Facebook

مذكرات رودلف فربا

وهو أحد الفارين القلائل من معتقل “اوشفيتز” وهو قد نشر هذه المذكرات في العام 1961 في جريدة “ لندن دايلي هيرالد”. ومما يقوله فيها: انا يهودي وبالرغم من يهوديتي فاني ادين بعض القادة اليهود بابشع اعمال الحرب. فهذه الفئة من الخونة علمت بما يحدث لاخوانهم لكنهم فضلوا شراء ارواحهم بالصمت عما يجري! ومن هؤلاء د.رودولف كيستنر ((المندوب الدائم للمؤتمر اليهود ي العالمي ورئيس فرع هنغاريا)). لكن صاحب هذه المذكرات يبدو جاهلاً تمام الجهل لطبيعة العلاقة بين كيستنر (والصهيونية عامة ) وبين النازية. فقد اوضحت محاكمة ادولف ايخمان بوجود علاقة وثيقة بينه وبين كستنر اذ يقول عنه: … لقد كنا نثق احدنا بالآخر وكان همه الأكبر هو تمكين مجموعة مختارة من يهود هنغاريا من الهجرة الىاسرائيل”.

وهذه الانتقائية (النخبوية) تتفق مع تحديد بن غوريون القائل بانتقاء القليل من جموع اليهود في ترتيب عملية الهجرة الى فلسطين. على ان يكونوا من الشباب الذين يستطيعون فهم معنى “الوطن القومي اليهودي” ووضع طاقاتهم وامكاناتهم لخلق ظروف اقتصادية ملائمة لمتابعة الهجرة!

والناحية التي لم يدركها فربا هي ان الصهيونية كانت تعي استحالة تهويد فلسطين اذا بقي اليهود مصرين على البقاء حيث هم في البلدان التي يعيشون فيها. وكان التفاهم مع اعداء السامية هو طريقة الصهيونية لدفع هؤلاء اليهود باتجاه فلسطين. ولقد وصل هذا التفاهم الى حدود التحالف ومن مشاهده:

1 ـ لقاء في العام 1923 بين موسوليني وبين رئيس المنظمة الصهيونية العالمية حاييم وايزمان. اكد فيه الاول دعمه لتهويد فلسطين.

2 ـ لقاء في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 1934 بين موسوليني وناحوم غولدمان. وافق فيه موسوليني على فكرة تأسيس “المؤتمر اليهودي العالمي”.

3 ـ تشير وثائق عديدة الى وجود علاقة بين الصهيونية وبين هتلر قبل تسلمه الحكم. كما تشير هذه الوثائق الى تلقي الحركة النازية لتبرعات صهيونية.

4 ـ ملاحظة لا يمكنها ان تكون بريئة وهي ان السلطات النازية كانت تصادر وتحرق كتب سبينوزا واينشتاين في المانيا وتسمح باعادة طبع كتاب هرتزل “الدولة اليهودية”.

5 ـ ملاحظة لا تقل عن سابقتها إثارة للشكوك وهي منح السلطات النازية للثري الصهيوني مندلسون لقب “مواطن آري بمرتبة الشرف”. في الوقت الذي كان يساق فيه آلاف اليهود الفقراء الى

المعتقلات(5).

وبناءً على هذه المشاهدات يؤكد نائب الكنيست السابق “يوري افيندي” بأن اهتمام الحركة الصهيونية، وقت وقوع المحرقة، لم يكن موجهاً الى اليهود علىالاطلاق. بل هو كان موجهاً الى اقامة دولة يهودية في فلسطين

4 ـ بن هيكت ـ الخيانة

في كتابه الذي يحمل عنوان “الخيانة” يقول بن هيكت بأن مئات الالوف من اليهود كانوا يجمعون في الغيتوات تمهيداً لارسالهم الى معسكرات الاعتقال. دون ان يعرفوا المصير الذي ينتظرهم. ولم تكن الصهيونية لتهتم الا بنخبة مختارة من اليهود. وحين كانت تفشل في ادخال هؤلاء المختارين الى فلسطين فانها كانت تحكم عليهم بالموت دون تردد. ثم تقوم بشن الحملات الاعلامية الضخمة للاتجار بدماء ضحاياها!. ويعطي بن هيكت مثالاً على ذلك ما حدث للباخرة “باتريا” عام 1942 التي وصلت الى ميناء حيفا وعلى متنها المئات من المهاجرين اليهود. لكن السلطات البريطانية رفضت السماح لهم بالنزول الى ميناء حيفا وعرضت عليهم التوجه الى مدغشقر. وعندها قام الصهاينة بنسف الباخرة بمن فيها. واعقبوا هذه الجريمة بحملة دعائية واسعة إدعت بأن ركاب الباخرة قد نفذوا انتحاراً جماعياً لتفضيلهم الموت على مفارقة الوطن(انظر اسطورة الماسادا). ويقول بن هيكت ان الصهاينة كرروا الفعلة نفسها بالباخرة “سترومي”

5 ـ الباخرة شترن

نشرت مجلة شترن (Stern) الالمانية سلسلة وثائق فضائحية تكشف محاولات الصهاينة للتعاون مع النازية. وتتعلق احدى هذه الوثائق باسحق شامير (رئيس وزراء اسرائيل السابق ورئيس منظمة ارغون الارهابية في حينه). اذ قام شامير باجراء اتصالات سرية مع النازيين عبر الملحق البحري في سفارة المانيا بتركيا. وقدم عرضاً مفاده ان اهداف ارغون تتفق مع الاهداف النازية لجهة اجلاء اليهود عن اوروبا تمهيداً لاقامة نظام اوروبي جديد. وهذا الاجلاء لا يمكنه ان يتم الا عن طريق تهجير اليهود الى فلسطين. وهكذا فإن هذا الهدف المشترك يمكنه ان يؤسس لتعاون مشترك بين الصهيونية والنازية. ويمكن ضمان استمرار هذا التعاون بعد قيام الدولة اليهودية عن طريق معاهدة بين الطرفين تؤمن المصالح الالمانية في الشرق الاوسط. وفي حال الموافقة فان منظمة ارغون مستعدة للاشتراك في العمليات الحربية الى جانب المانيا...

واذا كنا بصد الحديث عن معاداة السامية فهل يحق للصهيونية بعد كل هذا مجرد الادعاء بأنها تحمي اليهود من معاداة اليهود؟ وها هي الوثائق تتراكم حول وجود تعاون وثيق ما بين قادة الحركة الصهيونية وبين المخابرات النازية والفاشية الايطالية؟. وهل يجوز الصاق تهمة “لا سامية الأنا” أو “اليهودي كاره نفسه” بفينكلشتاين لمجرد انه يقرف من المتاجرة بعواطف والديه وعذاباتهما؟ وهل يصبح نوفيك كذلك لانه يحذر اسرائيل من استغلالها الهستيري، غير السوي، للهولوكوست؟. وهل يعتقد رودولف فربا بأن اغتيال كستنر في اسرائيل العام 1957 كان بسبب خيانته؟

لو شك فربا بهذا الامر مجرد شك فاننا نحيله الى الكاتب الالماني “غوليس مادير” ليطلعه على قائمة تقع في 16 صفحة تضم اسماء الزعماء الصهاينة المتعاونين مع الغستابو منهم على سبيل المثال: حاييم وايزمان وموشي شاريت ودافيد بن غوريون واسحق شامير...الخ. فهل بقي من زعماء الصهاينة من يستطيع الادعاء بأنه ليس يهودياً يكره نفسه؟!

الهوامش والمراجع

1 ـ Bryan Appleyard:Stop, in the name of the

Holocaust. In the Sunday times 10/6/2000

2 ـ Fisch Robert: Alexythymia, masked Depression and

Loss in a Holocaust survivor,in British journal of psychiatry,154(1989)

Reflections of the Explatation of Jewish

3 ـ Finklestein Norman: the Holocaust Industry:

Syffering, verso Books, New york 2000 .

4 ـ Novick Peter: The Holocaust in American life.

5 ـ هذه الملاحظات حول علاقات الصهيونية بالنازية باتت مؤكدة بالوثائق. ويتكرر ذكرها في اغلب المراجع الحديثة التي تتناول تلك الفترة. ولعل المرخ العربي وليد الخالدي هو اقرب هذه المراجع واسهلها بالنسبة الى القاريء العربي.

مهما يكن فإن الباحث يرى تضافر عدة عوامل معيقة أدت إلى الفشل الإسرائيلي في مجال الحرب النفسية في إسرائيل ، واهم هذه العوائق يكمن في المجال الفلسفي .
يشكل مصطلح hasbara نظره إلى الأعماق الدفينة للنفسية الإسرائيلية ، وهو يحجب في داخله معضلة لا يمكن حلها : شعب سيقيم لوحده ولا يهتم بالأغيار ، وبين الرغبة الإسرائيلية التي لا تكل ولا تمل في بذل الجهد للحصول على ود العالم .

وبدون الفصل في ما إذا كان لهذه الرؤية ما يدعمها أم لا ، فهي لا تساعد في موضوع

الدعاية وتطبيقها العسكري ، أي الحرب النفسية .

إن الاتهام بالعداء للسامية يخلق كما يرى المؤلف حالة سلبية وانعداما للرغبة في جهود التوظيف ، وبما أنه قد تم الاعتياد على هذا الأمر ، فإنه لا يمكن الإتيان بأي فعل ضد العداء للسامية مهما صغر .

وبالإضافة إلى تلك المفاهيم ، هناك حساسية مختلفة بكل ما يرتبط بالدعاية بمفهومها السلبي ، مثل دعاية إثارة الرعب ، والتي لا يمكن شرحها فقط من خلال الكارثة اليهودية .
والحديث يدور هنا حسب رأي المؤلف عن اشمئزاز حقيق في أوساط الجمهور الإسرائيلي ، وهو اشمئزاز موجود أيضا في الدول الغربية ، وهذا هو السبب في عدم استخدام الدعاية إلا في أوقات الحرب ، وحتى في هذه الحالة بشكل محدود جدا .

فشل آخر ينبع من طبيعة الصراع الذي يدور بين دولة مؤسسة وبين تنظيم سياسي عسكري ، فالدعاية والحرب النفسية تتطلبان حركية إعلامية والكثير من الإبداع ، ومن السهل جدا على التنظيم السياسي أن يتبنى استراتيجيات دعائية وأن يغير الاتجاه كلما تطلب الأمر ، بينما تعمل الدولة المبنية على أسس معين بشكل أبطأ بكثير .

وهناك سبب آخر للفشل الإسرائيلي ، ينبع من مبدأ أساسي في الحرب الثورية وهو استغلال عنصر التعاطف الإنساني مع الضعيف ، وقد استطاع الاستيطان اليهودي أن يتقن الاستفادة من هذا المبدأ خلال النضال ضد الإمبراطورية البريطانية ، ولكن منذ أن حصلت إسرائيل

على استقلالها أهمل هذا المبدأ بالتدريج

خطوات عملية

في هذا القسم يتناول المؤلف مبادئ العمل على تعويض ما إعتبره فشلاً في الحرب النفسية الإسرائيلية عبر اقتراح سيرورة متكاملة لإعادة التنظيم ( Reorganisation ) لكن قبل ذلك لا بد من الإشارة إلى عدد من المبادئ الهامة التي يجب أن تنفذ في إطار الهيئات التي شكلت جزءا من التنظيم العام ، وهي :
1- الإلمام بموضوع الحرب النفسية وجمع المعلومات.
2- تحديد الرسائل الأساسية.
3- الانتقال إلى البصري.
4- كشف المعلومات وجمعها.
5- التنسيق والربط.
وهذه الخطوات هي خطوات بعيدة الأثر ، فمنذ اللحظة التي يبدأ فيها الاعتراف بأهمية موضوع المعلومات في الحرب ، فإنه سيكون من الممكن توجيه الجهد لصياغة الرسائل وإعدادها بشكل بصري .
وبعد أن تم عرض المبادئ الأساسية يمكن الانتقال لنماذج العمل ، ويقسم المؤلف العمل بين المستوى الحكومي والمستوى العسكري باقتراح خيارين : الأول خطة إستراتيجية ، والثاني تطوير الوضع بشكل بسيط .
الخطة الإستراتيجية توصي بإقامة مجلس معلومات استراتيجي يكون بمثابة هيئة عليا يتمحور عملها في معالجة الموضوع والتنسيق بين كل الجهات المشتغلة ، وتقديم الخدمات للحكومة في مواضيع المعلومات الإستراتيجية ، والإمكانية الثانية هي إقامة لجنة متابعة تتمتع بصلاحيات وبموارد مناسبة تمكنها من تقديم خدمات مناسبة لرئيس الحكومة وللجنة رؤساء الأجهزة .
وفيما يلي الخطوات العملية حسب الخيار المثالي كما يراه شليفر:
-
لجنة الرسائل ، مهمتها صياغة الرسائل المركزية التي تريد إسرائيل نقلها لأوساط الجماهير المختلفة .
-
جمع المعلومات النفسية ، ومهمته جمع المعلومات الثقافية والانتروبولوجية والتاريخية والاجتماعية النفسية .
-
الاستخبارات العسكرية (أمان) والأمن الداخلي ( الشاباك ) والموساد .
-
تأثيرات دعائية ، ومن مهام مجلس المعلومات الاستراتيجي تنسيق التشاور على المستويات العليا بين مقرري السياسة .
-
تنسيق العلاقات مع يهود الشتات .
إن تعريف الجيش الإسرائيلي القديم للحرب النفسية يقول إنها مجال ثانوي لحرب الاستخبارات ، أما التعريف الحديث الذي يعطيه الجيش الإسرائيلي للحرب النفسية فهو أنها الحرب التي يستخدمون فيها الدعاية من أجل التأثير على أشخاص بين أوساط العدو .
إن هذا التعريف مفيد لكونه ينظر إلى عملية التأثير بتفاصيل مختلفة ، مثل تقويض الثقة بالنصر ، أما الإخفاق الأساسي لهذا التعريف فيتمثل في استخدامه مصطلحا ضبابيا ومشحونا مثل دعاية taamola من اجل إيضاح فكرة معقدة مثل الحرب النفسية .
لذلك يجب وضع نظرية حرب مفصلة ، مثلما هو الأمر بالنسبة لحرب سلاح المدرعات أو سلاح الجو ، من أجل دمج الحرب النفسية مع كل الأذرع الحربية.


الخلاصة


استعرض المؤلف في هذه الدراسة المشاكل البنيوية للحرب النفسية في إسرائيل والطرق الممكنة لحلها ، وأتضح له أن أساس المشكلة هو مفاهيمي. وينبع من النفور اليهودي والديمقراطي من موضوع الدعاية .

ويقترح المؤلف إطارين تنظيميين ويشرح القضايا التي تجب معالجتها ، مثل البحث الثقافي ، والتعاون الاستخباراتي ، وتأهيل العنصر البشري المناسب .

ولكن يجب بالدرجة الأولى المرور بانقلاب مفاهيمي ، فقد تغير شكل الحرب النفسية منذ حرب الخليج .بل أن إنقلاباً شاملاً حدث لهذه المفاهيم بعد الحرب العراقية. لذلك نجد أن هذه الدراسة وشبيهاتها تهمل الأساس المفاهيمي لوجود الكيان الإسرائيلي. حيث يتفق المستقبليون على تصنيف إسرائيل في خانة الكيان المزروع في محيط معاد. حيث يشير الاستقراء التاريخي إلى ثلاثة احتمالات مستقبلية لهذا الكيان هي:

أ أن تحتوي البيئة هذا الكيان الجديد وتصهره كي يصبح جزءاً منها. وذلك على غرار ما جرى للآريين الذين استعمروا الهند.

ب ان يندمج الغزاة مع الشعوب المحلية. على غرار ماجرى في أميركا اللاتينية مثلاً.

ج أن يملك الغزاة قدرة الانفتاح وأن يتمكنوا من إغراء الشعوب المحلية لإقامة مشروع سوسيو انثروبولوجي مشترك.

ويبقى احتمال رابع هو " التذويب ". وهو حل يستبعده المستقبليون لسبب ديموغرافي. فاعداد اليهود غير كافية لتذويب الشعوب الأصلية على غرار ما فعله الاريون مع الهنود الحمر.

بعد هذا الاتفاق يبدأ خلاف المستقبليين في تحليلاتهم لمستقبل إسرائيل. إذ يربط بعضهم زوالها بأزمة أميركية قادمة. في حيـن يذهب بعضهم الآخر إلى احتساب متوسط أعمار الاحتلالات التي شهدتها فلسطين التاريخية مع نزع صفة المستعمر عن العثمانيين الذين حكموا المنطقة من داخل ثقافتها. كما أن تياراً آخر يؤكد على انبعاث الفاشية بعد جيلين على اختفائها. وهذا يعني عودتها حوالي عام 2020 ويرى هذا التيار أن اليهود سيكونون أوائل المتضررين من هذا الانبعاث.

Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق