحت إبطه كمية من الصحف ويمشي يوزع منها على من يعرف وكثيرا ممن لا يعرف والغريب أن بعض هذه الصحف ربما لا يقرؤها سوى الذين يكتبون فيها، واذكر أني قرأت في إحدها قصة عن إحدى المجلات أذكر أني قرأت القصة نفسها قبل عدة سنوات في الصحف العربية، حتى أن هذه الممثلة ربما تزوجت وطلقت عدة مرات بعد هذه القصة ، ولكنها هنا برواية عراقية.

إنها الفوضى العارمة والمفبركة التي تطال كل شيء هذا في بغداد أما في المحافظات والمدن الأخرى فإنه يصدر ويوزع بها مئات الصحف الأخرى.

فوضى تأسيس الأحزاب:

مع الفوضى العارمة في جميع مجالات الحياة هناك أيضا فوضى في تأسيس الأحزاب السياسية ووجودها في العراق، حيث بلغ عدد الأحزاب التي أعلن عن تأسيسها في بغداد خلال عام من الاحتلال أكثر من مائتي حزب سياسي، بل إن أحد السياسيين العراقيين أكد لي أن العدد وصل الآن إلى 237 حزبا، هذا خلاف الأحزاب الصغيرة في المحافظات والمدن، حيث لم يتم إحصاؤها حتى الآن وهي تقدر بالمئات، وقد سارعت هذه الأحزاب بعد سقوط النظام للسيطرة على مقرات حزب البعث ومؤسسات الدولة السابقة وحتى دور السينما والحانات وبيوت كبار الموظفين والمجمعات السكنية الحكومية والعسكرية واتخذتها مقار لها ،وقد شاهد الجميع على الشاشات التلفزة في 29 مارس الماضي 2004 صور عراك بالأيدي بين منتسبي حزب جماعة ثأر اله أحد الأحزاب الشيعية الصغيرة في مدينة البصرة والقوات البريطانية التي طالبتهم بإخلاء مبنى عام سيطروا عليه وأخذوه مقرا لحزبهم بعد الاحتلال وكان مقرا لاتحاد النساء العراقيات في البصرة قبل الاحتلال والغريب أن هؤلاء يطالبون بتملك هذه المباني التي هي ممتلكات الدولة في الأصل كما أن بيوت مسؤولي النظام السابقين أيضا تحولت إلى مقار للأحزاب أو إلى المسؤولين الجدد في أسلوب عبثي فوضوي غريب، وحتى السكان والناس العاديين الذين يطالبون مجلس الحكم بتملكيهم هذه الأماكن،وأكثر الأمور إضحاكا في هذا المجال لهو أني عملت أن مبنى الإذاعة والتلفزيون محتل من عشرات العائلات فسألت وكيف حال االاستوديوهات فقالوا إن كل استديو كبير تسيطر عليه عدة عائلات لكن المضحك في الأمر أن هؤلاء يطالبون بتمليكهم الدولة، وحينما ذهبت لزيارة عضو مجلس الحكم الانتقالي صلاح الدين محمد بهاء الدين وجدته يقيم في مجمع الوزراء في منطقة القادسية ، ويحيط بالمبنى سور أسمنتي مرتفع يقترب من أربعة أمتار أشبه ما يكون بالسور الذي أقامه شارون في الضفة الغربية وعليه حراسة أميركية بالدبابات وجنود عراقيون من الدفاع المدني خوفا من عمليات التفجير التي أصبحت تهدد كل الأماكن التي تقيم فيها قوات الاحتلال أو مقرات للسلطة المؤقتة.

شعرت أني جئت إلى هذا المكان قبل ذلك رغم أننا كنا في الليل، وحينما سألت عرفت أنه مكان كان مخصصا للمسؤولين البعثيين السابقين وبعض كبار المسؤولين السابقين الذين كان يؤويهم النظام، وتذكرت أني جئت إلى هذا المكان قبل عدة سنوات حينما سجلت مع الرئيس السوري السابق أمين الحافظ شهادته على العصر .



Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق