Facebook

وائل قنديل يكتب .. مبارك لا يزال فوق القانون



الرجل يأبى إلا أن يعاند ويتفرعن حتى وهو في قمة انهياره
الرجل يأبى إلا أن يعاند ويتفرعن حتى وهو في قمة انهياره
 
نهين الثورة، وننسف كل القيم المحترمة، ونهدر الجوانب الأخلاقية لو أننا استسلمنا لمنطق الرئيس المخلوع، وطلبه العفو والسماح عما جرى من جرائم في حق المصريين على يديه.

إن الرئيس المخلوع مسئول مسئولية مباشرة عن قتل أكثر من 850 مواطنا استشهدوا في أحداث الثورة لكي يبقى جالسا فوق عرشه، وهو أيضا مارس الكذب والتضليل حين خرج على شاشة قناة العربية ليجزم بأنه لا يملك أموالا في الخارج، بل إنه تجاسر وهدّد وتوعّد من اعتبرهم يشوهون سمعته هو وعائلته، وما هي إلا أيام قلائل حتى كشفت سويسرا عن أرصدته هو وعائلته ورجاله المقربين في بنوكها، وأرسلت قائمة بها للحكومة المصرية.

إن الرجل يأبى إلا أن يعاند ويتفرعن حتى وهو في قمة انهياره، وحسب المعلومات المذهلة التي نشرتها الزميلتان دينا عزت وسنية محمود في "الشروق" أمس فإن مبارك الذي يعتزم طلب العفو، وكأن شيئا لم يكن، لا يزال يرى أنه جدير بأن يكون فوق القانون والمحاسبة والعقاب، بدليل أن الخطاب الذي قيل إن إعلاميا كبيرا يعكف على صياغته يتضمن أنه "يعتذر عما يكون قد بدر منه من إساءة لأبناء الوطن" وضع تحت كلمة "قد" ألف خط وخط؛ لأنها في اللغة تعني عدم الإقرار بارتكاب الفعل.

لكن الأخطر أن هذه الصيغة تفتقد إلى معاني الشهامة وفضيلة تحمّل المسئولية لكونه يُلقي بالمسئولية على مستشارين ضللوه بمعلومات خاطئة، أي أنه يريد أن يضحّي بالجميع لكي ينجو هو وزوجته وولداه.

وظني أنها مناورة أخرى ومحاولة جديدة لابتزاز المصريين عاطفيا، واللعب على وتر المشاعر، وهو ما جرّبه المصريون معه قبيل موقعة الجمل، حين خرج علينا في ثياب الأخيار الطيبين، وتهدّج صوته وتحشرج وهو يقول إنه يريد أن يموت ويدفن في تراب مصر، وفي الصباح كانت قواته تقتل وتنكل بأبناء مصر في ميدان التحرير.. وأحسب أنه كلما أمعن مبارك في الاستعطاف ودغدغة المشاعر علينا أن نتوجّس خيفة من خطر محدق وجريمة جديدة، حسب خبرتنا معه في أحداث الثورة.

وإذا كان البعض يتحمّس كثيرا للحل التصالحي، ويروّج له فهذا يعني أن من بيننا من يرون في الثورة مجرد موقف عابر، ويهدرون كل القيم والمبادئ الرائعة التي قامت من أجلها الثورة، وأول وأهم هذه المبادئ أنها قامت لبناء دولة القانون، والمعنى الوحيد للحلول العرفية والصفقات التصالحية أننا ندوس على القانون بالأقدام، ونتجاهل دماء طاهرة سالت على أرض مصر بتعليمات من الرئيس المخلوع.

لكن المثير للفزع -إن صحت الأنباء الخاصة بهذه الصفقة- أنها تؤشر إلى تحوّل خطير في طريقة تعاملنا مع الثورة، وتفجّر غضبا أعنف بكثير من أن تحتمله مليونية جديدة أو حتى تريليونية!

إن التفاوض وإعمال منطق الصفقات و"الطرمخة" لا يكون على الدم، وما بين مبارك والشعب المصري دماء غزيرة سالت، وبيوت تهدمت، وقلوب تصدعت؛ حزنا على أنبل ما في المصريين.

وعلى أصحاب القلوب الرحيمة من السادة التصالحيين التوافقيين أن يقولوا لنا رأيهم في إطلاق الرصاص الحي على متظاهرين ضد سفارة العدو الصهيوني، وجرى اعتقالهم بالمئات بمنتهى الغلظة.. من يستحق العفو أكثر؟


Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق