Facebook

الجنون، قيصر هذا العالم .. بقلم : نصري الصايغ

كان وزير خارجية أميركا الأسبق هنري كيسنجر، ينصح الرئيس ريتشارد نيكسون، باستخدام الجنون تلميحاً، لا فعلا، بهدف إثارة الرعب، استدراراً لتنازلات سياسية من الأعداء.. وكانت فيتنام نموذجاً.
كان التلويح بالجنون كافيا. وكان بلوغ الجنون محظوراً.
اين نحن من الجنون؟
يرى المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، ان مستقبل العالم قاتم جداً، وأن الخطر، لن يكون بفوز المحافظين الجدد والجمهوريين في الانتخابات التشريعية الأميركية.. الخطر قادم، من امكانية فوز المجانين من الجمهوريين... الطريق معبّدة أمامهم، وبينهم وبين السلطة، خطوة تتمحور في تأهيل شخص كاريزمي، يعيد انتاج نازية هتلرية، بصيغة أميركية.
الجنون قادم من أميركا، بعدما جاء واحتل أوروبا، في الحرب العالمية الثانية.
لم تكن الولايات المتحدة الأميركية، البادئة في مسارها الجديد، لممارسة سياسة الجنون. فقد سبقتها اسرائيل مراراً. فعلى الرغم من وجوه الشبه الكثيرة بين قيادات اسرائيل التاريخية والعسكرية، فإن «المجتمع الاسرائيلي»، اتجه بسرعة إلى المزيد من الجنون، عبر انتخاب المتفوق عنصرياً، بنيامين نتنياهو، والمتفوق إجراماً، أرييل شارون، والمتفوق هوساً وجنونا، ليبرمان.
لم يعد العالم عاقلاً بما فيه الكفاية... الجنون ضرب أسس الاقتصاد العالمي، فالجنون المالي الراهن، وصل إلى درجة وضع عدداً من الدول في المصحات، لعلاج انهيارات الاسواق والنقد والانتاج... هو جنون زائد، يعالج الانفاق البربري بالمزيد منه لقادة الجنون المعولم، عبر مئات المليارات من الدولارات... فالذين تسببوا بهذه الكوارث الكونية، كوفئوا بمساعدات مالية عملاقة، وعوقب الضحايا في كل مكان، بتدفيعهم ثمن الجريمة وثمن آلة القتل.
الجنون، في كل مكان. جنون في أسهم البورصة. جنون في المضاربات المالية. جنون في المضاربات العقارية. جنون في تراكم الثروات، في عالم فقد ثوراته، وبات مفكرو الثورة السالفة، موظفين في وسائل إعلام، تجرف الوعي وتسحل العقل وتبيد الإرادة...
إرهاصات هذا الجنون، بدأت مع عقيدة السوق، وضرورة حراستها بالقوة. وصيغة شعار كل «ماكدونالد» يفتح في أسواق العالم، بحاجة إلى أسلحة «ماك دوغلاس» لحراسته، نفذت بدقة الجرائم المنظمة... ويمكن تلمس مشهد الكذب الرسمي، من خلال جلسة مجلس الأمن، التي ظهر فيها كولن باول، وزير خارجية جورج دبليو بوش» وهو يدلل بالإصبع على صور ووثائق تؤكد وجود أسلحة دمار شامل وبرامج نووية في العراق.
كذب جنوني، أدى إلى تدمير العراق. ويريدنا أوباما أن نصدق، ان ايران تملك برنامج تسلح نووي، تقتضي محاصرته ومعاقبته و... تحريض العالم، كل العالم، عليه.
الجنون، قيصر هذا العالم، لا نيرون.
ومن الوثائق الدامغة، لمحرقة القرن الواحد والعشرين، تلك التي تتم علنا، (في العراق وأفغانستان وفلسطين والباكستان) عبر حروب يُقتل فيها مدنيون أبرياء، تدمر فيها قرى وأحياء مدن فقيرة، يعيش فيها مدنيون أبرياء، تهجر فيها مناطق يسكنها فقراء أبرياء... متهمون فقط بالإرهاب.
لو يحضر نيرون اليوم، لكان حظي بجائزة نوبل للإنسانية. يبقى ان «المحرقة» الضيقية، تلك التي تحصل اليوم، في القارات كلها، هي «محرقة» تتم بعيداً عن شبكات التلفزة وعيون الكاميرا وأقلام الإعلاميين... تلامذة مردوخ، عظيم آلهة الاعلام المعاصر وشركائه من الأجانب العرب.
لقد شاهد هذه المحرقة، مخرج سينمائي ألماني، زار مدينة النيجر، ووقف على ما يحدث في افريقيا من قتل متعمد، جوعاً. قال لجليسه جان زيغلر، ان هتلر لم يمت. انه على قيد الحياة. والدليل، المحرقة التي تنفذ كل يوم بالسر... القتلى بالملايين. الجوعى بالملايين. المنتظرون موتهم كل يوم، بالملايين... والشركات العملاقة الطاعنة ثراء، تعرف أنها تقتل من بعيد... جوعاً وأمراضاً وحروباً.
ويحدثونك عن حقوق الانسان.
وكما هو الوضع هناك، هو كذلك عندنا.
ألم نكتشف مراراً، أن في دول الخليج ملوكاً وأمراء... وفقراء يموتون إذا أمطرت السماء قليلا أو يسيرا؟
ربِّ... زدني غضباً وجنوناً مختلفاً.

السفير

Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق