Facebook

الولايات العـربية الفاشـلة .. المركز العربي للدراسات المستقبلية


هنالك تصنيف أممي سنوي للدول الفاشلة وفي هذا الجدول تحظى العديد من الدول العربية بدرجات فشل كارثية. مع استثناء الدول العربية الغنية اي النفطية بما فيها ليبيا ومع ادراج الدول العربية غير المتعاونة مع الرؤية الامريكية لاعادة ترتيب وربما تركيب الشرق الاوسط حيث يتصدر الاردن هذه الدول لممانعته قبول دور الدولة البديلة للفلسطينيين ومع الاردن دول الممانعة بدرجاتها المتفاوتة.






لعله من الاهمية بمكان الاشارة الى ان اي حاكم في العالم لايستطيع تحويل بلده لدولة فاشلة بدون مساعدة خارجية وبالطبع امريكية على وجه الخصوص. وتتلخص الاحجية بان الحكام الباحثين عن تحصين مواقعهم في الحكم يتعاونون بسهولة لادخال بلادهم في خانة الدول الفاشلة. من جهتها ترحب واشنطن بل وتشجع هذا التحول وتقدم الخطط والاساليب الآيلة لإفشال الدولة المقصودة. ومن هذه المخططات نذكر اشهرها:






Mohammad el Naboulsi1 – السفاحون الاقتصاديون: هم من التقنيين التابعين للمخابرات الذين يلعبون دور “السفاح الاقتصادي” عن طريق اقناع الحكام والمسؤولين بالاستدانة لتنفيذ مشاريع متضخمة في بلادهم. ولكن بشرط ان تكون هذه المشاريع عاجزة عن تسديد الديون اللازمة لانشائها. وذلك في مقابل عمولات ضخمة ومتسعة توصل الفساد الى اصغر الموظفين المعنيين. وبهذا يتحول عجز الدولة عن سداد مديونيتها وتورط مسؤوليها بالفساد الى خضوع كامل لاوامر الدول المدينة او المانحة للمساعدات كما في حالة مصر وتونس مثالاً. (راجع المديونية اللبنانية والمشاريع التي صرفت عليها الاموال). وللتعمق انظر عرض كتاب “السفاحون الاقتصاديون على موقع المركز العربي للدراسات المستقبلية او على الرابط التالي: http://www.asharqalarabi.org.uk/markaz/m_kutob-i-s.htm






2 – المساعدات الخادعة: وهي تقدم للدول غير المالكة للثروات الطبيعية (مثل النفط واليورانيوم والفوسفات وغيرها…الخ) الجالبة لمصاصي الدماء من السفاحين الاقتصاديين. والمراجعة الدقيقة لهذه المساعدات تبين اشتراطها شراء مواد معينة من الدولة المانحة باسعار مبالغة مقرونة بشروط لصرف المساعدات ما يجعل من هذه المساعدات بعيدة بحزم عن اية جهود حقيقية للتنمية. ومع ادمان الدول للمساعدات تصبح خاضعة لاوامر المانحين ومجبرة على تنفيذ سياساتهم. حيث تمثل مصر مبارك المثال الاوقح.






3 – الحصار الاقتصادي للدول: وهي سياسة برهنت انعدام فعاليتها الاستراتيجية محتفظة بقدرتها على الخنق الاقتصادي متعدد الدرجات. وهو بلغ اقصى درجاته خلال حصار العراق وبقي في درجاته المتوسطة على سوريا لغاية القرارات الاطلسية الاخيرة لتصعيد وتشديد الحصار. وترتبط فعالية هذا الاسلوب في افشال الدول ذات الحكام غير المتعاونين بالسياسة الاقتصادية لهذه الدول كما بحجم قدراتها الذاتية.






4 – الإتاوات الاقتصادية: كانت هذه الاتاوات مهذبة نسبياً قبل الازمة الاقتصادية الامريكية العام 2008 لكنها تحولت الى الوقاحة المباشرة عقب هذه الازمة بعد ان كشف اللثام عنها علانية عقب حوادث 11 سبتمبر 2001 حتى باتت هذه الاتاوات تدفع من قبل الدول العربية الغنية تحت طائلة التهديد واصطناع الاعداء والتهديد بالتحالف معهم. وذلك على حساب الحاجات التنموية الداخلية الملحة.






هكذا تحول حلم الوحدة العربية والولايات المتحدة العربية الى واقع كارثي هو “الولايات العربية الفاشلة” حيث الفشل يشمل كل الدول العربية ويحولها الى مجرد ولاية لا ترقى لمستوى الدولة بسبب ضغوط التحكم الخارجي في سياساتها وفي داخلها على حد سواء.






اساليب التعامل مع الشعوب العربية المقهورة






امام واقع الفشل السياسي للنظام العربي تتصرف كل دولة مع شعبها وفق ظروفها الخاصة بغاية اسكاته وتغييبه عن وقائع التدخل الاجنبي بل التحكم بالبلاد ومقدراتها بما يساوي استعمارها على الطريقة المعاصرة. وتشير المتابعة لاعتماد الدول العربية لواحد او اكثر من الاساليب التالية لامتصاص نقمة شعوبها:






1 – رشـوة المواطنين: وضع المال في جيوب المواطنين هو اسلوب تمارسه الدول القادرة مالياًَ فتلجأ الى الهبات والعطايا في الازمات. وهو اسلوب رشوة يجعل المواطن شريكاً في الرشاوى الكبرى وفي الفساد القائم وراءها.






2 – الغرائز بدل الغذاء: هو اسلوب اطلقه رئيس رومانيا السابق نيكولاي تشاوشيسكو حين حول انتاج رومانيا الزراعي والحيواني للتصدير وترك مواطنيه جوعى. في المقابل أثار لديهم الشوفينية طالباً تضحيتهم لمواجهة التدخل السوفياتي في وطنهم. فكانت هذه الغريزة الشوفينية هي التي أودت بتشاوشيسكو ونظامه. ونسخ حسني مبارك نهج تشاوشيسكو لغاية اعلانه الحرب الكروية ضد الجزائر. في حينه جند الاعلام المصري وفنانو ومثقفو واعلاميو مصر ومعهم جميعهم جمال حسني مبارك لاعلان العداء المصري للجزائر بسبب مباراة كرة قدم!!!. ليتبين بعدها ان الموقف المصري لم يكن خاطئاً فقط بل كان كاذباً بالمطلق. وهذا مجرد مثال على الشوفينية التي نشرها مبارك بشتى الطرق المتاحة لاخراج مصر من عروبتها. وهي الشوفينية نفسها التي اقتلعت حسني مبارك من الحكم.






3 – الخلط بين الحقوق والغرائز: في الدول العربية المتعرضة لحصار يستوجب الامر وقفة مراجعة لظروف الحصار العراقي وانعكاساته الكارثية على الشعب العراقي. ومنها وحشية الامم المتحدة “النفط مقابل الغذاء”. وهي وحشية في طريقها للتحول الى التطبيق الشامل على دول المنطقة. وفي هذه الدول المحاصرة ،واهمها راهناً سوريا، يجب التفريق بين المطالبة بالحقوق والغذاء منها وبين الغرائز التي تثيرها المخابرات الاطلسية لتنجز مهمتها في الصراع مع سوريا.






المنظمات الاقليمية الجامعة






في طليعة هذه المنظمات تأتي جامعة الدول العربية التي ودعها امين عامها السابق عمرو موسى باستصدار قرار يمنح حلف الاطلسي حق التدخل في الصراع الليبي ما أدى لوقوع 50 الف قتيل ليبي لا جدال بان 70% منهم قتلوا بنيران اطلسية. كل ذلك طمعاً بالوصول الى رئاسة مصر عن طريق الحصول على الرضى الامريكي. ثم يأتي الامين العام المصري الجديد للجامعة كي يظهر ضعفاَ وانقياداً في منظمة ادمنت الانقسام النصفي منذ تأسيسها. وبالتالي فهي لا تحتمل انصياع امينها العام لاحد الطرفين لغاية تحوله الى طرف في الصراع. والسؤال مطروح على الجامعة والمنظمات العربية الجامعة والاقليمية هل يمكن لهذه المنظمات اخراج دولة عربية ما من فشلها؟. ماذا يمكن تقديمه لمصر بوجود غزة المحاصرة والسودان المقسم وليبيا المضطربة على حدودها. وهل يمكن لاي سياسي مصري ان يشارك في احكام الخناق الجغرافي السياسي على بلاده ولو بثمن وصوله الى كرسي الرئاسة؟!…






لا نذيع سراً لو قلنا ان جامعة الولايات الفاشلة هي منظمة فاشلة حكماً وان هذه المنظمة فاقدة لفعاليتها وشرعيتها منذ تنحيها عن الوساطة بين العراق والكويت لتحقيق انسحاب عراقي بدون تهديد استقرار المنطقة بحرب عالمية شاركت فيها ثلاثين دولة ولا تزال المنطقة تدفع ثمنها حتى اليوم؟. وماذا عن دور الجامعة في موضوع اليورانيوم الخامد والظروف اللاانسانية للمواطن العراقي تحت احتلال؟… هي اسئلة لا تنتهي.






يخطيئ كثيراً من يحاول الصاق مواقفنا هذه براهن التحركات العربية وبزيارة الامين العام نبيل العربي لسوريا. فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد افتتحنا مؤتمر “عام على احتلال العراق” العام 2004 باعلان وفاة الجامعة العربية ونهايتها لغيابها عن معاناة ذلك العام الاول من الاحتلال.






الاهم ان يدرك الجميع ان الحكام عابرون كونهم بشر ذوي مدة صلاحية محددة والبقاء للشعوب وللبلاد التي يجب فصل مستقبلها وآفاقها عن غرائز الانتقام من شخص او من جماعة. فالحقوق الشعبية لها قدسيتها ولكنها لا تبرر المقامرة باستقرار البلاد ومستقبلها. ونقصد هنا تحديداً مصر التي يتدخل كل المارقون لاستلاب انجاز ثورتها واعادتها الى حظيرة واشنطن وعربها بقيادة من يبدو اكثر سوءاً من مبارك نفسه.






د محمد احمد النابلسي






رئيس المركز العربي للدراسات المستقبلية
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق