Facebook

ملحمة التحرير




لم تكد تمر سوى شهور قليلة على هزيمة يونيو واحتلال سيناء في 1967 ، وإلا وفوجئت إسرائيل في 1968 بانطلاق حرب الاستنزاف التي نقلت الاستراتيجية العسكرية المصرية من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع ، وتستمر مشاهد البطولة حتى السادس من أكتوبر عام 1973 ، عندما بدأ العبور العظيم وتجلت أعظم ملاحم الشجاعة والفداء في حرب خاضتها مصر كلها قلبا وقالبا فى مواجهة إسرائيل ، وتزلزل الكيان الصهيوني وقضت مصر علي أسطورة الجيش الذي لا يقهر باقتحامها لقناة السويس أكبر مانع مائي واجتياحها لكامل نقاط خط بارليف‏ وسيطرتها خلال ساعات قليلة علي الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها‏ ثم إدارتها لقتال شرس في عمق الضفة الشرقية وعلى الضفة الغربية للقناة‏ .‏

وسارعت أمريكا لإنقاذ حليفتها إسرائيل وتدخل مجلس الأمن الدولى لإنهاء المعارك ، وتوقف القتال تماما يوم ‏28‏ أكتوبر ‏1973 بعدما أدركت إسرائيل أنها خسرت المعركة وأن الجيش المصري متمسك بمواقعه التي حررها من إسرائيل ووافق الكيان الصهيوني على قبول وقف إطلاق النار والدخول فورا في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات‏‏ لتبدأ مراحل المفاوضات من خيمة الأمم المتحدة في الكيلو‏101‏ طريق القاهرة ـ السويس‏ وهي المسيرة التى استمرت حتى التحرير الكامل للأرض .


شهدت عملية الانسحاب من سيناء ثلاث مراحل أساسية‏ ، وكانت المرحلة الأولي النتيجة العملية المباشرة للحرب‏‏ وانتهت في عام‏1975‏ بتحرير‏8000‏ كم‏ مربع‏ وقد تم خلال هذه المرحلة استرداد منطقة المضايق الإستراتيجية وحقول البترول الغنية علي الساحل الشرقي لخليج السويس‏.

‏ ثم نفذت المرحلتان الثانية والثالثة في إطار معاهدة السلام‏(1979‏ ـ‏1982) وتضمنت المرحلة الثانية انسحابا كاملا من خط العريش‏ - رأس محمد‏ والتي انتهت في يناير‏1980 وتم خلالها تحرير‏32000‏ كم‏ مربع‏ من سيناء ليصبح إجمالي الأراضي المحررة‏40000‏ كم‏ مربع‏ وتمثل ثلثي مساحة سيناء‏

أما المرحلة الثالثة والأخيرة‏‏ ، فقد أتمت خلالها إسرائيل الانسحاب إلي خط الحدود الدولية الشرقية لمصر‏‏ وتحرير‏21000‏ كم‏‏ مربع من سيناء ، وكان هذا في يوم ‏25‏ إبريل‏1982‏ حيث تم تحرير كل شبر من سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا في مشكلة طابا التي أوجدتها إسرائيل في آخر أيام انسحابها من سيناء‏ وقام الرئيس حسني مبارك فى 25 إبريل عام 1982 برفع العلم المصري فوق سيناء بعد استعادتها من المحتل الإسرائيلي.

وقد استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير طابا سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المكثف‏ وانتهت باسترداد الشبر الأخير من أرض سيناء‏,‏ ورفع عليه الرئيس مبارك علم مصر في مارس‏1989‏ بعد إزالة الوجود الإسرائيلي من المنطقة‏ ، لتكتمل مسيرة نضال شعب دامت خمسة عشر عاما‏.‏

ذكرى غالية

الرئيس السادات صاحب قرار الحرب والسلام
تخليدا لتلك الفترة ، تقرر أن يكون 25 إبريل من كل عام عطلة رسمية تقام خلالها احتفالات كبيرة بذكرى اندحار الاحتلال عن كامل التراب الوطنى في أرض الفيروز ، وتبدأ مع قيام الرئيس حسني مبارك بوضع إكليل من الزهور علي النصب التذكاري للجندي المجهول وعلي قبر الرئيس الراحل محمد أنور السادات وقراءة الفاتحة ترحما علي أرواح الشهداء ، ثم يوجه الرئيس مبارك بعد ذلك كلمة للشعب المصرى في هذه المناسبة الغالية .

وفي مجمل خطاباته ، يدعو الرئيس مبارك شباب مصر إلى الاقتداء بالجيل العظيم الذي حرر سيناء بالحرب والسلام وتحمل مسئولية الحفاظ على ما تحقق من إنجازات ومكتسبات على طريق التنمية والبناء والتعمير ، كما يدعو الشباب إلى المشاركة في المسيرة المستمرة للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي أكثر من أي وقت مضى لأن هذه المسيرة هي السبيل للوصول إلى المستقبل ومنهج مصر لتحديث وتطوير المجتمع .

ويقول أيضا :" إن تحرير سيناء كان علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث فكان نهاية لمرحلة وبداية لمرحلة جديدة، فقد طوى تحرير سيناء مرحلة حزينة أعقبت هزيمة عام 1967 وشهدت إغلاق قناة السويس وتدمير مدنها وترحيل أبنائها ، كما شهدت العديد من التضحيات التي قدمها جيل بأكمله من شعب مصر وقف إلى جانب قواته المسلحة عبر حرب استنزاف طويلة وحرب تحرير بطولية من أجل استرداد أرضنا المغتصبة وإنهاء الاحتلال واستعادة شرف الوطن وكرامته".

ويشدد على أن تحرير سيناء تحقق بقرارين حاسمين في تاريخ مصر المعاصر على طريقي الحرب والسلام تحملت مسئوليته القيادة السياسية بثقة وشجاعة في مرحلة مفصلية ودقيقة في تاريخ الوطن وتلاقت حولهما الإرادة والمساندة الشعبية .

ويستطرد قائلا :" إن تحرير سيناء كان ثمرة لقرار الحرب التي خضناها في أكتوبر 1973 على خلاف كل التوقعات وحملات التشكيك، في وقت ظن فيه العالم أن مصر قد استسلمت للأمر الواقع وأن قواتها المسلحة لن تقوم لها قائمة وأن قيادتها لم تجرؤ على اتخاذ قرار العبور بتحرير سيناء، وجاء قرار الحرب الذي اتخذه الرئيس الراحل أنور السادات ليفاجئ الجميع ويقلب كل الموازين وحققت القوات المسلحة نصر أكتوبر المجيد .
الرئيس مبارك خلال الاحتفالات

كما كان تحرير سيناء ثمرة لمبادرة السلام التي طرحها الرئيس السادات في قرار لا يقل حسما وشجاعة عن قرار الحرب اتخذه رغم إدراكه بما يكتنفه من محاذير وتمسك به بالرغم ما آثره من اعتراضات ومهاترات وجاءت هذه الخطوة لتضع معادلة جديدة من النزاع العربي ـ الإسرائيلي ولمجمل الوضع في الشرق الأوسط وليفتح الباب أمام تحقيق السلام العادل والشامل والدائم دون التنازل عن أرض مصر أو التفريط في ثوابت مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية.

ويضيف الرئيس مبارك أن الملحمة الوطنية من أجل تحرير سيناء لم تتوقف عند قراري الحرب والسلام فاكتمال تحريرها لم يمض في يسر دونما مشاكل بعد الرحيل المفاجئ للرئيس السادات فكان هناك من يشكك في مستقبل الاستقرار في مصر وكانت هناك مساومات تحاول ربط استكمال الانسحاب من سيناء بموافقة مصر على التنازل عن طابا، مشيرا إلى أن الخيارات كانت صعبة وكان التوقيت حرجا وحاسما.

ويشدد في هذا الصدد على رفضه عند تولي المسئولية أي مساومة على طابا والتمسك بسيادة مصر على كامل ترابها الوطني في سيناء من دون نقصان, قائلا :" إنه كما كسبنا معركة الحرب والسلام، كان لي شرف رفع العلم المصري فوق طابا بعد تفاوض سياسي وقانوني طويل وشاق استمر حتى عام 1989 أسفر عن استعادة طابا كجزء لا يتجزأ من سيناء والوطن".

ويمكن القول ، إن ماحدث في 5 يونيو 1967 لن يتكرر بأي حال من الأحوال لأن مصر اليوم ليست هي التي كانت عليه في تلك الفترة ، بالإضافة إلى أن تطوير القوات المسلحة المصرية بات هو الشغل الشاغل للقيادة السياسية لردع كل من تسول له نفسه التجرؤ على أرض الكنانة .
Share on Google Plus

About Unknown

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق

أضف تعليق