في الأربعينات : إن أول ملحق عسكري أرسل إلى واشنطن في يونيو 1948 هو إفرايم بن- أرتزي. وهو الذي قام بتشكيل مجلس يضم أربعة أشخاص للتجسس على الولايات المتحدة. أما الأربعةى فهم بن – أرتزي نفسه، وعضو في الوفد الإسرائيلي إلى هيئة الأمم بنيويورك، وعميل مخابرات محترف كان يتنقّل بين إسرائيل والولايات المتحدة ومحام أميركي بنيويورك.
وكان بين المشاريع الأولى التي قام بها المجلس إنشاء مركز في نيويورك لتدريب العملاء المجنّدين على أساليب التجسس، كالمراقبة الالكترونية في الشوارع، استخدام الحبر السري، واستخدام الشيفرة في المراسلات، ووضع آلات التنصت في الفنادق التي تنزل فيها الوفود العربية إلى هيئة الأمم والسيارات التي يتنقّلون فيها. لكنهم منذ البداية أيضاً استهدفوا التجسس على مصالح أميركية. وربما كان ذلك يشمل الحصول على نموذج أوّلي لرادار أميركي صغير متحرك للإنذار المبكر وشحنه إلى تشيكوسلوفاكيا مقابل أسلحة تشيكوسلوفاكية للهاغاناه في فلسطين.
في الخمسينات : في عام 1956 اتصل مسؤول إسرائيلي كبير اسمه أيزنشتاد بمسؤول في السفارة الأميركية اسمه ايرل آي. جنسن وعرض عليه مبلغاً من المال مقابل الحصول له على معلومات سرية ووثائق. فتظاهر جنسن بالقبول وقام بإشراف مكتب التحقيقات الفدرالي بتسليم مواد مختارة لعميلين إسرائيليين وهما أبرامسكي ونيفوث (والاسمان مأخوذان من وثيقة سمحت وزارة الخارجية بالاطلاع عليها ولم يرد فيها الاسم الأول لكل منهما).
وعندما نُقل جنسن إلى واشنطن تبعه العميلان الإسرائيليان لمواصلة عملهما. ولمّا لم يكن الإسرائيليون إذ ذاك يتمتّعون بالحصانة الدبلوماسية فقد اتّفقت وزارة الخارجية ووزارة العدل كتابة على تقديمهما للمحاكمة بموجب قانون وكالة تسجيل الأجانب والقوانين المتعلّقة بأعمال التجسس. لكن لأسباب لم أستطع إلى الآن الوقوق عليها لم يُعتقلا، ولم يقدّما إلى المحاكمة.
في الستينات : في أواسط الستينات قام مكتب التحقيقات الفدرالي بالتوسع في التحقيق الذي كان يقوم به إذ ذاك مع لجنة الطاقة الذرية حول احتمال قيام مؤسسة المواد والطاقة الذرية ( NUMEC) في بلدة أبولو بولاية بنسلفانيا بتحويل اليورانيوم المصنّع لإسرائيل. وكان مكتب التحقيقات حريصاً بالدرجة الأولى على صيانة الوثائق السرية المتعلقة بتقنية الأسلحة المخزونة في أبولو. على أن بعض الزوار الإسرائيليين وبينهم رفائيل إيتان تمكنوا من الوصول إلى تلك الوثائق. وكان إيتان معروفاً عندئذ بعلاقته بالمخابرات الإسرائيلية. وهو نفس إيتان الذي كشف تورطه فيما بعد بقضية الجاسوس بولارد.
وفي عام 1969، وبناء على توصيات مكتب التحقيقات الفدرالي، تمّ إلغاء عقد مؤسسة المواد والطاقة الذرية وسحب التصريح بإيداع الوثائق المتعلقة بالأسلحة فيها، وعدم السماح للدكتور زالمان شابيرو، رئيس المؤسسة، بالاطلاع على الوثائق.
في السبعينات : ربما كان الكولونيل يوسف لانجوتسكي أشد الجواسيس الذين أرسلتهم إسرائيل إلى الولايات المتحدة إزعاجاً ومثابرة. وقد تنبّه له مكتب التحقيقات الفدرالي بعد وقت قصير من تعيينه في أواسط سنة 1976 مساعداً للملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية بواشنطن. وقد تمكّن من اختراق المناطق الحساسة المغلقة بوزارة الدفاع الأميركية مرات عديدة. وحاول بطرق غير لائقة تجنيد موظفين بوزارة الدفاع للتجسس. وبعد أن أنذرت الوزارة السفارة الإسرائيلية عدة مرات رفضت أن تتعاون معه بأي وجه ومنعته من الاتصال بها. وفي أوائل عام 1979 استدعته الحكومة الإسرائيلية.
في الثمانينات : في عام 1983 قام مكتب الأمن التابع لوكالة المخابرات بوزارة الدفاع الأميركية بتفتيش مكان عمل وبيت أستاذ كبير في كلية وزارة الدفاع للتجسس. وكان عدد من زملائه قد رفعوا تقارير حول علاقاته المشبوهة بمسؤولين إسرائيليين عسكريين يعملون بالمخابرات. ولم يعثر مكتب الأمن على أية وثائق سرية مسروقة خلال التفتيش لكنه عثر على مئات الكتب الممزقة التي كانت قد سُحبت بالاحتيال والتزوير من مكتبة الكلية وشُوّهت. وعلى أثر ذلك قامت وزارة الدفاع بإحالة القضية على النيابة العامة.
وأخيراً جرت تسوية مع الأستاذ، فاعترف في نوفمبر 1983 أمام محكمة المنطقة في ألكسندريا بولاية فرجينيا بأنه مذنب بالاعتداء على ممتلكات الدولة، فأصدرت المحكمة حكماً بإدانته وحكمت عليه بدفع غرامة. ولكن بدلاً من سجنه حكمت عليه بالقيام بأعمال لخدمة المجتمع خلال مدة معيّنة. وشملت التسوية وجوب استقالته فوراً من منصبه كموظف مدني في وكالة المخابرات التابعة لوزارة الدفاع والتي تدير الكلية. لكن لم تناقش المحكمة أي جانب أمني من جوانب القضية. هذا بالرغم من أن بعض المسؤولين في الوكالة صرّح بأن التحقيق كشف عن اختفاء بعض المواد السرية من مكتبة الكلية. ويشغل هذا الأستاذ الآن منصب مدير دراسات الشرق الأوسط بإحدى جامعات واشنطن.
0 التعليقات:
إرسال تعليق
أضف تعليق