هذه التهمة بها. فالمسالة ببساطة هي وجود جماعات ضغط صاحبة مصالح تتعارض ومصالح التحالفات التي يقيمها اللوبي اليهودي. الاسوأ من ذلك ان كلينتون نفسه كان متضايقا من يهود فريقه.بل هو كان يخشى مواجهتهم.فهو ينتمي الى قالب سلوكي ( منفعل-ايجابي ) يحدده عالم الشخصيات الاميركي باربر على انه لا يواجه بل يعتمد المداورة و على قدرته و مرونتـه في الحوار.كما انه يقع دائما ضحية اصدقائه القدامى الذين يجلبون له العار.و كان اليهود هم اؤلئك الاصدقاء القدامى الذين دعموه في حملته الثانية فتحمل العار الذي جلبوه له على غرار ما يفعل المنفعل- الايجابي.
و هنا يجب الا ننسى ان عار مونيكا كان من صناعة يهودية (هي نفسها يهودية). و تضاعف هذا العار من خلال تصريح الرئيس الروسي السابق يلتسين في مذكراته المنشورة منذ بضعة اشهر حيث يعلن بانه حذر كلينتون شخصيا من ان الجمهوريين قد زرعوا له متدربة اسمهـا مونيكا للايقاع به لكنه لم يرتدع!.و قصة مونيكا مثيرة للاستغراب لان رؤساء عديدين كانـوا يقومون بمغامرات عاطفية خارج-زوجيـة ولم يلاحقوا على النحو الذي لوحق به كلينتون.مما يؤكد على ان الموضوع يتخطى الفضيحة الاخلاقيـة الى اخرى سياسية. ولقد ظهرت المرارة واضحة لدى كلينتون في مقابلته الاخيرة مع الصحافي الاميركي هارولد ايفانز ( وهي من نوع مقابلات التلميع الوداعية). الا ان العـار الاكبر جلبته له المدعـوة اولبرايت التي تحالفت مع هيلاري ضد العديد مـن اصدقاء كلينتون المقربين ( راجع كتاب اولبرايت) وتقربت منها حتى باتت و كأنها حماة غير عاقلة لكلينتون.الذي كان يرغب باسناد وزارة الخارجية مثلا لريتشارد هولبروك لكنه و بتاثير من هيلاري و اللوبي اليهودي اضطر لتعيين اولبرايت في هذا المنصب فكانت الكوارث المتلاحقة التي قضت مضجع الرئيس طيلة هذه الفترة. فبمجرد تعيينهـا شعر العرب بتحدي كبير نظرا لقيادة يهودية لمباحثات السلام خصوصا بعد استبعاد الاطراف الدولية الاخرى.و هي اضافت الى ذلك الاصرار على اقصاء بطرس غالي من رئاسة الامـم المتحدة وعدم التجديد له ( راجع كتاب غالي 5 سنوات في البيت الزجاجي). مع ما في ذلك من تحدي لمصر وللدول العربية الصديقة الاخرى.
1.اليهود يجلبون العار لكلينتون
و اذا اردنا اعطاء مثال عملي عن حجم العار الذي جلبه اليهود لكلينتون علينا ان نراجع تصريحات الوزراء اليهود في نوفومبر من العـام 1998 وخصوصا كوهين و اولبرايت.حيث تؤكد هذه التصريحات على النية الاميركية بتوجيه ضربة قاسمة للعراق. و يزداد هذا العار مع تزامن هذه التصريحات مع تسريبات اسرائيلية حول استعداد اسرائيل لتنفيـذ عملية كوماندوس لاغتيال الرئيس العراقي. الامر الـذي احرج كلينتون ومعه كافة الدول العربية.اذ لم توافق اية دولة منها وتحت اية ظروف على تغيير رئيس عربي بقوة خارجية فمـا بالك باغتياله العلني. وتحديدا في الفترة التي يتم البحث فيها عربيـا لايجاد مخرج لازمة تجاهلتها الادارة الاميركية عن عمد.في حينـه تخلص كلينتون من هذا المأزق اليهـودي المدبر عن طريق طلب مشورة الكونغرس بل وطلب نصح زعمائه ( بما يوحي بعدم رغبته بتوجيه الضربة). ليعود فيستبدلها بضربة محدودة بدون ثمن سياسي ولكن بشعار(يذكر بالعمليات الكبيرة) هو "ثعلب الصحراء".
و هكذا عندما بدأ الحديث عن الترشيحات الرئاسية كان هم كلينتون ارضاء هيلاري و تشجيـع طموحها السياسي حتى يظهر لهـا فعاليته ونفعه لهـا ويضمن او يحتاط لعدم طلاقها له فـور انتهاء ولايته.مما يعني حاجته الماسة لاسترضاء اليهود و يهود نيويورك خصوصا.لذلك لم تعد لدى كلينتـون القوة لدعـم اصدقائه الديموقراطيين المؤهلين لخوض المعركة. فاستسلم للخيار اليهـودي ( آل غور) الذي اختاره اليهـود نائبـا للرئيس مع طموح ترشيحه لاحقـا بسبب ولاء اسرته التاريخي لليهود.و هكذا اختار الديموقراطيين اسوأ مرشح لديهم بعد حملة يهودية شعواء لاستبعاد بيل برادلي. و توالت ظروف الانتخابات و كان واضحا ان هـم الرئيس انما ينحصر بالعمل لصالح زوجتـه و ضمان فوزها بمقعد نيـويورك. و لقد لعب الحظ لعبته اذ انسحب المرشح الجمهوري المنافس لها بسبب مرضه.ولم تكن لنفوز لولا هذه الصدفة.
مع بداية الحملة بدا و كأن الجمهوريين يدفعون بافضل ما لديهم في حين يدفع الديموقراطيين باسوأ ما لديهم.لكن هذا الانطباع لم يدم طويلا اذ بدأ بالتراجع مع اولى المقابلات التلفزيونية. التي اظهرت سلبية و بهتان كلا المرشحين. بحيث بات المعلقون يحصون عدد النقـاط التي يخسرها كل منهما بعد ظهوره التلفزيوني.و باتت الغلبة لمن يخسر اقل وليس لمن يربح اكثر.
حتى بدت المعركة باردة و مملـة وهي لم تكن لتجذب نصف العدد الفعلي من الناخبين لـولا التحضيرات المسبقة لها. فقد تعلم الجمهوريون من تجربة فشل بوش الاب فعملوا على تحريك اكبر نسبة ممكنة من الناخبين المحافظين (البروتستانت تحديدا) و نجحوا في ذلك اي نجاح.اما الديموقراطيين فقد قبلوا ترشيح اليهودي ليبرمان في حركة يائسـة لانقـاذ ما يمكن انقاذه. في محاولة ايحائية للاقليات كي تتحرك لكسر الاحتكار البروتستانتي-الابيض لهذه المناصب. ومع ذلك بقيت المعركة باردة-باهتة لغاية بداية معركة الفرز!.
معركة الفرز هذه كانت صناعة يهودية صرفة.و قبل الاطلاع على الدور اليهودي فيها لا بد لنا من مراجعة الموقف اليهودي من مجريات الانتخابات عموما.فقد كان اليهـود يريدون مرشحا قابلا للتحويل الى يمين الوسط وهي قابلية يمثلها غور بامتياز. الا انهـم فوجئوا بحجم الاستعداد الجمهوري للانتخابات و بمباشرة تدخل قوى الضغط في دعم حملة بوش. لذلك تردد العديد منهـم بقبول ترشيح ليبرمان كنائب رئيس. لكن الترشيح اقـر في النهاية من منطلق ان ضعف غور يبرر فشل ليبرمان و يعظم فوزه!. و هكـذا فان النتيجة لم تكن مفاجئة وهي فوز بوش مدعوما بقوى الضغط الاكثر فعالية.ولقـد حدث مثل هذا التقارب في النتائج مرات عديدة في الانتخابات الاميركية و كان المرشح الخاسر يتقبل خسارته بروح رياضيـة. هذا ما حصل عندما خسر نيكسون امام كينيدي ( الكاثوليكي السابقة التي كـان يمكنها ان تحشد البروتستانت المحافظين). كمـا حصل ذلك في كل مرة يخسر فيها مرشح مـا بفارق ضئيل. و هذا ما دفع بالجميع الى التساؤل عن سبب كل هذه الضجة!؟.
2.اللوبي اليهودي يصطنع الازمة
ان ما حدث من ارباك يعود الى اسطورة يهودية هي اسطورة "الماسادا" التي يجهلها غور. لذلك عمد للاتصال ببوش وتهنئته كما يجب ان يحصل في مثل هذه الحالات. الا ان مكالمة هاتفية يهودية روت لغور حكاية الماسادا فتراجع عن التهنئة ليبدأ حملات الاعتراض.
و"الماسادا" هي اسطورة يهودية.حيث الكلمة بالعبرية تعني الحصن او القلعة.و تقول الاسطورة ان جماعة من اليهود هربت من القدس بعـد سقوطها في يد الرومان عام 70 ميلادية ولجأت الى الحصن "الماسادا" حيث استمرت في مقاومة الرومان ثلاث سنوات. وعندما ايقنت الجماعة خسارتها عمد جميع اعضائها للانتحار كي يحفظوا كرامتهم.فالموت عند اليهودي اهون من ان يذ ل-هكذا تقول الاسطورة.اما الحقيقة فقـد كشفتها البحوث الآثارية (الاركيولوجية) و نشرها احد المؤرخين الاسرائيليين الجدد. و تقول الحقيقة بان سكان الماسادا كانـوا من قطاع الطرق الارهابيين الذين يرهبون حتى اليهـود. و هم لم يفروا من القدس لانهم لم يكونوا من سكانها اصلا.و هم انتحروا لانهم علموا ان الرومان سيقتلوهم بسبب جرائمهم.
الا ان اليهود لا يزالون مصرين على هذه الاسطورة كما على غيرها و من هنا كان قرارهم بعدم الاستسلام!.و على هذا الاساس قرروا خوض المعركة حتى نهايتها. فكانت البداية بانهم طلبوا من غور سحب اعترافه بالهزيمة.و ذلك وفقا للسيناريو التالي:
1- يتلقى غور رسالة من مديرة حملته الانتخابية ( دونا برازيل ) تخبره فيها بان الامر لم يحسم بعد.و ذلك استنادا الى رأي مدعي عام ولاية فلوريدا ( بوب بتروورث-ديموقراطي).
2- العمل على تضييق الفارق في الاصوات الشعبيـة الى مـا دون النصف في المئـة. و عندها يسمح قانون الولاية بطلب اعادة الفرز.
3- اعلان نائب فلوريدا اليهودي روبرت ويكفلر ان ثلاثة آلاف يهودي قد صوتوا خطـا لصالح بوكانان (يلقب ب هتلر الاميركي ) و ذلـك بسبب تعقيـد البطاقـة الانتخابية. مطالبا بالغاء اصوات منطقة "بوكاراتون"التي حصل فيها هذا الخطأ.
4- قـام عدد من سكان بوكاراتون (بايحاء من ليبرمان) بتقديـم دعاوي مستعجلة لابطال نتائج منطقتهم.و سرعان ما الغيت فعلا هذه النتائج. مما ادى الى تدني فارق الاصوات الى ما دون النصف في المئة وبدأت المطالبو باعادة الفرز الالكتروني.
5- بعـد يوم واحد من نشوب الجدل حول النتائج قـام الديموقراطيين بجمع ثلاثة ملايين دولار لتغطية تكاليف رحلة الاعتراض.
6- بـدء حملة شائعات منظمة توحي بتأخير طويل لظهور النتائج ( ايحاء بحدة التقارب و تغطية لشراسة الاعتراض و بجدية امال غور بالفوز- كلها ايحـاءات كاذبـة كما سيظهلر لاحقا).
7- ايحاء غور بضرورة انتظار نتائج التصويت من المقيمين في الخارج.مترافقا مع شائعة وجود اصوات اسرائيلية-اميركية مرجحة لفوز غور.
8- الاستعداد للمطالبة باعادة الفرز يدويـا واستنفـار فريق من كبـار المحامين لخوض المعركة القانونية وعلى رأسهم وارين كريستوفر( وزير الخارجية السابق).
و لكن و بالرغم من كل هذه الجهود هل كان فريق غور مؤمنا فعلا باحتمالات فوزه بعد افتعاله لكل هذه المشاكل؟.
ان الثقة بهذا الفريق و بخبرته تدفع المراقب الى التاكيد على عدم ايمانهم بمثل هذه الاحتمالات و هم اذ خاضوها فذلك لجملة دوافع واسباب قد تختلف من عضو في الفريق لآخر لتصب في خانة الاستجابة لرغبة ليبرمان ( و اللوبي اليهودي من خلفه) للتصرف وفق قواعد الماسادا!.
و تنغيص فوز الجمهوريين.
3.فوز بوش المؤكد
اما عن اسباب انعدام حظوظ هذه الاحتمالات فهي تعود الى القانون الانتخابي نفسه.دون ان يعني ذلك فشل المحامين الديموقراطيين في استغلال ثغرات هذا القانون وابرازها.بما يجعل من تعديل هذا القانون ضرورة مستقبلية ملحة. ففي حالة التنافس بوش/غور يقدم القانون الاميركي الاحتمالات التالية:
1- اعلان فوز بوش رسميا و رفض الاعتراضات المقدمة بسبب عدم جديتها.
2- قبول اعادة الفرز مما كان سيؤخر نتائج فلوريدا الى مابعد 18 ديسمبر موعد اجتماع الكونغرس لتثبيت انتخاب الرئيس. وفي هذه الحالة يتقدم غور بمجموع 267 صوتا من الكلية الانتخابية مقابل 246 لبوش.لكـن ذلك سيعني الغاء انتخابات فلوريدا!.كما انـه سيعني تخطي مبدأ ضرورة الحصول على 270 صوتا كحد ادنى. لذلك ينص القانون على ان يتحول الانتخاب الى مجلس النواب حيث لكل ولاية صوت واحد. و في هـذه الحالة ايضا يضمن بوش الفوز لكونه يضمن اصوات 28 ولايـة. بمـا فيها ولايـة تكساس ( التي حكمها كلينتون) و تينيسي ( التي حكمها غور).
3- ان يصدر الامر الى جيب بوش بوصفه حاكم فلوريدا ( و فقط في حال تفوق غور في الاصوات الشعبية) لتعيين مندوبين موالين لغور. الامر الذي كان سيجعل لفلوريدا كليتين انتخابيتين . مما سيطرح التصويت في الكونغرس لتحديد ايا منهما هي الشرعية و بالنظر الى تساوي النفوذ في الكونغرس فقد كان من المحتمل العودة الى قـرارحاكم الولاية جيب بوش. و هذا كان امل غور الوحيد بالفوز. لكن هذا الامل بدوره لـم يكن جديا.ذلـك ان جيب كان قد اعـلن في مؤتمر صحفي تنحيه عن القيـام باي دور في عمليات اعادة الفرز من اجل الحفاظ على هيبة و احترام و نزاهة ناخب فلوريدا. و هو بذلك تجنب تهمة الانحيـاز لاخيه و غازل الناخبين بلياقة وكذلك مهد للاعتراض على امر تعيين كلية انتخابية ديموقراطية.
4- احتمال مستبعد تماما لكننـا نذكـره بسبب مطالبـة محامي غور به. او تلويحهم بهذه المطالبة.و هو احتمـال اعادة الانتخابات في ولاية فلوريدا.على ان يحق الاقتراع فقط لمن اقترعـوا في الدورة الاولى.و لكـن حتى لو حدث ذلك فان بوش كـان سيحظى بالاصوات الديموقراطية الغاضبة من تحـول غور الى يمين الوسط اضافة الى اؤلئك الذين اعلنـوا ان النظـام اهـم من شخص الرئيس و حزبـه. دون ان ننسى اؤلـئك المتعاطفين مع بوش بصفتـه ضحية اللوبي اليهـودي. الذي يحاول تكرار ما فعله مع بوش الأب.
و هكذا تجتمع المعطيات و المؤشرات لتبرهن ان كل هذه الازمة كانت من صناعة اللوبي اليهودي مع توريطه لغلاة الديموقراطيين فيها. فقد كان فـوز غور مستحيلا بالرغم من كل الجهـود المشروعة وغـير المشروعة التي وظفت لحسابه. ومن بينهـا اختيار وليم ديللي مديرا لحملته الانتخابية.و د يللي هو ابن د يللي مدير حملـة كينيدي قبل 40 سنة. الذي لاتزال تروى حوله الروايات عن مساهمته في انجاح كينيدي عن طريق ادخاله للمافيـا لدعم كينيدي وايضا عن طريق استغلال الاخطاء(التزوير بالتعبير الاميركي).و لكن ماذا عن الآثار السلبية لهذه المكابرة اليهودية.التي دفعت باللوبي اليهودي الى خوض معركة استعراضية بدون امل؟
4.عقابيل المكابرة اليهودية
اما وقد استعرض اللوبي اليهودي الاميركي جبروته وقدرته على اثارة مشاكل حقيقية فان السؤال يطرح عن الآثار الجانبية لهذه المكابرة.وهي آثار قد لاتظهر مباشرة.فاغلب الظن ان هـذه المكابرة لم تنتهي بعد.بل هي ستستمر بصورة ابتزازية تحـاول الحصول على اكبر المكاسب الممكنة عـبر التهديدات اللاحقة باثارة المشاكل في وجه الرئيس الجديد.الذي لم يعد قادرا على تجاهل النفوذ اليهودي وقدرته.و بالمقارنة مع سابقه نيكسون نجد ان اليهود كانـوا سبب خسارته امام كينيدي ثم عادوا وصوتوا ضده في الدورة التي فاز فيها ومع ذلك فقد كانت اول معونة مالية اميركية كبيرة لاسرائيل من تقديم نيكسون.
و لكن هل يمكن ان تمر معركة بمثل هذه الضراوة بدون خسائر؟و ما هي هذه الخسائر؟او ما هو الظاهر منها على السطح لغاية الآن؟
لقد دفعت المنافسة الحادة-المكابرة الى تضييق هامش الفوز فتحول الى ادنى فارق في تاريخ الانتخابات الاميركية.و كان ذلك احد اهم الخسائر اليهودية. اذ اوحى للاقـليات بقدرتها على الفعل و علـى التأثير في مجرى الانتخابات. بل لعلهـا المرة الاولى التي يتنافـس فيها مرشحون لكسب الصوت العربي-الاميركي. فقـد اجتمع كل من بوش و غور مع ممثلين عن الجالية العربية لاقناعهم بالتصويت لهم.وهذه السابقة سيكون لها اثرها في عمل الجالية العربية على تنظيم نفسهـا استعدادا للانتخابات القادمـة. و مثلها جاليـات اخرى كانت تشعر بالعجز و بانعدام القدرة على التأثير.
الخسارة الثانية تمثلت بخسارة اللوبي اليهودي لتيارات المسيحية الاصولية ( سبقت الصهيونية بالمطالبة باقامة اسرائيل).فهذه التيارات تعتبر اقامة اليهود في الولايات المتحدة مؤقتة بانتظار عودتهـم الى اسرائيل تمهيدا لظهور المسيح .لذلـك استنكرت هذه التيارات ترشيح يهـودي لمنصب نائب الرئيس لان ذلك يعني توطين اليهود في اميركا و اعاقة ظهور المسيح.
ان شراسة المعركة التي خاضها اللوبي اليهودي لا تتناسب و نمط المعارك بين الحزبين التي تتسم عادة بالروح الرياضية و بالتسليم بالنتائج صيانة للنظام الاميركي.حيث ينظر الاميركيون الى دستورهم على انه انجيل جديد.لـذلك يمكن التأكيد على ان الجمهور الديموقراطي لم يكن راضيا عـن هـذه المكابرة.و هـو كان يلمح النمط اليهـودي فيهـا.و غني عـن القول ان الديموقراطيين يرفضون تحويل زعامة حزبهم وقراراته الى يهوديـة.وان كانوا يقبلون اليهود واقليات عديدة اخرى في اطار ليببيرالي ليس الا!.
لقد خاض بوش الاب هذه الانتخابات على انهـا معركة حياته.و هو مدرك تمام الادراك لدور الصوت اليهودي في اسقاطه امام كلينتون. لذلك فهو اعد للمعركة انطلاقا من مسلمة العـداء اليهودي لمعركة ابنه.و هـو في المقابل حرك وجيش قوى الضغط الاميركيـة المحافظة لهذه المعركة.و كان من اهم اهدافه مواجهة الصوت اليهودي بتحريك الصوت الاميركي. و كان له ما اراد اذ كانت نسبة اقتراع الاميركيين من اعلى النسب في تاريخ الانتخابات الاميركية. مما نزع عن الصوت اليهودي خاصيته( يتخذ الصوت اليهودي اهمية مضاعفة بسبب اقبال نسبـة كبيرة من اليهود على الاقتراع في حين يظهر الاميركيون عادة نوعا من اللامبالاة الانتخابيـة وتكون نسبة اقتراعهم متدنية). و هذه الوقائـع تضع اليهـود فـي موقع العداء لعدد اكبر من الاميركيين و تستثير ضدهم قـوى الضغط الفاعلـة المؤيـدة لبوش ممـا سوف ينعكس على المصالح الشخصية لليهود.وهذا من شانه ان يتسبب ببعثرة الصوت اليهودي لاحقا.و لقد ادرك فسم من اليهود هذه الوقائع فعارضوا بشدة ترشيح يهودي لمنصب نائب الرئيس (راجع استفتاء مجلة نيوز ويك بهذا الصدد).
و يبقى السؤال عن اداء الرئيس الجديد؟ و هو سؤال يحاول العديدون البحث عن اجابات مقنعة عنه. فاما عن التنبؤ بادائه الشخصي فيمكن استنتاجه عبر تحليل نفسي لنمطه السلوكي (فاعل- سلبي) وايضا لما هو متاح عن ماضيه و عن سلوكه اثناء الانتخابات.و كذلك يمكن تبين علائم مواقفه السياسيـة عبر تحليل مواقف الاب ( ستكون له فاعلية من الدرجة الاولى ) و التوجـه الجمهوري العام بالنسبة للقضايا المطروحة.
لكن ما لايمكن التنبؤ به هو عنصر المفاجأة!.فالولايات المتحدة مقبلـة على سنوات صاخبة بل شديدة الصخب.لذلك فان بوش قد يجد نفسه في مواجهة قرارات شبيهة بتلك التي اتخذها ريغان مع مـا تطلبتـه تلك المرحلة مـن مطالب متناقضـة. لكـن الفوارق بيـن ريغـان و بوش (ديموقراطي/جمهوري – منفعل/فاعل) قد تحمل في طياتها مفاجآت عديدة غير متوقعة!
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق